ماجستير آخر زمن !
(#) كثيرة هذه الأيام الأحداث المحزنة والمؤلمة إلا أن أكثر ما يحزن أن يصبح التعليم وسيلة للجبايات الحكومية بعد أن تخلت الدولة عن تمويله وطلبت من جميع مرافق الدولة أن (تأكل نارا) وتجيب الهواء من قرونو وتبحث عن موارد لتمويل ميزانيتها لان كل ما التزمت به الدولة في موازنة هذا العام نسبة 5% فقط للصحة والتعليم وهذه النسبة الهزيلة لا تلتزم بها الحكومة التي تصرف ب(هبل) علي الأمن والدفاع حوالي 80% .كل الجامعات السودانية بلا استثناء وجدت في الطلاب صيد سهل لترقية مواردها المالية بفتح الأبواب والتنافس بين الجامعات لاستيعاب الدارسين لدرجتي الماجستير والدكتوراة .
(#) في احدي كليات التربية الجامعية التي انتشرت ب (غباء) في كل مدن السودان وجدت صفوف من الطلاب أمام إحدي المكاتب ولم أعر الأمر اهتماماً ربما شيء روتيني إلا أن أحد المعارف من العاملين بالكلية قابلني مبسوطا فرحاً بأن مشاكلهم سوف تجد طريقها إلي الحل كلما زادت وطالت هذه الصفوف المتراصة من الطلاب وعندما طلبت منه أن يشرح لي حقيقة هذه الصفوف فاجأني (النهار) بأنهم المتقدمون للتسجيل لنيل درجة الماجستير فتسمرت في مكاني أتفرس في تلك الوجوه فجميعهم من صغار السن الذين تخرجوا في نفس العام من ذات الكلية و من كليات مجاورة وتبدو عليهم ومن مظهرهم آثار النعمة و الراحة .
(#) شدني الموقف بفضول الصحافي ووجدتها مادة دسمة للتناول تجرأت وقمت بسؤال احدي المتقدمات التي تقف في مؤخرة الصف عن رسوم التسجيل للماجستير فاجابتني أنها في حدود 5 مليون والقسط الأول للتسجيل هو مبلغ مليون ومائة فوجدت حوالي 9 من المتقدمين في الصف هذا غير الذين دفعوا الرسوم وغادروا والذين مهما هم تأخروا فإنهم يأتون . سألتها إن كانت تعمل في أي جهة فكانت المفاجأة إنها تخرجت هذا العام وأنه لا توجد فرص عمل حتى الذين تخرجوا قبل 4 أعوام مازالوا بلا وظائف و (قلت أعمل لي ماستر أهو أحسن من قعاد سكت ) والملاحظ أن نسبة البنات أكثر من 80% من المتقدمين .
(#) في أحدي قاعات الكلية وجدت حوالي 30 طالب دراسات عليا للماجستير لا فرق بينهم وبين الطلاب العاديين سوي العدد يعني باختصار عبارة مستوي دراسي عادي (رابع أو خامس) غير أن الرسوم العالية هي التي تفرق بينهم . أحد الزملاء المغتربين من خريجي آداب جامعة الخرطوم راقت له فكرة الحصول علي درجة الماجستير في آداب اللغة الانجليزية فقام بكل ما هو مطلوب منه من دفع رسوم و تفرغ والتوقيع علي كم هائل من الأوراق ومن أول وهلة قرر أن يلغي الفكرة من أساسها لأنه وعلي حسب قوله وجد أن مستواه الأكاديمي ارفع وأحسن من أستاذ المادة (الدكتور) الذي يشرف علي دراسة الماجستير .