قصَّة دانيال عَلَيْهِ السَّلَام
وَذكر هَؤُلَاءِ الْقَوْم: أَن نَبيا، كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل بعد مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بِزَمَان طَوِيل، يُقَال لَهُ: دانيال، وَأَن قومه كذبوه، فَأَخذه ملكهم، فقذفه إِلَى أَسد مجوعة فِي جب، فَلَمَّا اطلع الله تَعَالَى على حسن اتكاله عَلَيْهِ، وَصَبره طلبا لما لَدَيْهِ، أمسك أَفْوَاه الْأسد عَنهُ، حَتَّى قَامَ على رءوسها برجليه، وَهِي مذللة، غير ضارة لَهُ، فَبعث الله تَعَالَى إرميا من الشَّام، حَتَّى تخلص دانيال من هَذِه الشدَّة، وَأهْلك من أَرَادَ إهلاك دانيال.
وعضدت روايتهم، أَشْيَاء رَوَاهَا أَصْحَاب الحَدِيث، مِنْهَا
مَا حدّثنَاهُ عَليّ بن أبي الطّيب الْحسن بن عَليّ بن مطرف الرامَهُرْمُزِي، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْجراح، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيَا الْقرشِي، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الْأَعْلَى الشَّيْبَانِيّ، قَالَ: إِن لم أكن سمعته من شُعَيْب بن صَفْوَان، فحدثنا بعض أَصْحَابنَا عَنهُ، عَن الْأَجْلَح الْكِنْدِيّ، عَن عبد الله بن أبي الهديل قَالَ: ضرى بخت نصر أسدين، فألقاهما فِي جب، وجا بدانيال فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِمَا، فَلم يهيجاه، فَمَكثَ مَا شَاءَ الله، ثمَّ اشْتهى مَا يَشْتَهِي الآدميون، من الطَّعَام وَالشرَاب، فَأوحى الله إِلَى إرميا، وَهُوَ بِالشَّام، أَن أعد طَعَاما وَشَرَابًا لدانيال، فَقَالَ: يَا رب، أَنا بِالْأَرْضِ المقدسة، ودانيال بِأَرْض بابل من أَرض الْعرَاق، فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ أَن أعد مَا أمرناك بِهِ، فَإنَّا سنرسل إِلَيْك من يحملك، وَيحمل مَا أَعدَدْت فَفعل، فَأرْسل الله إِلَيْهِ من حمله، وَحمل مَا أعد، حَتَّى وقف على رَأس الْجب.
فَقَالَ دانيال: من هَذَا؟ قَالَ: أَنا إرميا.
قَالَ: مَا جَاءَ بك؟ قَالَ: أَرْسلنِي إِلَيْك رَبك.
قَالَ: وذكرني؟
قَالَ: نعم.
قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي لَا ينسى من ذكره، وَالْحَمْد لله الَّذِي لَا يخيب من رجاه , وَالْحَمْد لله الَّذِي من توكل عَلَيْهِ كَفاهُ، وَالْحَمْد لله الَّذِي من وثق بِهِ لم يكله إِلَى غَيره، وَالْحَمْد لله الَّذِي يَجْزِي بِالْإِحْسَانِ إحسانا، وبالسيئات غفرانا، وَالْحَمْد لله الَّذِي يَجْزِي بِالصبرِ نجاة، وَالْحَمْد لله الَّذِي يكْشف ضرنا، بعد كربنا، وَالْحَمْد لله الَّذِي هُوَ ثقتنا، حِين تسوء ظنوننا بأعمالنا، وَالْحَمْد لله الَّذِي هُوَ رجاءنا، حِين تَنْقَطِع الْحِيَل منا.