أستوقفني هذا اللقاء في صحيفة الانتباه اليوم ... منقول
حوار: روضة الحلاوي> تصوير: محمد الفاتح
العميد «م» عبد الرحمن فرح رئيس جهاز الأمن والمخابرات الأسبق والقيادي بحزب الأمة ومن المؤسسين لحزب منبر السلام العادل، أكد في هذا الحوار مع «الإنتباهة» أن الحكومة والمعارضة في حالة توهان وتتخبطان في طريق غير مدروس، منتقداً الطريقة التي تحارب بها الفساد، وقال إن الحكومة إذا كانت جادة في محاربة الفساد عليها تنفيذ قرارات المراجع العام السابقة والحالية.. وتناول فرح الأضرار التي لحقت بالبلاد جراء سياسة التمكين والتطهير، كما هاجم الشركات الحكومية، وقال إنها مظهر من مظاهر الفساد، وأنها عملت على هدم الاقتصاد الوطني.. وتحدث عن مفوضية الفساد وقيادتها.. ومشاركة حزبي الأمة والاتحادي في الحكومة، وتطرق في معرض حديثه للصراع بين الشمال والجنوب حول «النفط» والكثير من القضايا التي تعج بها الساحة الساسية بالبلاد.. وتحدث الفريق فرح عن مدى تطلع منبر السلام العادل للحكم في البلاد والمنافسة السياسية.. فلنقف على إفاداته في هذه المساحة التالية:
> أولاً نريد أن نقف على مآلات الراهن السياسي في ظل الصراع بين المعارضة والحكومة؟
< كل الطرفين المعارضة والحكومة في حالة توهان، وضاع منهما الدرب في المساء، وكل منهما يتخبط في طريق غير مدروس وغير معلوم.. هذا هو حال الوضع الحالي.
> وكيف يكون المخرج من الاحتقان السياسي؟
< المخرج يكون بايمان القيادة ممثلة في عمر البشير بالتجرد ولم الشمل والابتعاد عن السياسة السابقة، ولا أ عتقد أن هناك خلافاً حول قيادته للبلاد، ولكن الخلاف حول من يحومون حوله.
> الحكومة أعلنت الحرب على الفساد.. هل تستطيع محاربته عبر هذه الآلية؟
< الحكومة بوضعها الحالي هي جزء من الفساد، والحزء من الفساد لا يستطيع أن يحارب نفسه، بل يحاول أن يحمي نفسه. وعليه إذا كانت الحكومة جادة في محاربة الفساد عليها تنفيذ قرارات المراجع العام السابقة والحالية، وبذلك وحده يمكن محاربة الفساد.
> ولماذا تبدو آلية المحاربة غير قادرة؟
< هي غير قادة لأنها جزء من المنظومة، ولا يستطيع الجزء أن يحارب الفساد.
> كنت تردد أن الإنقاذ لن تستطيع الحرب على الفساد، لأن الفساد جزء من حماية النظام.. هل مازلت على هذا الاعتقاد؟
< بالتأكيد أنا لم أزل عند هذا الاعتقاد وحتى هذه اللحظة.
> ألم يتغير أي شيء حتى هذه اللحظة؟
< لا أعتقد أن البحر يرفض الزيادة، فالفساد مستمر ويحارب ليبقى، فهو محروس بآليات السلطة.
> إلى أي مدى أضرت سياسية التمكين والتطهير بالبلاد سياسياً واقتصدياً واجتماعياً؟
< سياسة التمكين والتطهير هي أس البلاء، وقامت على أساس استمرار الحكم، وقام عليها مدعون مستغلين كتاب الله وسنة الرسول «صلى الله عليه وسلم» وهم أبعد ما يكونون عن ذلك، وليس من أخلاق الدين أن تقصي الآخرين من أجل الحماية والتمكين.
> ما جدوى الإعلان عن انتهاء هذه السياسة بعد «24» عاماً من الحكم؟
< لا يصلح العطار ما أفسده الدهر مهما نضع عليه من مساحيق ورتوش، فالشكل واحد والمصدر واحد. وإذا كانت الإنقاذ محقة في ذلك عليها أن تستبعد كل الطاقم وتحل حزب المؤتمر الوطني وتكون حزباً آخر جديداً.
> الشركات الحكومية مظهر من مظاهر الفساد.. ماذا تقول في ذلك؟
< الشركات الحكومية هي الفساد بعينه، وهي شركات سميت بالحكومية ولكنها ليست حكومية، فهي مملوكة لشخصيات وأفراد، فقد سيطروا على كل شيء وأصبحنا في مفترق الطرق.
> إذن إلى أي مدى أسهمت هذه الشركات في تدمير الاقتصاد؟
< هي دمرته وانتهت، ويصعب عليها الآن إخراجه مما هو فيه.
> كيف ترى المذكرات التي رفعتها القوى الحزبية لقيادتها؟
< هذه المذكرات التي اجتاحت الساحة الحزبية تقف خلفها السلطة.
> كيف.. وضح أكثر؟
< أقصد أن الحكومة لها يد في ذلك، ومنها الحقيقي وبعض منها يستمد الحقيقة من بعض الجهات، سواء أكانت داخل الشعبي أو داخل الوطني أو حزب الامة أو الاتحادي، وفق نظرية اشغل أعدائي بأنفسهم.
> أريد توضيحاً أكثر.. كيف تكون للحكومة يد في خروج مثل هذه المذكرات؟
< «بعد أن ضحك طويلاً» أنا بوصفي عضواً سابقاً في جهاز الأمن فهذه هي واحدة من آليات السلطة، ويمكن أن تكتب أشياء كثيرة بأسماء أناس وتوزع وتنشر على «الفيس بوك» لاستهواء البعض بتوليها.
> إذن هذه المذكرات ليست دليل عافية كما يعتقد البعض، ولا تعبر عن قواعد الأحزاب؟
< هي مستمدة من وجود التذمر داخل الأحزاب بكل أنواعها، وإظهارها للسطح وكتابتها بالشكل الواضح تقوم به الأجهزة السلطوية، والبعض يستفيد منها ولكنها موجودة.
> تصريحات رئيس حزب الأمة واللواء برمة بعدم انتظار من يفوته الركب والرجوع للحزب قبل «7» أبريل؟
< بالرغم من أن الصادق المهدي رجل عالم وفاهم، ولكنه يسعى لتوريث قيادة الحزب لأقرب الناس إليه، أما الأخ برمة ومجموعته فهم «يعرضون خارج الزفة». والمجموعات التي انفصلت من حزب الأمة ليس لها وزن شعبي كبير، وهي من المجموعات التي صنعتها الإنقاذ، والغرض منها «فرق تسد» وسعت إليها داخل كل الأحزاب حتى الحزب الشيوعي، وهي عبارة عن فقاقيع، ولا أعتقد أنها ستستمر كثيراً.
> الصادق دفع ابنه للقصر ودافع عنه؟
< دفع الصادق المهدي ابنه للقصر حتى يتم تدريبه على الحكم وقيادة حزب الأمة ووظف أبناءه داخل الحكومة، ويقول لقواعد حزبه نحن معارضة.. والصادق لا يستحي «وعملها واضحة»، والصادق كسر قواعده وكسر بيت المهدي، والكرسي صعب التخلي عنه، وهذه إشكالية كبيرة.. وعبد الرحمن هذا لم يقبل بالكلية الحربية في السودان أيام نميري وإنما درسها في الأردن، وعندما قامت الانتفاضة أنا كلفت بأن أدخله القوات المسلحة، وأنا بمساعدة المرحوم الفريق توفيق خليل أدخلته القوات المسلحة برتبة ملازم أول، وقامت الانقاذ وفصل.
> ولماذا فصل؟
< لأنه ابن الصادق المهدي، وصحيح فصله لم يكن صحيحاً إلى أن طلب والده من عمر البشير إعادته للخدمة، وأعادوه برتبة عقيد ليلحق بدفعته، ولكن هذه الدفعة يفترض أن تمر بدورات تدريبية مختلفة حتى يصل لتلك الرتبة، ولكنه ألحق بهذه الرتبة دون المرور بهذه الدورات.
> وماذا عن نجل الميرغني؟
< ابن الميرغني يكفي أنه في أول تصريح اتضح أنه لا يفرق بين النيلين الأبيض والأزرق، وكل همه عندما يذهب لمصر أن يقابل على أنه مساعد الرئيس، ويعود من مصر ليبقى في القصر.. مكتب وعربات وحراسة لا أكثر ولا أقل.. فهي عملية أشبه بعملية أولاد النظار سابقاً «ترضية».
> ألا توافقني الرأي بأن دخول ابني المهدي والميرغني للحكومة قوى من موقف الحكومة؟
< لم يقو ذلك موقف الحكومة وإنما كسر الأحزاب في الاتجاه المقابل، وهما لن يضيفا شيئاً للحكومة لأنهما أصلاً ليس لديهما شيء يضيفانه وأضعفا المعارضة.
> ومن أين أتى ضعف المعارضة؟
< ضعف المعارضة أتى من ضعف قادتها ومن القبضة السلطوية الصارمة على الوضع في البلد وعلى الاعلام المكثف، ولكن كل ما أخشاه إذا حدث شيء أن تحدث فوضى، وأن نرجع للصوملة، والقوي سيأكل الضعيف حيث ضعفت النفوس.
> كيف تقرأ تجربتكم في الأمن مقرونة مع الوضع الراهن؟
< عندما كنت مسؤولاً عن جهاز الأمن كان تفكيري منصباً نحو البلد وحمايتها وليس السلطة، وكانت خطتي السياسية أن أخلع جلباب حزبيتي واطلب من كل مرؤوسيَّ أن يحاسبوني وحزبي إذا أخطأت أو اقدمت على عمل يضر بالبلاد، وكانت خطبتي الشهيرة في كل مجموعات الجهاز، وبالتالي كان همي بلدي قبل أن يكون تجاه حزبي أو شخصي أو أسرتي. ولم يطل عمري في جهاز الأمن، وكان هناك أمران كنت أسعى إليهما عندما توليت وظيفتي في الجهاز، وقطعت خطوات فيهما، الأول كان القضاء على قيادة التمرد في مهدها، والثاني حل قضية الضائقة المالية. والأمران سوف أذكرهما في مذكراتي التي أسعى لإخراجها للناس، وأرى أن الحكومة كثيراً ما تلجأ للحلول الأمنية مما تسبب في العديد من الأزمات.
> هنالك من يقول إن قيادات البلد الإسلامية استهوتها السلطة ولم تعد تحمل هم البرامج التربوية والدينية بل انتشغلت بالحكم؟
< إذا كانوا إسلاميين ولا تستهويهم السلطة، فهم قد جاءوا وهم يقولون هي لله لا للسلطة ولا للجاه، ولكنها الآن أصبحت ليست لله وإنما للمال والجاه، فهذه حقيقية واضحة، ويجب ألا «ندفن» رؤوسنا في الرمال، والآن هناك حروب في الشرق وفي الغرب وحتى في أرض المناصير في الشمال.. ويجب أن نكون على درجة عالية من الوعي ونلتفت لمشكلاتنا الحالية.
> طيب من مشكلاتنا الحالية التي تهدد أمننا دولة الجنوب الوليدة.. إلى أي مدى تشكل هذه الدولة خطراً علينا؟
< دولة الجنوب تعمل بالمثل الذي يقول: «المتولف على ركوبك أول ما يشوفك ينحني». فقد وجدت الانحسار والانكسار والانبطاح من حكومة الإنقاذ، وبالتالي استمرأت ما يحدث، وبدأت تنفذ في أجندة خارجية وداخلية، وإذا كانت الحكومة جادة فيجب توجيه ضربة جامدة لها لكي تعود هذه الدولة لصوابها.
> ولكن الحكومة قدمت كثيراً من الشكاوى للأمم المتحدة؟
< الأمم المتحدة «هي شنو؟» هي دول محددة ونحن استعديناهم والرأي العام نحن الذين خلقناه ويجب أن نستمر في ذلك ونفكر بطريقة صحيحة.
>ماذا عن الصراع بين حكومتي الشمال والجنوب حول النفط»؟
< الصراع في ما يختص بالنفط بالنسبة للشمال والجنوب هو صراع ضخم، وهو في الحقيقة صراع ما بين أمريكا والصين وليس بين الشمال والجنوب، وهما الاثنان عبارة عن معاول لتنفيذ أجندة، والصين ورثت ما بدأته شيفرون في السودان، وفتحت الآبار التي وصل إليها الأمريكان، ولن تأتي بجديد، وتكنلوجيا أمريكا متقدمة أكثر من الصين.. والصين بدأت بالسودان باعتباره مدخلاً لإفريقيا، وكان لا بد للامريكان والغرب من اقصاء الصين وإبعادها عن هذه المنطقة بأية طريقة، وما يفقده الجنوب من دخل البترول يتلقاه من دول أخرى سواء إسرائيل أو أية دولة أخرى، علماً بأن هذا البترول محفوظ في الأرض، ويجب أن نتركه محفوظاً إلى أن نستخرجه في يوم ما.
> ماذا عن الأوضاع بالنيل الأزرق وجنوب كردفان؟
< الوضع في النيل الأزرق وجنوب كردفان هو جزء من إشغال السودانيين بحالهم الداخلي وتنفيذ أجندة خارجية.. وباقان أموم «يتضرع» في الخرطوم وجوبا وأديس لأنه عرف ضعف المفاوضين وحكومتهم المنبطحة.
> هل تتوقع تطوراً في المناوشات بين الشمال والجنوب؟
< أتوقع حدوث مناوشات حدودية، والحكومة يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في إنهاء هذه الحروب.
> ماذا عن رؤية منبر السلام العادل والمستقبل السياسي؟
< على حسب فهو يسعى إلى أن يكون بديلاً للوسط، وقد بدأ في نشاط بين طوائف الشعب السوداني أسوة بالنظام الآن في تركيا ومصر. وحزب المنبر أعتقد أنه بتلك السياسة يمكن أن يبني مستقبلاً دون أن يكون له تأثر بشخص.
> إذن إلى أي مدى يتطلع المنبر لحكم البلاد والمنافسة السياسية؟
< المنبر يتطلع للمنافسة السياسية وحكم البلاد، ولكن على المدى الطويل وليس المدى القصير.
> كيف يتم ذلك في تصوركم؟
< بالمحاضرات التي يقدمها والأدب الذي يكتبه، والسعي لتطوير المجالات الصحية واستقطاب الطلاب وتدريبهم، وغير ذلك من تقديم الخدمات للشعب السوداني.