حسن وراق حسن
| موضوع: زيارة د. نافع الي أمريكا .. الخروج من واشنطون ليس كالدخول اليها!! السبت 27 أبريل 2013 - 21:51 | |
| زيارة د. نافع الي أمريكا .. الخروج من واشنطون ليس كالدخول اليها!! تأتي زيارة الدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية الي واشنطون في اعقاب حملة كبري اجتاحت امريكا تقودها منظمات لها الجعل في الرأي العام والتأثير علي متخذي القرار في امريكا مثل منظمة Act for Sudan (افعل من اجل السودان) ومشروع منظمة كفاية و منظمة متحدون من اجل وقف الابادة الجماعية و منظمة الخدمة العالمية لليهود الامريكان الذين تمكنوا من التأثير علي اعضاء من الكونجرس الامريكي في الحزبين بتقديم مشروع قانون السلام والأمن والمحاسبة فى السودان لعام 2013 وتحت هذا القانون تندرج القضايا الجوهرية التي تهم الراي العام الامريكي والتي تتمثل في الانتهاكات والنزاعات والكوارث الإنسانية في السودان حيث يجيء القانون متزامنا مع الذكري العاشرة لاندلاع ازمة دارفور التي هزت الضمير الانساني العالمي و محرضةً ضد السياسة الامريكية المهادنة لنظام الخرطوم لتتسع دائرة الحرب في مناطق النيل الازرق و جنوب كردفان ويشمل مشروع القانون ايضا ما يتعلق بقضايا الارهاب وتشجيع التحول الديمقراطى وإنهاء الافلات من العقاب .. معلوم ان السياسة الامريكية لا تعرف الصداقة او العداوة المستدامة ولا تبني علاقاتها علي المصالح المشتركة كما يشاع ، امريكا لا تعرف الا مصالحها فقط ولا تترك لغيرها الا ما يتساقط من فتات يطلق عليه مجازا (مصلحة مشتركة ) خاصة تجاه حكومة الخرطوم التي تطبق معها سياسة الابتزاز عقب احداث الحادي عشر من سبتمبر التي جعلت حكومة الخرطوم (تنبطح) للادارة الامريكية وتملكها كل المعلومات الخاصة بشبكة الارهاب التي تضم النظيمات الاسلامية التي تعادي امريكا ومنها تنظيم القاعدة والجماعات الاسلامية السرية الاخري . نظام الخرطوم تعاون امنيا في عهد (صلاح قوش) تعاونا منقطع النظير مع اجهزة الاستخبارات الامريكية التي استطاعت إحضار قوش الي واشنطون بطائرة خاصة (لتفريغه) امنيا و معلوماتيا وقد عبر وقتها وزير الدفاع الامريكي الاسبق رونالد رامسفيلد صراحة بقوله لجماعة الضغط المسيحي التي كانت تريد من الادارة الامريكية الضغط علي نظام الخرطوم لوقف المجازر وجرائم الإبادة في الجنوب المسيحي قبل التصويت باعادة انتخاب جوج بوش الابن، ( ان ما قدمته لنا الخرطوم من معلومات لم تقدمه كل اجهزة الامن القومي الامريكي مجتمعة ) وواصل (الحرب التي نشنها علي الإرهاب العالمي هي بفضل معلومات الخرطوم ) . المصالح الامريكية اقتضت المحافظة علي نظام الخرطوم باعتباره نظام مطيع (استراتيجيا) و متعاون (تاكتيكيا) ومتسرع لدرجة التهافت من أجل خدمة الامن القومي و الادارة الامريكية لتأمين بقاءهم طويلا في دست الحكم ولهذا استخدمت الادارة الامريكية مع نظام الخرطوم ما يعرف بسياسة العصا و الجزرة و لكن (بلا جزرة ) . الادارة الامريكية تعلم ان نظام الخرطوم معزول شعبيا وجماهيريا ولكنه يحكم فقط بالارهاب والقبضة الامنية ويسير في طريق مسدود Dead End ويشكل وصمة عار في منظومة دول العالم المعاصر ولا أمل يرتجي منه لشعبه و لشعوب المنطقة لان عمره الافتراضي قد انتهي وفي ذات الوقت فإن المعارضة السودانية المكبلة تعاني حالة ضعف في ظل الحصار الامني المفروض عليها ، و لا تقوي علي احداث تغرة تهز اركان النظام القابض أمنيا علي كل المقاليد . هذه القبضة الامنية حتما ستضعف لانها في الواقع فرضتها ظروف (ذاتية ) حفاظا من حدوث أي تغيير يترتب عليه تهديد حياة اركان النظام الذين ارتكبوا جرائم انسانية (لا تغتفر ولا تسقط بالتقادم ) وانتهجوا اسلوب دخيل علي اخلاقيات الشعب السودان في التعامل مع معارضيهم مستعيرين تجربة المدرسة الامنية الايرانية في الفتل و التعذيب و الترويع واستخدام ما يعرف ببيوت الاشباح (سيئة السمعة ) لكسر شوكة المعارضين وتصفيتهم وهذا الاسلوب (النازي ) سيظل محفورا في الذاكرة الجمعية للشعب السوداني مدي الحياة وسيظل يشكل عقبة في طريق المصالحة الشعبية والتي لا تمنع افراد الشعب السوداني من ضحايا النظام الأخذ بحقهم لانهم يعتبرون أن ما تعرضوا له أمر شخصي من اشخاص معروفون يقتضي القصاص منهم. الادارة الامريكية تدرك جيدا تعذر المصالحة السودانية مع النظام في ظل وجود بعض رموزه المتشددين والذين أرتكبوا فظائع وانتهاكات أثناء وبعد مرحلة (تمكين) النظام. الادارة الامريكية ادركت سلبيات ثورات الربيع العربي وما نتج عنها من عدم استقرار امني وهي لا تريد ان تكرر التجربة في السودان والذي سيكون التغيير فيه داوي الانفجار من شعب مقهور لربع قرن من الزمان سيفضح زيف المشروع الاسلامي للحكم الذي فصل جنوب البلاد و نشر الحروب والظلامات والمآسي شرقا وغربا وشمالا ولهذا تفضل الادارة الامريكية إعمال سيناريو اصلاح النظام حتي يصبح مقبولا داخليا وخارجيا . اصلاح النظام لن يتم في وجود البشير علي قيادته لان مطالبة الجنائية الدولية لن تسقط بالتقادم وقد (تحتوي) بمساومة وضمانات تروج لها الادارة الامريكية والرئيس البشير يدرك مأزق الجنائية ولهذا بدأ يمهد لانسحابه من الحكم بتصريحات عدم نيته للترشح وهي دعوة جادة أملتها الضغوط الأمريكية من اجل (تقييف ) النظام الذي بدأت الصراعات تظهر بوضوح وسط اقطابه واركانه ، صراعات ثلاثية الابعاد لكن (قِدّهُ) رباعي، يتمثل البعد الاول في المؤسسة العسكرية والامنية (عبدالرحيم محمد حسين وبكري حسن صالح) او ما يعرف (جنرالات حول الرئيس) هذه المؤسسة العسكرية تري انها احق بخلافة الرئيس ممثل تلك المؤسسة والبعد الثاني هي مجموعة النائب الاول الاستاذ علي عثمان محمد طه والذي يعتبر رجل امريكا القوي و المراهن علية لقيادة السودان منذ اتفاقية ابوجا عندما طالب الدارفوريون بمنصب النائب الاول لرئيس الجمهورية ووقتها انتفض المبعوث الامريكي روبرت زوليك الذي يمثل الجانب الامريكي الراعي للمفاوضات وخبط علي التربيزة وبنبرة قوية قائلا Taha is our man أي ان علي عثمان محمد طه هو (زولنا ) ولا تزال امريكا تعتبر ان علي عثمان هو خير من (يمثلهم) لوراثة الحكم في السودان وهم يملكون من الاساليب والوسائل الكفيلة ب (تحجيم ) المؤسسة العسكرية أما البعد الثالث فيمثله مساعد الرئيس الدكتور نافع علي نافع الذي يظن انه (استالين الانقاذ) و الوريث الشرعي والخليفة الأحق لانه من ثبت الانقاذ بالارهاب قتلا وترويعا و (بذاءة ) واما (القد الرباعي) فهم مجموعات في الحركة الاسلامية تقف في الحياد الانتهازي . الإدارة الأمريكية تدرك جيدا أن مفتاح حل الأزمة السودانية وإصلاح النظام يكمن في إبعاد مساعد الرئيس الدكتور نافع والذي أنتهي دوره كلاعب في خط (التمكين) بالإضافة إلي انه لا يحظ بأي قبول وسط الحزب الذي يهدد عضويته باستخدام جرعات (البندول) و وسط كل افراد الشعب السوداني (يتمتع ) بكراهية مثيرة وغريبة ولا ترحب به كل احزاب وقوي المعارضة باجماعها مما يجعله محط نظر focal point الادارة الامريكية التي تأكد دون تردد، ان دكتور نافع يجب ان يذهب خاصة بعد جمعة (لحس الكوع ) ولكن النظام لا يريد الاعتراف بان نافع أصبح ضارا و لن تحتمل الانقاذ أي ترقيع وتقييف في ظل وجوده ولعل نافع نفسه ادرك ذلك مؤخرا ولاذ بصمت القبور و توقف عن بذاءته محاولا بعد فوات الآوان (ترميم ) صورته امام الجماهير بعد أن تأكد ان شمسه لا محالة غاربة وبدأ ذلك واضحا من تململ الدوائر الحكومية منه ومن تلاميذه و أما علي نطاق الحزب فان غالبية الأعضاء ما عدا ( غندور) يده اليمني يرون ان النظام ليس بحاجة إلي صقور مثل نافع الذي بات يشكل عقبة واضحة أمام أي إصلاح حقيقي بالإضافة إلي انه ، (مزودها حبتين ) ، علي الصعيد الشعبي فالجميع متفق عليه بعبارة واحدة ، (يورينا فيهو يوم) وتجيء زيارته إلي واشنطون ليس بدعوة من ادارة الرئيس اوباما كما تروج بذلك الحكومة في الخرطوم ولكنها رغبة جموحة من دكتور نافع الذي (ألحّ) في تقديم طلبه بذلك كما أكدت الخارجية الأمريكية ولا يستبعد ابدا ان تكون المخابرات الامريكية وراء (جرجرته) في الإلحاح بالزيارة . زيارة نافع الي امريكا احدثت حراكا كثف من الإتصالات بمكاتب أعضاء الكونغرس و المهتمين بشئون السودان وطرحت العديد من الاسئلة التي تستفز الراي العام الامريكي ( كيف يعقل لمن إخترع بيوت الأشباح و عذّب بروفيسوره و من أشرف علي محاولة إغتيال رئيس دولة أخري (حسني مبارك) و مارس التعذيب بنفسه و له ضحايا الآن هم مواطنون أمريكان .. أن تطأ قدمه أرض أمريكا ؟ الادارة الامريكية لاتحتاج الي من يذكرها ، من هو نافع علي نافع لِمَ لا وهو صنيعتهم ولكنها تريده (مُقنْطَراً) حتي يلاقي (شَوْتَه) قبول من الجميع سيما وان الادارة الامريكية هي التي تريد ان تقول لنافع Get down بلغة مهذبة تخلو من بذاءة حرف ال F الامريكي المعروف الذي تتواري منه خجلا ، لغة (لحس الكوع) واخواتها . استراتيجية الادارة الامريكية تدرك جيدا ان مصالحها في السودان تحتاج في الوقت الراهن قبل تغيير النظام لبناء عامل الثقة مع شعب مقهور بدأ يحمل الادارة الامريكية مسئولية اطالة عمر نظام الانقاذ الذي اصبح فاقد القدرة علي البقاء والاستمرار و اضاع ربع قرن من مستقبل السودان و مواطنيه وان القبضة الامنية في عالم اليوم اصبحت مفرخة للجرائم ضد الانسانية التي تفضح مستقبلا الانظمة و الدول المتورطة في دعم نظام الخرطوم و علي كل فإن الدلائل والمؤشرات كلها تشير الي ان طريق الحل لأزمة السودان لا يمر عبر التفاوض مع نافع الذي يجب ان يتناول عشاءه الأخير في واشنطن كما فعل الوزير المصري عمر سليمان رجل نظام حسني مبارك القوي ، أو هكذا ما ظلت تفعله أمريكا مع الكثيرين الذين (يعكننون) مصالحها وفي جميع الحالات فان خروج نافع من واشنطون ليس كالدخول إليها وحتما سيخرج غير نافع .
| |
|