ما كانش يتعز يا "قوش"
11-23-2012 12:59 PM
سيف الدولة حمدناالله
حسناً فعلت الإنقاذ بمنع صلاح قوش – إن صحٌت حكاية الإنقلاب - من حكمنا، فلا يمكن أن نصوم ربع قرن لنفطر على بصلة تالفة، وإذا كانت هناك ثمة فائدة وحيدة لهذا النظام، فهي أنه قد نجح في جمع كل القمامة في سلة واحدة، حتى يسهل على الشعب إزالتها ب "دور" غسيل واحد، فلن تقوم قائمة لهذا الوطن دون أن تتحقق له محاسبة كل الذين تعاقبوا على حلاقة رؤوسنا، وتبادلوا الأدوار في خذلاننا، وتحطيم أحلامنا، ودمروا بلادنا، فليس هناك إساءة لشعبنا أبلغ من مجرد تفكير شخص مثل قوش في أن يكون له دور في حكمنا القادم.
ولكن، يبقى السؤال، ما الذي يجعل شخص مثل صلاح قوش يمتلك الجرأة لأن يطرح نفسه للشعب بديلاً عن الإنقاذ !! وهو الذي كان – كما سبق لنا القول - إذا خرج المعتقل في عهده بجهاز الأمن وهو سالم في دبره كان يمضى بقية عمره في شكر الله لسلامة عنقه، ما الذي يجعل مثل هذا الجنكيز السفاح يعتقد أن ذات الشعب الذي وعده ذات يوم بتقطيع أوصاله إذا ما فتح فمه بكلمة في حق الرئيس سوف يقبل به وبأعوانه في التنظيم لمجرد أن هناك إختلافاً قد وقع بين اللصوص الذين سرقوا الشعب وقضوا على الوطن!!، فقد علمتنا الأيام أن الفتاة حين تكون حسناء وبنت أصول لا تكتفي برفض الزواج إذا تقدم لها عريس صعلوك وعاطل، ولكنها تبحث في السبب الذي جعله يفكر في الزواج منها في الأساس.
وفي تقديري أن السبب في ذلك، هو أننا جلبنا مهانتنا لأنفسنا بأيدينا، وأثبتنا لقوش ولغيره بأننا شعب أي كلام، فقد صمتنا وقبلنا كل الذي فعلته بنا الإنقاذ، و إكتفينا بالتغني بتاريخنا المجيد ونردد بأننا شعب "معلم" تمكن من إشعال ثورتين في تاريخه الحديث، ولكننا لا نريد أن تذكر بأننا لم نتحرك خطوة واحدة الى الأمام، وحينما بدأت الشعوب الأخرى ثورات التحرير، إكتشفنا أنه لا يوجد رمز واحد من رموز ديمقراطياتنا السابقة لم يشارك جلادينا في حكمنا وقمعنا، فما الذي يمنع قوش أو "ودإبراهيم" من الطموح في حكمنا، فالشعب الذي يصبر على هذه العاهات التي تحكمنا اليوم لن يضيره كثيراً أن يصبر على قوش أو من هو أسوأ منه.
وما جعل قوش يفكر في حكمنا، هو الخطأ الذي ظللنا نرتكبه في حق أنفسنا، فقد صفحنا عن كل جلادينا السابقين وقبلنا بهم في صفوفنا بجرة قلم لمجرد خروجهم من السلطة، فما الذي نُعيبه في قوش ولا نجد مثله عند الترابي أو علي الحاج ... الخ، الذين قبلنا بهم وأصبحوا رموز في المعارضة بعد كل الذي فعلوه، ومن قبلهم غفرنا لمبارك الفاضل مشاركته الحكم مع الإنقاذ بدرجة مساعد لرئيس الجمهورية، وحينما طُرد من القصر قبلناه ليحكي بإسمنا في المنابر، هل نحتاج للمضي في مثل هذه الأمثلة؟ لا أعتقد ذلك، فالحال يحكي عن نفسه.
لا ينبغي أن تكون العبرة في المحاسبة مبنية على من يكون داخل الحكومة (وقت) التغيير كما حدث في المرات السابقة، فمن باب الخيانة لشهدائنا ومناضلينا أن يفلت أحد من العقاب لمجرد وجوده خارج تشكيلة الحكومة عند حدوث التغيير.
لا بد أن تعمل هذه الحادثة على إفاقة الشعب من الغيبوبة التي يعيش فيها، ليقف على أسباب الضعف والهوان التي بلغت به إلى هذه المرحلة، وقد سبق لنا الحديث عن أهم تلك الأسباب، وهي عدم وجود تنظيم حزبي يجمع بين الملايين من أبناء الشعب المقهور والمظلوم، الذين يتم تعريفهم عن طريق الإستبعاد من الإنتماء للأحزاب القائمة، فليست هناك ثورة بلا تنظيم حزبي أو نقابي، وقد سبق لنا القول بأنه لو أن ألف "بوعزيزي" حرق نفسه لما إندلعت الثورة في تونس لولا وجود التنظيم السياسي الذي قام بترتيب صفوف الثورة وهو يقود البلاد اليوم، وهكذا الحال في ليبيا واليمن، بل وفي سوريا الي قادت وتقود الثورات فيها تنظيمات سياسية بترتيبات جادة ودؤوبة.
ولذلك فقد طرحنا فكرة تأسيس "حزب الأحرار" ليتثنى له القيام بهذا الدور، وسمينا شخصيات وطنية يمكنها أن تتولى قيادة هذا التنظيم، ولا يزال الأمل يراودنا في نجاح الفكرة، وهي السبيل الوحيد لخروجنا من هذه المحنة التي طالت، فقد حان الوقت ليقلب الشعب الطاولة في وجه الجميع، الإنقاذ وقوش والأحزاب السياسية، قبل أن يتحقق النجاح للإنقلاب القادم، والعليم الله، فقد يكون على رأسه في المرة القادمة الصوارمي نفسه، وليس من الفطنة أن نراهن على عدم وجود من يؤيدون ويناصرون الإنقلابيين الجدد، فهناك من يحتفظون بلافتات جاهزة لتأييد أي "قائد" في أي وقت، رجال طرق صوفية، ورموز أحزاب كبار، فلكل ثورة مليون سبدرات ودقير ومسار وبلال وضعفهم من أمثال اسماعيل الحاج موسى.
فلنسرع في إحداث التغيير الذي يضمن لنا القصاص من الجميع، قبل أن يقفز أمثال قوش و "ودإبراهيم" من القطار الذي يحترق ويصبحوا أبطال مثلما أصبح الترابي بطلاً.
سيف الدولة حمدناالله
saifuldawlah@hotmail.com