حرب الأسقاط .. و..الأسقاط المضاد..!
محمد عبد الله برقاوي..
bargawibargawi@yahoo.com
دائما تستثمراالنظم الاستبدادية على شاكلة الانقاذ والبعث السوري ، حصيلة الكوارث التي يدفع فاتورتها الوطن من دماء ابنائه الغالية وموارده الشحيحة والعزيزة،من قبيل
(مصائب أمة عند نظامها الحاكم فوائد )
فالذين لا يحسنون الظن في نوايا وأفعال حكومتنا الفريدة ومؤتمرها الألمعي ، وهم كثر .
قالوا أنها ، ربما و مثلما فتحت لفريق خليل من قبل كل منافذ دفاعها ليحقق هدفا في مرماها وكانت غزوة أم درمان اياها!
لأمر ما في ثنايا خطط لعبتها لاطالة عمرها عبر الأزمات والتي باتت تتقنها جيدا بالخبرة الطويلة ، فانهم ايضا لم يستبعدوا أن تكون مصيدة هجليج ليست لا يقاع حكومة الحركة الشعبية وحدها ، بل معها الشعب السوداني الشديد الحساسية تجاه تعدى الآخرين على حدوده ، لاسيما ان كانت التعبئة قد اقحمت الاسقاطات الدينية واستثمار عاطفتها في الأمر مثلما سمعنا بالأمس القريب ،النائب الأول وهو يتحدث كما أسلفنا في مقال سابق الى الشباب المفوجين لأرض معركة هجليج العائدة، واصفا مهمتهم بالدفاع عن الله ورسوله !
وليس هذا موضوعنا بالضبط ، لاننا قصدنا الحديث عن نوع آخر من الاسقاط ، وهو اسقاط نظام الحركة في جوبا كهدف قادم أعلنه الرئيس البشير شخصيا في غمرة النشوة باستعادة هجليج وسط الجماهير التي هيجّها كعادته في حماسة اطلاق الخطب التي قد تحرج حتي المقربين منه قبل أن يكون لها أثرها على المستوى الخارجي الذي يرصد مثل هذه النقاط وقبلها كانت تصريحات رئيس البرلمان الانقاذي حول المعنى ذاته ،وهي هفوات قد تستفيد منها حكومة الجنوب بالمقابل وتعيدها تحية للانقاذ بالمثل كرد طبيعي لصالحها بل وتلوي بها أيضا أعناق كافة المواقف التي أدانت احتلالها لهجليج ناحيتها !
مثلما عضت بالنواجز جيدا على مفردة وصف الرئيس للحركة
( بالحشرة ) وأعتبرتها دعوة عنصرية تصب في مجرى سياسة الابادة الجماعية التي قرنتها بالسابقة الراوندية !
ولعل اتخاذ الرئيس قرارته على الهواء مباشرة وفي حالة الانفعال والصخب الجماهيري العشوائي الراقص، مثل القطع بعدم مرور نفط الجنوب عبر انابيب ومصافي الشمال ، هو أسلوب لطالما اشرنا الى خطورته ، لانه يصب في خانة ارباك القنوات الدبلوماسية والوساطات الاقليمية التي تسعي وقد اعياها الحال الى ايجاد صيغة وسطية تحفظ حق الجوار بين البلدين الذين ربطهما القدر والتاريخ والجغرافيا والمصالح برباط يصبح العمل على تمتينه مع تهدئة اللعب بالنار ، أفيد وأصلح لوطنيهما ايا كانت طبيعة الانظمة الحاكمة فيهما ومهما اختلفا من حيث الفكرالسياسي والتفكير الاستراتيجي ، وتباعدت بينهما الرؤي الفاصلة ! هذا ان كانا فعلا يجيدان التفكر ويتدبران الأمور بالتروي!
لن تجدى لغة التهديد باسقاط الانظمة في كلا الطرفين التي يتبادلها حكام البلدين ،وطبعا بغرض تنصيب طاقية أخرى تريح رأس كل منهما من صداع الآخر ، وذلك حق يفترض أنه يعود لشعبيّ البلدين حصريا ،وهما قادران على ذلك ، ولكل وقت آذانه ، كما يقول المثل !
فالنظام الذي يأتي ليحكم بلد ما محمولا على ظهر نظام خارجي وان أدعيا صداقة أو ارتبطا بفكرمعين ، لن يملك استقلاليته وسيكون قراره مرهونا باشارة من العاصمة التي أتت به !
ولو تظاهر نظام الحكم المدعوم من تلك العاصمة بالاذعان في بداية الأمر ، فانه لن يلبث أن يشق عصا الطاعة حينما يتمكن من الجلوس في سرجه جيدا ويمسك بلجام سلطته ليحاول التفرد بارادته واثبات ذاته، بل وقد تصل المسالة بينهما الى حدود ما صنع الحداد في الحديد !
ودوننا مثل حي في سلطة التقراى في اريتريا بقيادة اسياس افروقي والتي جاءت برضاء الأثنية المشابهة في اديس ابابا ، وما كان بينهما من حروب لاحقا ولا زالت ، جعلت ملس زيناوي يتمني لو انه ، أعاد اريتريا مرة أخرى مستعمرة ايطالية !
ولم ينجح من قبل الدكتور ملتون ابوتي طويلا بعد استعادة حكمه في اوغندا بفضل زفة قوات نيريري التنزانية الجارة التي أزاحت له غريمه اللدود عيدي أمين ، فقد وجد الملعب عند عودته مبتلا بمستجدات كثيرة و سرعان ما خرج منه ثانية لتعود كرة السلطة للتقاذف بين انقلاب الجنرال أكيلو العسكرى و جودفري بن عيسى المدني، الى أن رست في قبضة أخو البنية الجنرال موسفيني الذي قال أنا ومن بعدي القيامة !
وان جيش الرب المعارض له ربما يطول انتظاره لنيل حظه من الحكم حتي بلوغ آخرته !
و نوري المالكي الذي قفز من مجنزرات اليانكي التي داست له على نظام البعث العراقي سرعان ما أختبأ وراء صناديق البطيخ الانتخابي الايراني غير المستوي ، وارتدى العمامة السوداء بدلا عن(بوريه) صدام العسكرى ليصبح دكتاتورا مد لسانه لماما أمريكا وأنكر حليبها الذي تجشأه منحنيا امام ملالي طهران بعد أن نبتت له اسنان تمكنه من الأكل على موائدهم !
بل ولماذا نذهب بعيدا فنظام ادريس دبي الذي كان يدار بجهاز التحكم من القصر الجمهوري في الخرطوم ، وما أن شب عن الطوق حتي اصبح شوكة في حلق نظام الانقاذ الذي علمه الرماية !
ولم يتورع عن مناكفاته المتكررة رغم كل القرصات التي تلقاها في أفخاذ كرسيه داخل قصره الرئاسي بانجمينا غير مرة !
و لعل الهدوء النسبي الحالى وارتباطه بحالة مصاهرة الرئيس التشادي لزعيم الجنجويد التي باركها الرئيس البشير وكان وكيلا في عقد القران الميمون ، فيما كان مهرها دم الدكتور خليل ابراهيم وقبله القذافي ، قد لا يعني باية حال من الأحوال أن شهر العسل قد يدوم طويلا بينهما ، لان عالم السياسة لا يعرف الزواج الكاثوليكي على اطلاقه!
اذن فعلي حكومتي المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية ، أن يسقطا من حساباتهما ، فكرة اسقاط بعضهما ، لان ذلك برمته سيمدد من سجال المحاولات والمحاولات المضادة الدامية التي سيكون لها من ضحاياها ماسيكون ، و ستتعطل دون شك فرصتهما في محاولة اصلاح ما خرباه وان كانت يائسة ،ويباعد بين مواقفهما في بصيص أمل المفاوضات التي لا مفر منها لحلحة القضايا العالقة على شماعة الاستقطابات التي تركاها لنا على جدار الحدود مثل مسمار جحا، فهما مسئؤلان عما حاق بنا ،أمام الله والوطن والتاريخ والشعبين ، ان كانا يقدران تلك المسئؤلية !
أما كيف سيسقطان فذلك شأن تقدير كيفيته وتوقيته ، مرهون بالارادة الشعبية الداخلية ومن قبلها ارادة الله الذي يعز من يشاء بتولي الحكم العادل ويذل من يريد بسوءات الظلم في السلطة !
وقد تكون له حكمة فيما يجري بين نظامي الحكم في الخرطوم وجوبا !
و أظن أن دعاة الوحدة الحانقون عليهما والتي جعلها النظامان غير جاذبة لاسيما من عقلاء الشمال، هم الان يقولون ، هذا ما فعلته تحديدا كريت الانقاذ في قرض وحدتنا الذي كان مشوّنا للتسويق، فبان لها دماملا في جلدها !
والمثير للاستغراب حقا أن نظام جوبا قبل وحتى بعد خروجه عن هجليج ظل يضحك ببرودعلى طريقة هرش حكومتنا في الشمال الهستيرية لجسدها الملتهب ، وهي تكشر له بسنتين !
و لا يرى هو الآخر انه يتبسم بسن واحدة !
ولا نملك نحن حيال كل ذلك ،الا الضحك من شر البلية والصبر عليها، الى أن تحل بنا رحمة المولى متى ماشاء ..
انه المستعان ..
وهو من وراء القصد..
[