كاراكون أخونا و صديقنا ، شاب (من جنوب السودان) مقيم في الخرطوم ... ويعمل مع أحد أقاربي … لعله أكثر الفرحين بالاتفاق الذي تم بين البشير وسلفاكير … وقد نزل عليه برداً وسلاماً … كما أنني أصدقكم القول : رغم مرارة التنازلات واستمرائنا للانبطاح إلا أنني أيضاً فرحت من أجلك يا كراكون ومن أجل حبيبنا أنجلو ومن أجل أخونا الكبير د. شوم ومن أجلكما.. جون وميري .. ومن أجل السودان الواحد رغم الجغرافيا والسياسة وأرتال الشهداء .. تمسك كراكون بتراب عاصمته الخرطوم .. لم يلتفت أو يسمع للسياسيين أو يكترث بالتهديدات.. زرناه خلال اجازتي القصيرة في بيته .. وتشرفنا بالتعرف على أسرته الصغيرة .. ومنها ابنه البكر الذي سماه على اسم ابن خالتي .. حباً له وكرامة .. وابن خالتي هذا كان هو سبب تعرفنا به ..
أكرمنا غاية الإكرام وأغدق علينا حباً وقمحاً وتمني ..ولكن ليس على أنغام وردي بل على أنغام الراحل المقيم مصطفى سيد أحمد - حفلة قطر .. أو …؟ - dvd - وبعد العشاء سألناه عن حاله .. فقال وهو يبتسم ويطلق كلمته التي اشتهر بها: تشحمنا ..
كناية عن التعب والرهق وقسوة الأيام التي أوجدتنا في زمن البشير وسلفاكير اللذان ينامان على اتفاق ويصحوان ليعتبراه قد نقض، وكأن هذا الاتفاق (وضوء) ينقضه النوم العميق .. ويحتاج الى التجديد !!!!
سرح بعيداً ...وعندما خرج من لجة خياله، كانت العاطفة قد تمكنت منه، فحاول أن يخفيها، وقد بدأت تنهيداته جهشات متقطعة وكأن ورما ما مؤلماً انفجر في رأسه ولا يريد أن يطلق له العنان ويفرغ الأعماق منه في فيض من الأحرف والكلمات .. أو الدموع .. فاكتفى بالقول وهو يحاول أن يضحك ويضحكنا معه : إن آحد الاخوة الإثيوبيين قابله ذات مرة فباغته ب ( كف ) قائلا له : انت المقعدك هنا شنو ؟ ماتمشي جنوبك ..!!!؟؟؟؟
وفي مرة من المرات كان يستقل إحدى الحافلات فطلب منه أحدهم النزول .. وطلب منه الذهاب للجنوب .. ولكن سواق الحافلة أصر على نقله .. ومواقف كثيرة تعكس معاناته .. وهو القائم على أسرته الصغيرة والكبيرة أيضاً ..
كنا قد أوقفنا عربتنا بعيداً وأكملنا المسير على أقدامنا .. لأن الامطار كانت قد سدت المنافذ .. وفي طريق عودتنا أصر علينا أن يرافقنا لأن الوقت تأخر والدنيا ظلام .. فأصررنا عليه بدورنا ألا يترك أسرته .. وبعد أن اكتملت رحلة العودة سيراً ووصلنا الى مكان وقوف عربتنا .. سمعنا صوتاً من خلفنا يقول : تشحمنا يا أولادنا، فضحكنا والتفتنا لأننا توقعنا منه ذلك .. فسألناه : ليه تعبت نفسك ؟!! رد : في ناس تعبانين في المكان ده .. يقصد أشبه بقطاع الطرق - فكان لابد أن يطمئن على وصولنا بسلام!!!
شكراً كاراكون ...فلقد عبرت لنا خلال الزيارة عن نموذج رائع من الوقار والتهذيب وسحر الشخصية والخلق الحميد ما كان له الاثر الكبير في انفسنا …
ولا أقول لك إلا كما قال وردي وهو يتغنى :
على نيل بلادنا .. سلام
ونخيل بلادنا..
وشباب بلادنا .. سلام
… …. …
ومليون تريليون.. سلام