محمد برقاوى
| موضوع: قسمة الحنفية .. والزير..بين المطلثين! الخميس 26 يناير 2012 - 15:30 | |
|
قسمة الحنفية ..والزير ، بين الطليقين !
محمد عبد الله برقاوي.. bargawibargawi@yahoo.com
اختصم الزوجان ، فوصل خلافهما مرحلة ما صنع الحداد ،كما يقول المثل ، فأحكتما الى القاضي الذي فصل بينهما بالطلاق ! فباتت أمامه مشكلة البيت ، فالأرض ورثتها الزوجة عن أبيها ومن بنى الحوائط هو الزوج المطلق ، فقضي الحاكم بان يقتسما البيت بالتساوي ، فكانت الحنفية من نصيب المطلقة والزير في حدود طليقها ، فاقتضي الأمر وجود نفاج لتسهيل مهمة الزوج لملء زيره من الحنفية في ظل مناكفات الطرفين ، فقررت المطلقة أن تشتري زيرا يبعدها عن الاحتكاك بالطليق ، فيما لن يستطيع هو توصيل حنفية مستقله للجزء الخاص به من منزله نظرا لضيق ذات يده ، وظلت الحكاية معلقة بينهما، حتي كتابة هذه السطور!
الان الطلاق حصل بين الشمال والجنوب مثل الجماعة أعلاه ، والبئر كانت من نصيب أهل جوبا فيما طوت الخرطوم الدلو تحت عباءتها وقالت أبيت.. الا .. أخذ حقي من الزيت ! و فوارق الخلاف حول قيمة مرور بترول الجنوب عبر مواسير الشمال كبيرة وغير معقولة ، بل استعصت امكانية المقاربة بينها حتي على الوسطاء الخبراء ! حكومة الانقاذ تطلب فوق الثلاثين دولارا لمرور البرميل وليس الطن ، وجوبا تعرض سنتات قليلة ليس للجالون وانما للبرميل بحاله !
ولكن يبدو أن المسالة ليست مسألة قيمة مرور البرميل ولا الجالون، بل هي مكايدات لها معطيات أكبر من ذلك بكثير تمتد الى المساومة بالمناطق والحدود وحاجات تانية حامياني ! والا فان مسالة التحكيم حول الأمر كان يمكن أن تتم عبر دول لها سابقة في التعاطي المشابه ، فكثير من البلاد لها اتفاقات مع غيرها لتمرير الزيت من اراضيها والصلات بينهما سمن على عسل ، لان العلاقة التي تحكمها اتفاقات مبرمة وموثقة واضحة المعالم تريح كل الأطراف! وكان من الممكن الاسترشاد بها في حل المشكلة ان كانت فعلا في حدود هذه الجزئية !
الكل كان يعلم ان كارثة الانفصال لن تنتهي ببساطة اقتسام ورقة بمقص تلميذ في حصة الأعمال ! ولكن كتابة اتفاق الليل ، لابد أن يطلع النهار ويفضح سطورها المتقطعة والناقصة . والعجلة في الخراب لابد من أن يدفع فاعلها الثمن ندامة على ما فعل ! جماعة الانقاذ ، قالوا نخلص من الجنوب لنتفرغ لأسلمة وعروبة ما تبقي من السودان ، ومن هنا تبدأ خطوة الديمومة الحقيقية لحكمنا ! وجماعة الحركة ، قالوا لن نجد فرصة للانفراد بحكم الجنوب ، ان نحن فوتنّا فرصة الانتفاع من شراكة الملهوف على البقاء في السلطة ولو خسر سودانه كله أرضا وشعبا وثروات!
الآن الجنوبيون يشتكون من همبة حكومة الشمال التي بدأت وباعترافها تحلب من بقرة الجنوب المربوطة في زريبتها ، فتسللت حكومة الجنوب اليها وقطعت ضرع البقرة ، فلم تعد حلوبا! وهاهي تهدد بانها ستتجه الى دول الجوار لتمديد انانبيها عبرها وبدولارين فقط للبرميل بحاله ! طيب يا حكومة الانقاذ .. عشرة دولارات مثلا بالاتفاق الواضح أو حتى دولارين حلال هي أفيد من سرقة الملايين أو قل الأخذ بالزندية ! خاصة وان أهل الجنوب يلوحون باللجؤ الى القضاء الدولي للمطالبة بحقهم في الانابيب نفسها باعتبارها قد زرعت في أرض السودان الموحد قبل الانفصال ، وهذا ربما يدفع بالشمال للقول بان معدات وأبار البترول برمتها هي الأخرى أكتشفت وانشأت في ذلك العهد وعليه ، فستقول حكومة الشمال . ( نشك اللعبة من الأول ) و هنا سندخل في حجوة طويلة ، سيخسر الطرفان خلالها أضعاف أي مكسب يحققه كل منهما أو أحدهما لاحقا حتي لو كسب القضية! خاصة وان رأي الخبراء والفنيين يقول ، ان ايقاف الضخ من المنابع في الجنوب، وبالتالى تجفيفه عبرأنابيب النقل في الشمال فيه مضار فنية كبيرة وخطيرة على منشأت الجهتين ، ستكون تكاليف معالجتها باهظة ان هي نجحت !
اذن المنطق يقول العلاقة بين الطليقين ، لابد من استمرارها ، ولو كانت بينهما كراهة ، طالما أن هنالك قاسما مشتركا الى جانب ما أوردناه ، مثل العيال في أبيى ، والنفاج الفاتح بينهما في النيل الأزرق وجبال النوبة ، والزيت الجنوبي الذي لايصلح للطبخ الا ببصل الشمال! علاوة على علاقة التاريخ التي تمد لسانها لتقاسم الجغرافيا ..فضلا عن المصالح التي باتت هي لحمة وسداة واقع التعامل بين الدول في عصرنا الحديث! فبالله عليكما يا مؤتمر غفلة الزمان، وحركة مزرعة سلفا وباقان ، وفيما تبقي لكما من عمر ، نرجو الا يطول في حكم الأرض المقسومة غصبا عنها ، التي نثق بانها ستتوحد بزوالكما ، هدوا اللعب قليلا ، ودعونا من افتعال المشاكل فيما هو واضح المعالم في حلوله ، وأي عامل في طلمبة ود الحسين بالخرطوم يستطيع أن يحل المشكلة ، ان كانت فعلا مسالة دردقة براميل من الجنوب الى بورتسودان ! أما اذا كان وراء الأكمة ماوراءها ، فكلاكما يحصد ما زرعه من سوء أراده للسودان وشعبه في كلا الطرفين ، فارتد الى نحركما ، يا هداكما الله .. المستعان.. وهو من وراء القصد..
نشر بتاريخ 26-01-2012 | |
|