الاخت والزميلة والصديقة الصحفية المبدعة والناشطة السياسية الاستاذة عفاف ابوكشوة والتي تعمل الآن بتلفزيون الامارات مهمومة هذه الايام بملف توثيقي للاستاذ نبيل هلالي المحامي المصري ابن آخر رئيس وزراء مصري قبل الثورة والذي انتمي لفقراء ومظاليم مصر وسجل العديد من المواقف الانسانية والبطولية النادرة ومن ضمن الذين رثوا هذا الرجل العملاق الضخم المرحوم الشاعر احمد فؤاد نجم واخترت لكم كلمته في الملف لانها تستحق ان تقرأ ....
21 يونيو 2006م تحت عنوان
( مع السلامه )
للكاتب والشاعر المناضل/ أحمد فؤاد نجم
احمد نبيل الهلالي سلامه, فارس الفرسان ومحامي الغلابه الذي اضطهدوه واعتقلوه وعذبوه عقابا
له علي انسلاخه من طبقة الحكام والتحامه بالطبقة الكادحة المطحونة.
كان ابوه نجيب باشا الهلالي آخر رئيس وزراء في العهد الملكي وحين مات ابوه تاركا ثروة
طائلة له ولشقيقته رفض نصيبه من التركة ووزع الارض علي الفلاحين الذين يزرعونها لانه شيوعي
واذا كان الشيوعي هو آخر من يأكل واول من يموت حسب ما قرأ نبيل الهلالي وتعلم فان الشيوعي
الحقيقي لايرث .
التقيته اول مرة في قاعة محكمة الاستئناف بباب الخلق حيث كنا , الشيخ امام ومحمد علي
وانا متهمين بتكوين تنظيم سري لقلب نظام الحكم بالقوة المسلحة . وكانت هيئة الدفاع عنا
مكونة من الاساتذة مصطفي منيب وعادل امين وزكي مراد ونبيل الهلالي , وقد اختار الاستاذ نبيل
الهلالي الدفاع عن محمد علي - طبال الفرقة - وقد استهل مرافعته بمقولة ( كلما كان الاتهام
واهيا كلما صعبة مهمة الدفاع ) ...
وانا ياسيادة الرئيس اجد نفسي الان في هذا الموقف فالتهمة الموجه الينا هي قلب نظام الحكم
, فهل تتصورون عدالتكم ماهي اداتنا ؟ ... ثم توجه الي منصة النيابة وقلد بيديه النحيلتين
حركة الطبال وقال ( الطبلة ) وضجت المحكمة بالضحك وسأل رئيس المحكمة الشيخ امام
انت صحيح ياشيخ امام كنت عايز تقلب نظام الحكم ؟
واجابه الشيخ امام علي الفور :
بالعكس ياباشا دنا كنت عيز اعدله
وفي المحكمة العسكرية التي احالوني اليها بتهمة تأليف الشعر , كان نبيل الهلالي في
ظهري مدافعاعني ببسالة الفرسان ولان قصيدتي ( بيان هام ) كانت هي جسم الجريمة وموضوع الاتهام
فقد حلق نبيل الهلالي في سماء المحكمة كالطائر الطروب وقدم مرافعة مجيدة الي رءيس المحكمة
وطلب رئيس المحكمة طبع المرافعة ليحتفظ بنسخة منها قائلا :
يااستاذ نبيل احنا تلاميذك ولااظنك تبخل علي تلاميذك فوافق ووعد رئيس المحكمة بنسخة من
المرافعة التي قال ما قال فيها ( ان الواقف امامكم ليس هو الشيخ امام ولااحمد فؤاد نجم
انه ضمير هذا الشعب وما امام ونجم الا حلقة في السلسلة التي تنظم المبدعين العظام
الذين اختاروا الوقوف الي جانب المظلومين وتبني قضاياهم في وجه السلطان الجائر
ثم قال ان القصيدة موضوع الاتهام تتحدث عن شخص دجال اسمحه شحاته العسل وللرئيس
السادات مؤلفات تملا السوق ولم نقرأ علي غلاف احداها اسم شحاته العسل .......
وهنا انبري ممثل الاتهام قائلا :
ولكن الشاعر وهو يلقي قصيدته كان يردد لازمة للرئيس السادات , فاجابه الاستاذ نبيل متسائلا
هو الرئيس السادات له لازمة ؟ وضجت المحكمة بالضحك .
وفي سجن ابوزعبل وعلي اثر انتفاضة الجوع في يناير 1977 التي سماها الرئيس السادات
اتفاضة الحرامية وجدت نفسي من حسن حظي في الغرفة رقم 9 مع مجموعة رائعة من الرفاق كان
بينهم الاستاذ نبيل الهلالي الذي اقتربت منه كثيرا وتعلمت منه كثيرا فاحببته اكثر
كانت خدمة الغرفة موزعة علينا جميعابشكل دوري كل يوم زميلان يقدمان الاكل والشاي للزملاء
وكان نبيل زميلي فقلت له:
سيب انت مسالة الاكل والمية وانا ساعمل الشاي وانت عليك تصبه بس .. فيها حاجة دي ؟
وبعد الغداء قدمت له الترمس والكبايات وقلت له صب ثم حذرته
لو دلقت نقطة شاي ع البلاط انت اللي حتمسحه
فقال لي ضاحكا :
وايه يعني مش احسن من ابويا اللي كان بيمسح بلاط الملك ..
هذا هو نبيل الهلالي محامي مصر العظيم الذي فقدناه في اشد حالات الاحتياج لامثاله وهم ندرة
مع السلامة يانبيل مع السلامة ياحبيبي الجميل
احمد فؤاد نجم