قَالَ الواحدي رَحمَه الله معنى يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله يعصونهما وَلَا يطيعونهما كل من عصاك فَهُوَ محَارب لَك ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا أَي بِالْقَتْلِ وَالسَّرِقَة وَأخذ الْأَمْوَال وكل من أَخذ السِّلَاح على الْمُؤمنِينَ فَهُوَ محَارب لله وَرَسُوله وَهَذَا قَول مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ (قَوْله تَعَالَى) أَن يقتلُوا إِلَى قَوْله أَو ينفوا من الأَرْض قَالَ الْوَالِبِي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا (أَو) أدخلت للتَّخْيِير وَمَعْنَاهَا الْإِبَاحَة إِن شَاءَ الإِمَام قتل وَإِن شَاءَ صلب وَإِن شَاءَ نفي وَهَذَا قَول الْحسن وَسَعِيد بن الْمسيب وَمُجاهد وَقَالَ فِي رِوَايَة عَطِيَّة أَو لَيست للْإِبَاحَة إِنَّمَا هِيَ مرتبَة للْحكم باخْتلَاف الْجِنَايَات فَمن قتل وَأخذ المَال قتل وصلب وَمن أَخذ المَال وَلم يقتل قطع وَمن سفك الدِّمَاء وكف عَن الْأَمْوَال قتل وَمن أَخَاف السَّبِيل وَلم يقتل نفي من الأَرْض وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ الشَّافِعِي أَيْضا يحد كل وَاحِد بِقدر فعله فَمن وَجب عَلَيْهِ الْقَتْل والصلب قتل قبل صلبه كَرَاهِيَة تعذيبه ويصلب ثَلَاثًا ثمَّ ينزل وَمن وَجب عَلَيْهِ الْقَتْل دون الصلب قتل وَدفع إِلَى أَهله يدفنونه وَمن وَجب عَلَيْهِ الْقطع دون الْقَتْل قطعت يَده الْيُمْنَى ثمَّ حسمت فَإِن عَاد وسرق ثَانِيًا قطعت رجله الْيُسْرَى فَإِن عَاد وسرق قطعت يَده الْيُسْرَى لما رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي السَّارِق إِن سرق فَاقْطَعُوا يَده ثمَّ إِن سرق فَاقْطَعُوا رجله ثمَّ إِن سرق فَاقْطَعُوا يَده ثمَّ إِن سرق فَاقْطَعُوا رجله وَلِأَنَّهُ فعل أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَلَا مُخَالف لَهما من الصَّحَابَة وَوجه كَونهَا الْيُسْرَى اتِّفَاق من صَار إِلَى قطع الرجل بعد الْيَد على أَنَّهَا الْيُسْرَى وَذَلِكَ معنى قَوْله تَعَالَى من خلاف وَقَوله تَعَالَى أَو ينفوا من الأَرْض قَالَ ابْن عَبَّاس هُوَ أَن يهدر الإِمَام دَمه فَيَقُول من لقِيه فليقتله هَذَا فِيمَن يقدر عَلَيْهِ فَأَما من قبض عَلَيْهِ فنفيه من الأَرْض الْحَبْس والسجن لِأَنَّهُ إِذا حبس وَمنع من التقلب فِي الْبِلَاد فقد نفي مِنْهَا.