والكركدي ، الله لي!
(*) كان ذلك في منتصف الثمانينات والركود الاقتصادي يشل حركة صادراتنا الرئيسية علي الرغم من الإنتاجية العالية للمحاصيل الزراعية .هنالك سلع صادر هامشية لا يعول عليها كثيرا مثل الكركديه والسنمكة والجلود والأعلاف لان كل الاهتمام بسلع الصادر التقليدية من القطن والذرة والحبوب الزيتية فول وسمسم قبل ان يدخل عباد الشمس السودان .قام مركز تنمية الصادرات بوزارة التجارة الذي يشرف عليه الخبير الأردني الفلسطيني دكتور نواس ومساعدته الفلبينية (لندا) بالتركيز علي السلع الهامشية خاصة تلك التي تجد القبول في السوق العالمي مثل الكركديه لان سلعة السنمكة تخصص فيها (إيليا ) احد قدماء يهود أم درمان .
(*) بدأ الاهتمام بالترويج لسلعة الكركديه بعمل خطة تسويقية تبدأ من مواقع الإنتاج ورصد كل مشاكله وعقبات حصاده وأنواعه وإمكانيات خلق قيمة مضافة عبر التصنيع المختلف . كان نصيبي من المهمة التسويقية رصد محصول الكركديه في جنوب دارفور وكان موسما فائضا بالإنتاج لدرجة انه لم يتم حصاده وترك في في أرضه وبعد التقصي عن السبب وجدت أن هنالك اعتقادا سائدا وسط المواطنين أن حصاد الكركديه يضعف الفحولة لدي الرجال ولذلك ترك أمر حصاده للمرأة التي تندرج تحت مهامها العديد من الواجبات والمهام والمرأة في دارفور من ابرز القوي العاملة في المجتمع وتقوم بالأعمال الشاقة خاصة أعمال البناء .
(*) من خلال ارتباطي بتسويق سلعة الكركديه تبين أن هنالك 3 أنواع من الكركديه يبدأ من النوع الداكن الاحمرار وهو أجود الأصناف ثم الكركديه الأحمر وأخيرا الأبيض والذي يصنف كحالة مرضية تستخدمه نساءنا في عمل الآبريه الأبيض لرمضان .استطاع مصنع سعيد للأغذية و مديره العام البروف سعيد أن يقم بتصنيع عدة أنواع من الكركديه تبدأ من شاي الزهرة النقاوة والبدرة سريعة الذوبان والمربي والعصائر (الاسكواش) عالية التركيز 26% بالإضافة الي المشروب الشعبي في مختلف التعبئات وعبر السفارات والملحقيات التجارية تم ابتعاث تيم لتسويق أنواع الكركديه علي أيام وزير التجارة فاروق المقبول والوكيلعبدالوهاب تميم عليه الرحمة وصلاح حسن احمد مدير الصادر فكانت أول صفقة من السعودية بمبلغ (خرافي)3 مليون دولار من المليونير والسعودي وقتها صلاح جمجوم .
(*) كانت المهمة التي تسبق توقيع الاتفاق هي استقبال ذلك الجمجوم في المطار وتخيرنا شارع النيل ليكون خط سيرنا الي الوزارة و الجمجوم مندهش من مياه النيل الغامرة وقت الفيضان وأراضي الموز السوداء تلفت الانتباه وكان الجمجوم يسأل المرحوم عمر بكري نائب مدير الصادر مستعجبا ان كان كل هذا ماء عذب وتلك ارضي صالحة للزراعة فأجابه بنعم ولم يتمالك نفسه قائلا بغضب (والله انتم فاسدون وحكومتكم فاسدة) فماذا سيقول هذا الجمجوم لو حضر الي السودان الآن في زمن الإنقاذ المكندك بالفساد.