تأليف:رضا الهجرسي
مسرحية من فصل واحد
المهرج العجوز
يفتح الستار ..
نري ديكور لبلاط ملك ..
رجل وإمرأة جالسين على كرسيين مزركشين ( الملك والملكة ) ، على يمين المسرح يقف رجل ( تخطي الخمسون عاما) يلبس ملابس فاخرة ( الوزير ) ، أمام الملك والملكة يقف رجل طاعن فى السن تعدى السبعين عاماً يرتدى ملابس مهرج له ذقن طويلة بيضاء يرقص فى حركات بطيئة يرفع يديه لأعلى ويهزها فى حركات راقصة مع هز وسطه وهو يقف مكانه لا يتحرك و يلف من حوله مهرج شاب بملابس المهرجين فى نشاط وحيوية ..
المهرج العجوز يقف فجأة ويمسك جنبه فى ألم وتظهرعليه علامات الأعياء ثم يعود للرقص مرة أخرى ثم يعود ويمسك ركبتيه فى ألم للحظات ثم يعود للرقص مرة أخرى ومازال المهرج الشاب يرقص فى حيوية ونشاط ويلف حوله وحول الوزير وأمام الملك والملكة ..
في حركات مضحكة ..
ثم يتجه ناحية الوزير ويلف حوله وهو يكلمه ويهمس له ، الملك والملكة يتحدثون سوياً وهمسا .
المهرج الشاب : وقع فى إيدى عدة موبايل لسه نازلة فيها نغمات
منزلتش قبل كده.
( يخرج عدة موبايل من بين ملابسه يريها للوزير )
المهرج الشاب :أنا قلت العدة دي إتخلقت ونزلت مخصوص لوزيرنا
المحبوب اللى الشعب كله بيحبه وعايز يديله عنيه
( يبتسم الوزير ويتناول العدة ويقلبها ويتفحصها )
الوزير : عدة حلوة فعلا بكام ؟
المهرج الشاب : ده كلام ياوزيرنا ياسكرة ده هدية والنبى قبل الهدية
( فى تقوى )
الوزير : عليه الصلاة والسلام وده خط ولا كارت
( يضرب المهرج الشاب رأسه بيده )
المهرج الشاب : أخ نسيت أحط فيه كارت
( يخرج موبايل من جيبه ويخرج الكارت ويعطيه للوزير )
( فى خبث وغيظ ويبكى المهرج الشاب)
المهرج الشاب : ده الكارت بتاعى
الوزير : فيه رصيد
المهرج الشاب : فيه ، المهم وزيرنا وتاج راسنا افتكرنى فى الموضوع
اللى كلمته فيه
( وهو يقلب الموبايل )
الوزير : متقلقش هتتعين المهرج الأول مكان المهرج العجوز بس
الرصيد لما يخلص هعمل ايه..
( فى غيظ )
المهرج الشاب : هنغيرة خط.. وهدفع تمنه ..
( وهو يومئ برأسه ناحية المهرج العجوز )
الوزير : عايزك تلعلع النهارده.. وتمسح بكرامته الأرض..بهدلة ..
( يجرى المهرج الشاب ناحية المهرج العجوز ويلف حوله ويشد ذقنه ويضرب كتفه فى كتف المهرج ويتحرك الوزير ناحية الملك والملكة بعد أن ينظر إلى المهرج نظرات شفقة )
الوزير : مولاى.. مولاتى أنا طالب من مولاى ومولاتى الرحمة
الملك : لمين ياوزيرى..
الوزير : للمهرج العجوز ..
( و يشير ناحية المهرج العجوز هو يكاد يقع عندما يضربه المهرج الشاب فى كتفه )
الوزير : وذى ما إنت شايف يامولاى.. عجز ومبقاش قادر يقف على
رجليه ..
( يرفع الموبايل ويتفحصه وهو يتكلم )
الوزير : إنما المهرج الشاب نشيط ودمه خفيف وذكي ..
ولسة كمان لما يركب له الخط..
( يقاطعه الملك في تعجب )
الملك : مين ده يا وزير اللى يركب له خط ..
( يخبئ الموبايل بسرعة )
الوزير : أنا قصدى لما ياخد فرصته ويبقى المهرج الأول حيسعد
الملك والملكة بحكاياته ونكته وخفة دمه والمهرج العجوز يرتاح بأة فى آخر عمره ..
الملكة : لأ لأ البلاط مش هيبقى له طعم من غيره إحنا إتعودنا عليه
من صغرنا وإحنا بنلعب ونتنطط على كتافه ونركب على ظهره أرجوك يامولاى ..أرجوك..
( ينظر الملك ناحية المهرج العجوز وهو يرقص ببطئ والمهرج الشاب يلف حوله فى نشاط وتظهر عليه علامات الأسى والشفقة )
الملك : الوزير عنده حق يامولاتى ده مش قادر يقف على رجليه
( ينظر ناحية الوزير )
الملك : لكن الناس هتقول إيه عليا ، بعد العمر ده وخدمته لأبويا
وليا وللملكة ..وبساطه كده أجي و أشيله.. صعبة قوي دى
الوزير : لا صعبة ولا حاجة يا مولاى أنا عندى طريقة هتعفيك
من الحرج قدام شعبك..وهيشكروك كمان ..
الملكة : لأ..لأ أنا مش موافقة على عزل المهرج العجوز وهخاصمك
ومش هكلمك تانى ..
( تقف وتغادر المسرح فى حركات غاضبة بعد أن تنظر ناحية المهرج العجوز فى نظرات عطف وشفقة )
(و فى إستهزاء )
الملك : سيبك منها هصالحها بعدين.. قولى بقى ايه هي الطريقة
( وهو ينظر ناحية المهرج العجوز و الشاب )
الوزير : إحنا حنقول لهم فزورة واللى يحلها يبقى هو المهرج الأول
واللى ميعرفش يحلها تعزله وأنا مجهز لهم واحدة صعبة
(يفكر الملك ملياً ويتجه ناحية المهرج العجوز و الشاب
وهو يتفحصهم )
الملك : لأ انا عندى فزورة محيرانى و مش لاقيلها حل ..
( يعطي الوزير ظهرة للملك ويكلم نفسة وهو ينظر للموبيل )
الوزير : آه يبقى المهرج الشاب ضاع.. ده انا قلت له حل الفزورة ،
آه ضاع الموبايل و الخط..
الوزير : ماتسبنى يا مولاى أأقولهم فزورتى وإستريح معاليك..
( يتجه الملك الى الكرسى ويجلس عليه فى حماس )
الملك : اسكت انت خالص.. وسيبنى افكر في الفزورة ..
( يشير ناحية المهرج العجوز والشاب ليصمتوا يتوقف المهرج الشاب ويواصل المهرج العجوز الرقص فيوقفه المهرج الشاب ويسحبه ناحية الملك )
الملك : انا حقول لكوا فزورة واللى يحلها منكم حيبقى المهرج الأول
واللى مش هيجاوب.. هعزلة وهيقعد فى بيته معزز مكرم..
( يضع المهرج العجوز يده على أذنه )
المهرج العجوز : يابنى على حسك شوية عشان أسمعك
الملك : وكمان مبتسمعش
( يعلى طبقة صوته وهو يكلم المهرج العجوز )
الملك : أنا هقول فزورة لو حلتها هتفضل المهرج الأول ولومحلتهاش
هتقعد فى البيت معزز مكرم وكفاية عليك كده ..
المهرج الشاب : قول يا مولاى أنا جاهز
المهرج العجوز : طيب يابنى بس على صوتك
( يقف ويتحرك ويضع يده خلف ظهره والأخرى على فمه فى تفكير )
الملك : أنا بسمع من زمان يقولوا.. ده عذر أقبح من ذنب..
الملك : أنا بقي عايزكوا تجيبولى عذر أقبح من ذنب. اللى يجيب العذر
اللى أقبح من الذنب..هو اللي هيبقى .. المهرج الأول ..
( يقترب المهرج الشاب من الوزير فيضع الوزير بسرعة الموبايل بين ملابسه ويخبأه )
المهرج الشاب : ده ماكنش إتفاقنا..يا وزيرنا المحبوب ..
( لا يرد عليه الوزير ويبتعد عنه متجاهله )
( يتحرك المهرج العجوز ببطئ الى جانب المسرح ويقف ثابتا فى تفكير عميق والجانب الآخر المهرج الشاب يتحرك حركات قلقلة ويلف حول نفسه وهو يفكر والملك ينظر الى الأول ثم يحرك بصره الى الآخر ويبتسم ثم يتجه ناحية الكرسى ويجلس عليه ويقترب منه الوزير ويكلمه )
الوزير : دى صعبة قوى يامولاى
الملك : ياللا خلينا نخلص م الإتنين..
( يقترب المهرج العجوز ببطئ ناحية الملك يبتعد الوزيرعن الملك وفجأة يجلس المهرج العجوز على ركبتى الملك ويقبله فى شفتيه وخديه ويمسك صدره بيده وهو يردد )
المهرج العجوز : بوشه.. إدينى بوشه من الشفايف الزغننة دى..
( يذهل الجميع ويحاول الملك التخلص منه ولكنه يواصل محاولة تقبيله من شفتيه)
المهرج العجوز : بوشه..أديني بوشه..
( يلقيه الملك من على ركبتيه فيقع المهرج العجوز على الأرض فيقف ويتجه ناحية الملك فاتحا ذراعيه )
المهرج العجوز : بوشه.. بوشه من البق العسل ده ..
( يجرى الوزير ناحية المهرج العجوز ويحتضنه ليمنعه من محاولة تقبيل الملك ومازال المهرج العجوز يحاول أن يفلت من بين يديه ويرسل قبلات بيديه ناحية الملك )
الوزير : إهدا.. إهدا.. أنت أتجننت ..
( خائفا مذعورا )
الملك : العجوز اتجنن.. عايز يغتصبنى.. اتجنن.. اكيد اتجنن..
( الوزير يشير للمهرج الشاب ويجرى ناحيتهم و المهرج العجوز مازال يحاول ان يفلت منه )
الوزير : إمسكه كويس ماتسيبوش
( يحتضنه المهرج الشاب فى شماته )
المهرج الشاب :استلأة وعدك يا حلو ..
فيها إعدام ع الأقل ..بقي عايز تغتصب الملك ..
( يجرى الوزير ناحية الملك وهو جالس متهالك على الكرسى )
الملك : ده.. ده كان عايز يغتصبنى.. ده اتجنن.. اطلبله المورستان
( يخرج الوزير الموبايل ليطلب المورستان ثم يعيده )
الوزير :بس ده مافيهوش خط ..
الملك : ياخى إشتريلك واحد.. انت هتفضل طول عمرك كدة.. إيحه
( يناوله موبايله وتدخل الملكة )
الملكة : فى ايه يامولاى.. صوتك عالي لية .. حصل أية ..
الملك : تعالى شوفى بنفسك.. العجوز اللي بتدافعي عنة ..هجم علية
وكان عايز يغتصبنى..
( تنظر مذهولة ناحية المهرج العجوز وهو مازال يحاول ان يفلت من المهرج الشاب ويرسل قبلات الى الملك فى الهواء . تقترب منه الملكة
الملكة : إهدا.. وكلمنى.. انا الملكة..و اللى ربيتها على ايدك..
( يهدأ المهرج ..ينظر إليها في ذهول.. ثم ينظر إلي الملك )
المهرج العجوز : الملكة ! أُمال دة مين ؟؟
الملكة : دة الملك..
المهرج العجوز : الملك..يا خبر أسود ..
( يهدأ ويبعد يد المهرج الشاب ويتجه ناحية الملك فى هدوء والملك خائفاً منه ) ( فى هدوء )
المهرج العجوز : إغفر لى ذنبى يامولاى
( صارخاً )
الملك : ده ذنب مالهوش غفران عندى..يا عجوز ..دة عايز تغتصبني
المهرج العجوز : بس انا عندى عذري يامولاى ..
الملك : مفيش عذر على وجه الأرض.. يغفر لك اللى عملته..
المهرج العجوز : إسمع عذرى واحكم
الملك : قول سمعنى عذرك ..
المهرج العجوز : انا ماكنتش قاصدك انت يامولاى انا كنت فاكرك..
الملك : فاكرنى مين ؟!!
المهرج العجوز : كنت فاكرك ..
مولاتي الملكة.. إعذرنى..وسامحني ..
( فى غضب )
الملك :بس..ده عذر أقبح من ذنب..أنا حسجنك..لا السجن مش كفاية
أنا هعدمك ..أنا ..أنا ..أنا ...
( يرقص العجوز فى فرح..وهو يهز رأسة للمهرج الشاب والوزير)
( ينظر إليه الملك ويفكر.. ثم يبتسم ..ثم يبدأ فى الضحك عالياً )
( المهرج الشاب يتسلل إلى خارج المسرح ..مطأطئ الرأس)
(و المهرج العجوز يرقص..
(والملك يضحك وهو يضرب كفا بكف و هو يردد )
الملك: نعم..نعم ..هو عذرا أقبح ذنب ..
( وتسدل الستار )