تأليف : رضا الهجرسي
الهالة
.............
1
سار عبد الباسط في مقدمة المشيعين لجنازة أبيه ..
قدماه لا تكاد تحملانه..داخله أحساس مريع بالضياع ..
لم يكن أبيه مجرد أبً لأبن..
كان المعلم والموجه في أمور دنياه ..وشيخه وإمامه في أمور دينه ..
أدخلة المدارس الأزهرية منذ طفولتة المبكرة ..حتي حصولة علي الثانوية الأزهرية بتفوق ومن الأوائل..
ترك لة حرية إختيار نوعية الدراسة التي يرغبها دون فرضا منة أو أي محاولة للتوجية ..
وكانت المرة الأولي.. ل عبد الباسط ..التي يتركة فيها أباه ليختار ..
كان كل ما بداخلة يصرخ في إلحاح أن يصارح أبيه برغبتة في دراسة العلوم .
فقوانين الكون وأسرارة تشدة شدا..يشعر بذاته مع قوانين الجاذبية..ونسبية أينشتين..وعلوم الفلك والمجرات والشمس والقمر وحركة النجوم ..وظواهر الطبيعة من رياح وبرق ورعد وقوس قزح ..
تردد في مصارحه أباه برغبته الملحه تلك..كان يشعر أن أباه يرغب في إكمال دراستة بكلية الشريعة..
لم يكن يدري وهو في دوامة تفكيرة تلك ..أن أباه يحدق في وجهه..مبتسما
ويربت علي كتفية بحنان..ليخرجه من دوامته..وتنبه علي صوت أبيه وهو يقول..
- أذن هي كلية العلوم ..علي بركة الله ..والخيرة فيما أختارة الله..
نظر عبد الباسط إلي أبيه مذهولا ..وهو يحدث نفسه..
- وكيف علم أبي برغبتي تلك..
وأنتابه الذهول ثانية وأباه يجيب علي سؤاله مبتسما ..
- علمت برغبتك تلك عندما وضعت يدي علي كتفك ..وحدث إتصال بيننا
أهدأ يا بني وأسمعني جيدا ..فقد تخطيت الآن الثامنة عشر وحان
الوقت لتعرف كل شئ عن نفسك ..
- أعرف ماذا عن نفسي؟؟ ..
- ما حباك اللة بة ..من قدرة وقوة روحية لتساعد بها البشر وتجابه بها شياطين الجن والأنس وأبليس وأتباعة الذين يعيثون في الأرض فسادا ..
- لم أفهم شيئا يا أبي ..أي قدرة وأي قوة روحية تلك التي حباني بها
اللة عز وجل ..
- أهدأ وأستمع لي جيدا..لقد حافظت عليك طوال تلك السنوات الماضية
من الدنس والرجس ..وأن تُزل قدمك للخطيئة ويجرك أبليس لطريقه
وأنت في عمر المراهقة والتي تضعف فيها النفس ويزين فيها أبليس
طريق الخطيئة والرزيلة للأنسان..وتخسرتلك الهبه التي هباك بها الله أو تضعف ..واحمد الله علي إتمام مهمتي ..والآن جاء دورك يا بني ..
- دوري ؟؟ في آي شئ يا أبي ؟؟ فأنا لم أفهم منك شئ ..
- ستفهم كل شئ في آوانه ..دعني أولا أطمئن عليها ..
- تطمئن علي ماذا ؟؟
- الهاله ..
- الهاله ؟؟ آي هاله ؟؟
- هالتك ..أخلع ملابسك ..وسأخلع أنا الآخر ملابسي ..وأطفئ الأضاءة
وكالمنوم ..خلع عبد الباسط ملابسة ..وتعجب عندما رأي أبيه يخلع ملابسة
ويطفئ الأضاءة ..وفي ظلام الغرفة سمع أباه وهو يحمد اللة ويردد في حمد..
- حمدالله ..مازالت هالتك قوية كما هي..فقد حافظت عليها ..حفظك للقرآن
وصلاتك وصيامك ..وبعدك عن طريق الغواية ..وروحك الطاهرة ..
صانتها بل قوتها ..حمدالله ..
حدق عبد الباسط في أبيه وأرتجف قلبة خوفا ورعبا ..عندما وجد جسد أبيه
تحيط بة هالة مضيئة ضعيفة ..تختفي وتعود ..صرخ في رعب ..
- ما هذا الضوء الذي ينبعث من جسدك يا أبي ..ثم يعود ويختفي ..
- تماسك يا بني ..ولا تخف ..فهالتي ضعفت من كثرة مواجهتي مع أبليس
وزبانيتة ..لحمايتك منهم ..وحماية هبه الله لك ..هالتك ..
أضاء أبيه الغرفة وطلب منة أن يرتدي ملابسه ..للتوجة للجامعة فورا لتقديم
أوراقه ..بكلية العلوم ..ووعده عند عودتهم ..أن يفسر لة كل ما غمض عليه ..
وبعد أن أنهوا مهمتهم ..وأصبح عبد الباسط طالب منتسب بكلية العلوم ..
سأل عبد الباسط بفضول وهم في طريق عودتهم ..
- وما فائدة هذة الهبه يا أبي ؟؟ وكيف أستخدمها ؟؟
- سيهديك الله سواء السبيل ..لا تخف ..فأنت من جُُُند الله علي الأرض..
لمواجهه أبليس وزبانيتة وأتباعة ..
ووضع الأب فجأة يدة علي صدرة متألما ..وظهرت علية علامات الأعياء الشديد ..وأصفر وجهه ..ووقع مغشيا عليه ..
حملة عبد الباسط ووضعه في أقرب عربة أُجرة قابلته..وطلب منة التوجه إلي
أقرب مستشفي ..
تنبه عبد الباسط عندما طلب منة أحد المشيعين ..ألا يدخل القبر ..ولكنة أصر أن يكون مع أبيه حتي يُغلق علية باب القبر ..وساعدوة علي نزول سلالم المقبرة وهو في حالة إنهيار تام والدموع تنهمر من عينية بغزارة شديدة ..
وعند دخوله القبر ..لم يستطع الوقوف ..فأجلسوه في أحد أركان القبر..
ومدد قدمية ..وراح يبكي بكاءا يمزق القلوب ..وكاد أن يغيب عن الوعي ..
وفجأة ..
وقف علي قدميه..مهلل الوجه..مبتسما..يمسح دموعه بكلتا يدية وهو يحدق أمامه..ويحدث نفسه ..
ظن جميع من بالمقبرة أنة جن..وحاولوا أن يقتربوا منه ليهدأوا من روعه ..
ولكنة صرخ فيهم صرخة مدوية ..إستجابوا لها علي الفور ..
في أن يغادروا جميعا المقبرة ..ويتركوة مع أبيه وحدهما ..
ظن الجميع أنة يريد أن يَختلي بجثة أبيه قبل أن يُغلق عليها القبر ..
ولم يَخطر علي بال أحداً منهم ..
أنة يريد أن يَختلي .......
قريبا نواصل باقي الأحداث ..