قريفة "بس"

لا يحلو لي مر الآبري في رمضان إلا في حضرة فاكهة الصوم والفطر على حد السواء ، عوض الأمين وهاشم محمود فهما من الناس الذين يصعب مفارقتهم وتحلو مفارقاتهم ، فلهما الرحمة والمغفرة ، والمناسبة "ريحة البن" البرنامج الذي خرجت به قناة زول من هضاب ومرتفعات إثيوبيا لسهول السودان الرحيب ، وعلى فكرة فأنا ما شائف فروق كبيرة في ثقافات الشعوب الأثيوبية والسودانية بل أكاد أحس بأنـهم إمتداد طبيعي لثقافاتنا ، فمعدو البرنامج ما لقو من قبل الله الاربعة غير قبلة "البن الحبشي" ليجعلوها إسماً لبرنامجهم "البكيف" فتجدهم يعودون لحبة بن البداية ولا النـهاية ، فـ"ريحة البن" برنامج ليهو نكهة تصل عندي حدِ "القريفة" وأكاد "أتبخر" مع ذرات "القلوة" لأذهب بعيداً حتى ألامس أطراف السماء المتدفقة شعراً رويا.

في إحدى "إشراقات" تلفزيون السودان "أيام زمان" خصصت إدارة التلفزيون سهرة كاملة عرضت فيـها مسرحية "خطوبة سهير" ، والمسرحية كتبـها المبدع حمدنا الله عبد القادر وقام بأدوارها الفنان مكي سنادة "خليل" والفنانة فتحية محمد أحمد "سكينة" والفنانة تحية زروق "سُهير" والفنان فتحي بركية "السميح" ، وقد كانت "ومازالت" من أجمل الأعمال الدرامية السودانية ، وبالطبع إستمدت جمالـها وألقها من بساطة تناولـها وبصدق للواقع المعاش حينـها ، ولا يساورني أدنى شك بأن شخوص "المسرحية" موجودة "لحم ودم" تعيش بيننا حتى تاريخ هذا اليوم ، وذلك كلما "هب" عريس "أفندي" وتعلق بإحدى "كريمات" أفندي آخر ، ووقفت تراتيل "البوبار" حجر عثرة في إتمام مراسم الزواج.

خليل "مكي سنادة" مدمن "خمر" ، إلا ان سكينة "فتحية محمد أحمد" أظهرته لأهل العريس كـ "ورعِ تقيان" ، ومع تشديدها للرقابة حتى لا "يشرب" في الأيام المحضورة ، بحظر أبواب "الجرورة والسلف" إلا انه إستطاع "في إحدى المرات" الإفلات ، حينما عاد للبيت "مصلح" ، ومع انه أنكر في بداية الأمر ، وأقر بكاسين فقط إلا ان "سكينة" لم تصدق روايته حينما ذكرت "أنا مالي ريحة الكاسين ما بعرفا ياخليل ".

وعلى ما أذكر فقد نالت "سكرة خليل" الإستحسان ، وتابعه المرحوم عوض الامين وعمنا جعفر الأمين أطال الله في عمره بتشجيع "خرافي" ، ومع إنتهاء العرض جلسنا نعيد المواقف والعبارات ، وكان التركيز على المفارقة المتمثلة في "سكرة خليل" الثابتة باللسان التقيل ، والمشية "المابتغبى عليكم" من جانب ، وكلام وتصريحات "سكينة" بتقوى وورع "خليل" من الجانب الآخر ، وقد كانت مفارقة تحمل كثير من اللطف ، ولم يجد المعجبون "الحاضرون" بداً من إظهار "إعجابـهم" بدخول "خليل" للبيت وهو في تلك الحالة.

جعفر الأمين : بالله شوف الولية المابتخاف الله دي !! بالله في ذمتك السكرة دي سكرة زولاً بشرب شاي المغرب وكمان معاهو "كان حتة كيكة ولا حتة تورتة !!
عوض الأمين : تستاهل لكن هي خلت حاجة للأفندية ما مسحت بيهم البلاط التقول طالبا فيهم مغسة.
هاشم محمود : والله راسي كلو أكان بقى إضنين ما أصدق "خليل" دا بمثل .. ياناس إنتو الله ماليكم ..علي الطلاق شدة ما شارب الريحة أنا شميتا في محلي دا..
وعندها إتجه "الإثنان" تجاه هاشم محمود : هاشم إنت عرسك قرب رايك شنو نحتفل بي عرسك وبدل خليل واحد يكون عندك خليلين ؟؟
فرد هاشم : والله إنتو ما بتعملوها لكن أجيب ليكم بتاع خليل دا من وين؟؟

فريحة البن أعادتني للقهوة "أم دق" ثانية ، وخلتني "أتقريف" وأعيد ذكرى أيام "حنينة" فالتحية لقناة زول التي لامست أوتار الشعر في أجواء عبقة ، والتحية والتقدير للشعراء الشباب الذين أثبتوا بأن السودان ياهو السودان ، والرحمة والمغفرة للأخوين الغائبين الحاضرين عوض الامين وهاشم محمود والسلام ورمضان كريم.

في هذا الشهر الفضيل اللهم ارحم اخوانا عوض الامين وهاشم محمود فقد كانا فاكهة الصداقة المميزة في كل المناسبات واجعل البركة في ذريتهما ..
والله يا المحبوب دي ما قريفة دب ..؟؟ دا بشير ذاتو نازل فيك انها هضربة بكامل الوعي .. تذكرت مفارقة الراحل فتحي بركية السميح عندما طلب منو مكي زيادة ( خليل) سفة ووقتها اخرج له السميح حقة تمباك مربعة فقال له خليل .. بالله في زول يشيل ليهو حقة مربعة؟؟ فرد عليهو السميح .. والله كل زول حقتو زي وشو
البركة في ريحة البن التي استدعت الذاكرة نترقب حضورك وعمك جعفر الامين من بقي من عبق رائحة ذالك الجمال الذي تركض عليه الصداقة