قبل سنوات طالعت هذه المقالة في احدى الجرايد للكاتب الصحفي جعفر عباس وكانت حينها الجرائد قد تناولت موضوع استيراد النفايات والقازورات ومع الهجمة الاعلامية
من الصحف تم وفق المشروع فالي المقال .
أحمل إليكم البشارة بأن الاستثمارات الأجنبية بدأت تتدفق على السودان.. استثمارات أشكال وألوان، والاستثمار الذي اكتشفت أمره وسأحدثكم عنه اليوم "يفتح النفس".. وبما أنني أعرف ان كثيرين لا يصدقون الحكايات التي أوردها في مقالاتي بسبب سوء الظن بقواي العقلية، أو لأنني اعترفت بأنني أعاني من الخرف المبكر رغم أنني يا دوب في طور المراهقة الثالثة، فسأحيلكم الى مصدر الحكاية.. ابحثوا في الإنترنت عن موقع جريدة Kathimerini وهي جريدة يونانية تصدر بالإنجليزية، وانظروا عددها ليوم الثلاثاء 22 نوفمبر.. وقبل الخوض في التفاصيل أتوجه بالشكر الى المواطن السوداني الغيور حافظ الحاج الذي يعمل في مجال المباني الجاهزة في مدينة ليستر البريطانية، الذي زودني بعنوان الموقع.. تقول الجريدة إن شركة الماء والمجاري في العاصمة اليونانية أثينا EYDAP بصدد تصدير 170 ألف طن من الفضلات البشرية الى السودان لتتم معالجتها في مصنع أمريكي (بالسودان) وتحويلها الى سماد لأغراض الزراعة، واستخلاص بعض المعادن الصلبة منها، وهناك 26 ألف طن من تلك الشحنة جاهزة على متن سفينة في جزيرة بسيلتاليا في انتظار الضوء الأخضر لتنطلق بحرا الى السودان.. كنت وما زلت أعتقد ان حكومة جعفر نميري أنجزت فقط ثلاثة أشياء بكفاءة: إلغاء نظام الجرادل في المراحيض، وبالتالي إلغاء عربات العيفونة التي كان يتم تحميل الفضلات البشرية فيها فتطوف بها الشوارع (ويا ويل من كان يتجرأ على وضع يده في أنفه عندما تمر به تلك العربات المكشوفة والفضلات "تجلبق" فيها)، وإغلاق بيوت الدعارة العلنية، وتحويل الحركة الى اليمين بعد ان كانت بالشمال مثل بريطانيا.. وها نحن نواكب العولمة حيث تسقط الحواجز التجارية وتنفتح الأسواق أمام السلع، واللهم لا اعتراض في حكمك إذا كان نصيبنا من تلك السلع هو فضلات الأغريق ونتاج مراحيضهم ودبليوسياتهم وكنيفاتهم ومستراحاتهم وبيوت أدبهم وأدبخاناتهم .. مرة أخرى أذكرك بأن كلامي هذا منقول بالمسطرة عن الجريدة اليونانية، التي ستجد فيها تصريحا لرئيس جمعية الخضر المدافعة عن البيئة في اليونان واسمه نيكولاس هارالمبيديس، يقول فيه ان تصدير البراز الإغريقي الى السودان عمل غير أخلاقي ويمثل "عنصرية بيئية"، حيث ان القانون اليوناني يمنع استخدام الفضلات البشرية كسماد، ولكن وكالة البيئة الأوربية تقول إنه لا يوجد قانون يمنع تصدير الفضلات البشرية.
طبعا لا تعويل على جمعيات حماية البيئة السودانية لأنه ما من جهة "تعبِّرها" أو تعيرها اهتماما، وبالتالي ما علينا سوى ان نفوض نحن المغتربين أمرنا الى الله، لأنه سيصبح من واجبنا تزويد أهلنا بالخيار والطماطم والملوخية والجرجير كي لا يتعاطوا الخضروات المشبعة بالعبير اليوناني.. كانت الرسائل التي تصلنا تقول: مطلوب تياب جيكار ومطرزات من التوتال السويسري وصندلية وخلاط وشبشب جلد أصلي.. ولكن وبعد ان تصل البضاعة اليونانية ستكون الطلبات من شاكلة: رجلة وشمار وفانيلة مصنوعة من القطن المصري.. طبعا لن يلبس إنسان عاقل ثيابا مصنوعة من القطن السوداني إذا تم استخدام السماد البشري اليوناني في الزراعة وسيوصف قطن السودان ب"أبو ريحة" بعد أن كان يوصف بطويل وقصير التيلة.. وتذكر أيضا ما قلته أعلاه من ان المصنع الأمريكي الموجود في السودان والذي سيقوم بمعالجة الفضلات اليونانية يعتزم استخراج معادن منها.. وبكل وضوح أقول: والحاضر يبلغ الغائب- لن أتناول أي وجبة في أي بيت سوداني ما لم يزودني أهل البيت بشهادات تفيد بأن الحلة والطوة والكمشة والملاعق وغيرها من أدوات المطبخ صنعت قبل عام 2005 أو مستوردة من بلد ليست له علاقات تجارية مع اليونان... اللهم لا اعتراض! ما زلنا عاجزين عن التحقق مما قيل حول دفن نفايات نووية في صحارى شمال السودان، وسكتنا على المحاليل الطبية الهندية التالفة، فإذا ببلادنا على وشك أن تصبح بالوعة مجاري! ولكن رب ضارة نافعة، ولابد من تلبية رغبات كل الأقاليم في الحصول على نصيبها من الثروة، فطالما ان بلدنا قد يصبح مقبرة للنفايات البشرية، وسيكون ذلك مقابل بعض الكاش، فلابد من ان يتم توزيع تلك النفايات بالتساوي بين كافة الولايات.. واقترح دفن كمية كبيرة منها في أطراف حلايب وسترون كيف يهرب المصريون من ذلك الإقليم ويناشدوننا: خدوه حلال عليكم جاتكو البلاوي.
يا جماعة والله المسألة في منتهى الجدية والخطورة وأناشد كل من يستخدمون الانترنت ويجيدون الإنجليزية ان يزوروا موقع الجريدة اليونانية آنفة الذكر ليتحققوا من صدق كلامي (طبعا هناك توم وشمار أضفتها من عندي ولكنني نقلت جوهر الخبر كما أوردته الجريدة).. سيبونا من دارفور ودار مالي ودار العوضة.. قضية جذب الاستثمار على هيئة نتاج دورات المياه سيجعل رائحة بلادنا كريهة في المحافل الدولية وسيطفش الاستثمارات في المجالات النظيفة: من هو المستثمر المغفل الذي سيرضى بزيارة بلد لا يعرف كيف تم تسميد الطعام الذي يتناوله في الفندق وما إذا كان الخضار المستورد قد أعد في وعاء صنع من المعادن المستخرجة م
abujaafir@yahoo.co.uk
جعفر عباس