إختشي يا عقيد الشرطة !!
ختشي يا عقيد الشرطة !!
سيف الدولة حمدنالله
09-04-2013 05:07 PM
سيف الدولة حمدنالله
النقيب شرطة أبوزيد عبدالله الذي فقد وظيفته ويقضي الآن عقوبة بالسجن أربعة سنوات لتقديمه شكوى ضد رؤسائه رجل غشيم ومسكين وعلى نيّاته، فقد إعتقد – من غُلبه - أن هذا النظام ينتظر من يعينه على كشف الفساد ويُرشده إليه، فأدخل رأسه في جحر الأفعى ليشتكي له الثعبان، فقد نزل معركة ببسطونة خيزران ليواجه خصم بيده مدفع وأسلحة رشاشة، وليس في هذا القول – لا سمح الله - ما نفتري به على النظام، فقد ذكر مثل هذا المعنى ركن تليع من أهل السلطة، فقد أبلغني مصدر عليم وموثوق أن النقيب أبوزيد تربطه صلة قرابة بالفريق عبدالرحيم حسين والذي كان قد عمل ضمن فريق مكتبه حينما كان الأخير وزيراً للداخلية، وبعد صدور هذا الحكم طلب أهل النقيب شفاعة الوزير عبدالرحيم، فقال لهم ما معناه: " هو إبنكم ما يشتغل شغله إيه يخصه في فساد الضباط الكبار!!".
الحكم الذي أصدرته محكمة الشرطة في مواجهة هذا النقيب (أصدر الحكم العقيد شرطةمحمد كرم الله الأمين) حكم بائس وتعيس ومخزٍ، ولكنه يشبه النظام، فبرغم الظلم الذي طال هذا النقيب المكلوم فهو محظوظ أن رأسه لا يزال مرتكزاً على عنقه، فقد أُزهقت الإنقاذ أرواحاً بشرية في قضايا لا تستحق الحكم فيها بالغرامة عشرة جنيهات (أقصى عقوبة منصوص عليها في لائحة تنظيم النقد الأجنبي التي حوكم بموجبها الشهيد مجدي محجوب ورفاقه لا تتجاوز الغرامة ومصادرة العملةالأجنبية)، فيما خرج آخرون من باب السجن إلى باب الوزارة في جرائم تستحق الإعدام (أبوقردة والحاج آدم ...الخ)، فهذا نظام يتصرف أهله في الوطن تصرف المالك في ملكه،فقبل أيام صدر مرسوم جمهوري قضي بالعفو عن ذئب بشري لكونه "شيخ" ورجل دين بعد أن كان قد قام بإغتصاب طفل، وقد ثبتت عليه هذه الجريمة بموجب بينة قاطعة من واقع فحص الحمض النووي للسائل المنوي الذي خلّفه وراءه هذا الموتور، في الوقت الذي تحاكم فيهفتاة بتهمة "الزي" الفاضح لعدم تغطية رأسها ب "طرحة".
من حيث القانون، وعلى الصعيد النظري، ليس هناك ما يمنع من محاكمة موظف عام إذا قام بتقديم بينات كاذبة في حق رؤسائه، وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها ضابط بالإبلاغ عن رؤسائه، فقد حدث عقب ثورة أبريل 1985 أن قام ضابط سجون برتبة ملازم أولبتقديم بلاغ إتهم فيه رؤسائه (مدير عام السجون ونائبه) بالفساد بدعوى إستغلالهما لنفوذهما بقيام كل منهما بتربية "بقرة" خاصة بهضمن الأبقار الأميرية بمزرعة السجون في سوبا (لاحظ ما كان يُقال له فسادفي زمن ما قبل الإنقاذ). قامت لجنة بالتحقيق في البلاغ إنتهى بتقديم الضابطين للمحاكمة، الاّ أن المحكمة قضت ببراءتهما لعدم صحة ما ورد في البلاغ من معلومات ، أو، لربما لغير جدير الجريمة، وقد ترتب على ذلك محاسبة المبلّغ أمام محكمة شرطة التي قضت بفصله من الخدمة.
بيد أن الذي حدث في هذه القضية أنه لم تقم أي جهة بالتحقيق في الشكوى التي تقدم بها النقيب أبوزيد، برغم أنه كان قد مضت فترة سنتين على تقديمالشكوى لكل من وزير الداخلية ومدير عام الشرطة، قبل أن يقوم صاحبها بالسعي لحتفه بيديه حين قام بتقديمها هذه المرة لمساعد رئيس الجمهورية العقيد عبدالرحمن الصادق المهدي.
لا أحد يعرف ماذا قال النقيب أبوزيد في الشكوى التي جعلته يعيش هذا الكابوس، أو يعرف نوع وحجم الفساد الذي تحدث عنه أوأسماء الضباط الضالعين فيه، ولكن مهما حدث فهو من فضلة خير شرطة هذا النظام الذي يسبح في الفساد، فليس هناك ضابط شرطة في الخدمة أو بالتقاعد لا يعرف حكاية العقيد الذي ظل يتحصل عن طريق الغش والإحتيال على مبالغ مالية ولسنوات طويلة بإعتبارها مرتبات لقوة وهمية لا وجود لها، وقد تعاقب على هذه الجريمة ثلاث مديرين للشرطة، لديهم علم كامل بتفاصيل هذه القضية(تمت إحالة هذا العقيد مؤخراً للتقاعد للصالح العام وهو يستمتع الآن بهذه الثروة الطائلة) دون أن يتخذوا بشأنها أي إجراء أو تحقيق.
مشكلة النقيب أبوزيد أنه أخطأ في إختيار الوقت الذي قام فيه بتقديم هذه المعلومات، ذلك أن وقت حساب هؤلاء اللصوص لم يأتِ بعد، فالذين ينتظرهم الحساب تلزمهم طوابير طويلة، وسوف يأتي اليوم الذي يسترد فيه الشعب كل مليم أحمر طالته أيدي هؤلاء اللصوص، فهناك من أبناء هذا الوطن من يقومون برصد حالات الفساد وتدوينها، الذين سوف يحاسبون على جرائمهم حساباً عسيراً، حتى يلعنوا اليوم الذي خرجوا فيه إلى هذه الدنيا.
هناك رصد كامل لفساد الشرطة قامت بكشفه صحيفة "حريات" تم نشره في تقرير قبل نحو عام من الآن، أشارت فيه الصحيفة لجرائم ضباط الدفعة (60)، وهي أول دفعة لمنسوبي هذا النظام، تم تخريجها على يد اللواء الزبير محمد صالح الذي خاطبها في إحتفال التخريج يقول: "من هنا تبدأ الشرطة".
هذه دفعة لصوص لا شرطة (قطعاً هناك شرفاء وأبرياء من بينهم) أورد التقرير تفاصيل البنايات والقصور التي يمتلكهاأفرادها بأسمائهم والثروات التي حققوها، وليس أفضل من هذه الدفعة الذين جرى تعيينهم بالقطاعي، من بينهم أرزقيتم تسكينه في رتبة عميد شرطة (المسئول حالياً عن التخطيط المروري) بعد أن حصل على شهادة في هذا المجال أثناء فترة وجوده كلاجئ سياسي في هولندا، وأيضاً تعيين شقيق الدكتور غازي صلاح الدين العتباني برتبة عقيد شرطة (قسم الشئون المالية والإدارية برئاسة الشرطة) وهو خريج إحدى جامعات شرق أوروبا.
الا يختشي هذا العقيد الذي أصدر هذا الحكم !! بل أليس له وِليان!! ... منه العوض وعليه العوض يا وطن،،
تنويه:
لظروف خاصة سوف يحتجب هذا القلم حتى نهاية هذا الشهر، وعند العودة – بإذن الله - سوف نبدأ بالمقال الموعود حول القضاء في عهد مولانا أبوسن في ضوء ما ورد بمقالنا السابق بعنوان "كنس آثار جلال".