(( تظل والدتي (الله يديها العافية)، تدق طبول موضوع الزواج في رأسي كل صباح، وتفتتح اليوم غالباً بعبارة: (يا ولد ما داير تعرس؟ القدرك كلهم عرسوا) وهكذا تدور الأسطوانة الصباحية العجيبة، وبالرغم من أنني كنت (بين البين) في هذا الموضوع تحديداً إلا أنني بعد جلسة من الاعترافات الخطيرة لبعض (المنتحرين) (اقصد المتزوجين)-خلال نقاش عابر قبل أيام، تأكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن مجرد التفكير في الإقدام على خطوة الزواج هو في ذاته مشكلة.
تلك الاعترافات الخطيرة التي بدأها أحد المحاربين القدامى في المجال، وهو حاج (حسين) الذي اعترف على الملأ أنه (بخاف من مرتو).، وأذكر جيداً أنني كنت ضمن تلك الجلسة (الاستثنائية) وعندما سمعت العبارة أطلقت ضحكة عالية باعتبار أن العبارة طريفة وكدا لكنني تفاجأت بكل الحضور في الجلسة وهم يحنون رؤوسهم في خجل، بينما بقي أكثرهم (ثباتاً) يقلم أظافره بأسنانه في توتر و(قلق)، وعندما أحسست بأنني أضحك (خارج زفة ذلك الصمت) لكزت صديقي الذي يجاورني وسألته عن سبب عدم ضحك أي منهم، فنظر إلي بغضب وقال هامساً: (يضحكوا كيف يعني؟ الناس ديل كلهم متزوجين) لأحترم نفسي في تلك اللحظة و(أعمل رايح).
وقصة الاعترافات الجماعية تلك التي توالت بعد أن قصّ عم (حسين) شريط (عدم الخجل) وجعلت كل الحضور من المتزوجين يتحدثون عن تحاشيهم المدام خوفاً من الاحتكاك بها، أوحت لي بفكرة جهنمية، وهي أن نقوم بعمل دراسة سريعة لتلك الحالة التي يعاني منها أغلب رجال الزمن دا، والبخافو من (نسواينهم) ديل.. ونعرف هل هذا الخوف ناتج عن حب و(احترام) وكدا أم نتيجة لذكرى (طوة) قديمة استقرت على رأس أحدهم في لحظة دخل فيها الشيطان وفتح باب (جهنم النسوان) عليه؟
شربكة أخيرة:
جلس (بخيت) وسط أصدقائه في النادي، فجأة ارتفعت رنة هاتفه الجوال، أخرج الجوال بصعوبة وانتفض كالمصعوق، تلفت حوله قبل أن يحسم أمره ويتجه بعيداً عن عيون أصدقائه (الشمشارة)، التقط نفساً عميقاً قبل أن يفتح الخط ويستقبل صوت زوجته الحاد:
ياراجل أنت وين لحدي هسي، الاولاد ديل ناموا من الجوع؟
أنا في (الصحن)..بفتش لي في (فول) أشيل بيهو (النادي) دا ياخي!)). أحمد دندش / صحيفة السوداني