الجنيه المابعرف يعوم ، بغرق!!
كتب / حسن وراق
عند اندلاع الازمة المالية العالمية صرح وزير المالية قائلا " السودان لن يتأثر بالازمة المالية العالمية " واليوم يصرح " نحن وصلنا أسوأ مرحلة في الازمة الاقتصادية العالمية ". الواقع يقول انها ( مناظر الازمة ) و(الفيلم لسع). نتائج الموازنة العامة للدولة في ربعها الاول أظهرت ازدياد في التضخم من 16% الي 21% وبلغ العجز في ميزان المدفوعات 285 مليون دولار وكان العجز الاولي في الموازنة حوالي 30 % وبعد خروج 6.9 مليار جنية رسوم عبور النفط والتي تعادل 20% من الموازنة يصبح العجز الفعلي 50% لتسقط ميزانية الدولة التي بنيت علي تقديرات غير واقعية .
صمود الموازنة حتي الربع الاول ليس بأي سبب آخر سوي أن اقتصاد البلاد وميزانيته يسير كما يقال ب ( جاز المصافي ) . كيف يصمد اقتصاد دولة بلغ دينها الخارجي 40 مليار دولار والدين الداخلي 65 مليار جنيه و تواجه حصار ومقاطعة اقتصادية عالميا، ولم يتم رفعها من لائحة الارهاب والتضييق يتزايد في المحافل الدولية بسبب الحروب في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان و تعاظم سطوة مؤسسة الفساد القابضة علي كل مفاصل اقتصاد الدولة وعجزت الحكومة انتهاج سياسة انقاذ اقتصادي تقوم علي اصلاح سياسي حقيقي يوقف نزيف الحروب الداخلية ويعمل علي وحدة الصف الداخلي لان البلاد مواجهة بكارثة بدأت تلوح للعيان .
فشلت كل المحاولات لترقيع (الاهتراء الاقتصادي) عبر ما ينادي به منظرو اقتصاد الانقاذ الذين سودوا الصحف ووسائل الاعلام بحديث أكاديمي( بدهي ) يمكن ان يأتي به اي طفل في ( صقع الجمل )، حديث مكرر عن حلول بزيادة الانتاج وتقليل الوارد وزيادة الصادر وكأن كل ما يتحدثون عنه ممكنا ومتاحا ، يتحدثون بحياء شديد في مجالسهم الخاصة ولا يصرحون بذلك عن حقيقة ازمة الانفاق علي الامن والدفاع وتأثيرها الجوهري في الازمة الراهنة في ظل خروج صادراتنا من المنافسة العالمية وتأثير ذلك في الإنتاج والمردود العام للاداء الاقتصادي . أي محاولة لفصل الازمة الاقتصادية بالبلاد عن ما يدور من ازمة سياسية ،لا يعتبر حلا ومجرد مضيعة للوقت والكارثة لن تنتظر .
يبدو أن وزير المالية يريد أن ( يتخارج ) و يطلق رصاصة الرحمة علي اقتصاد البلاد بإعلانه عن سياسة تعويم سعر الصرف للجنيه السوداني مقابل العملات الاجنبية ، باخضاعه لآليه السوق القائمة علي العرض والطلب مع العلم بأن السعر الموازي والرسمي متوازيان لن يلتقيا ولن يتقاربا الا في اقتصاد ظله السياسي مستقر منتج ومعافي من الفساد . اعتماد الحكومة علي (ضرب الرمل) بأن أزمة الدولار ستنتهي ما هو إلا ضرب من الخيال والخبل يفتح الباب سريعا لتطبيق سياسة الوزير برفع اسعار الوقود والسلع لان الجنية لا قدرة له علي العوم .