انا بكره هذا النظام ، إنت كيف!!
@ يتحدث الكثيرون عن الخسائر الفادحة التي أحدثتها الانقاذ عندما وجدت شعباً طيباً مسالماً (علي نياته ) ، حولته الي مسخ مشوه دمرت فيه كل القيم النبيلة والخصال الحميدة فرغت منه كل الشحنات الموجبة وزرعت فيه كل السلبيات ، هزمت فيه روح الشجاعة والمبادرة و الاقدام ، دمرت أخلاقه وقيمه النبيلة ، أشاعت الارهاب و التخويف و الفزع لأنه شعب مسالم يحزن طويلا لفقد عزيز لديه يكره الموت ويحب الحياة . عندما فكرت عصبة الانقاذ في حكم هذا الشعب كان لزاما عليها أن تدمر كل خصائصه و مميزاته وقدرته للحيلولة دون إحداث التغيير من أجل الاستمرار طويلا في حكمه دون التفكير في الآثار الجانبية وردود تلك الافعال في تكوين شخصية جديدة لموطن المستقبل السوداني الذي سيحمل الكثير من الشحنات السالبة محورها يدور حول الكراهية و الانتقام للذات التي أصابها ما أصابها من إهانة و إذلال وتعذيب بدني و نفسي ولأن السوداني لا يقبل الضيم فلن ينسي ما أصابه بمرور السنوات تماما كالبعير يحتفظ بالغبينة حتي مماته.
@ جميعا نفكر في الاخلاق التي دمرها حكم الانقاذ و أن كل تخريب مقدور عليه إلا ما حدث للأخلاق والكرامة وما لحق بالشرف و الامانة والطبيعة المسالمة للإنسان السوداني ولكننا لم نلاحظ ما هو أفظع من كل هذا وهو الطلعة البهية لهذا الشعب وابتسامته المرسومة في وجهه الطيب التي تميزه عن باقي شعوب الارض . إختفت الابتسامة الوضيئة و الجبين المطروح و الشوق الذي يسبق العينين كما قال المغني . أنظروا الآن لأي مواطن سوداني عادي في قارعة الطريق رجل أو إمرأة عامل أو موظف طالب أو تلميذ شيخ كبير أو شاب في مرحلة العنفوان مدني أو عسكري جميعهم عابسين كالحي الطلة والطلعة مقطبي الجبين ممطوطي الشفاه ( مبوزين) كاظمي الغيظ مغبونين علي وشك الانفجار يشع الحقد والكره والرغبة في الانتقام من عيونهم و لعل هذا تراكم طبيعي يومي للأحوال الخاصة والعامة التي لا يوجد فيها ما يبشر بالأمل أو التسامح وقد صدق الزعيم محمد أحمد محجوب رئيس الوزراء الاسبق عندما قال (بإعدام عبدالخالق محجوب انتهي عهد التسامح في السودان) الأمر الذي ينبئ بأن التغيير القادم سيكون بلا رحمة أفظع مما حدث للعقيد القذافي .
@ وأنا افكر في سيناريوهات نهاية هذا النظام تتجسد أمامي (الكراهية) تفرض وجودها ، تمنع العقل من حرية التفكير و كأن المفترض أن نعطي المجال لإعمال الكراهية حتي نستعيد ذاتنا المستفزة والمهانة و من ثم نفسح المجال للعقل السليم أن يأخذ حقه. كراهية هذا النظام لم تأتي عفو الخاطر وانما ورثة من حكامه والنافذين والتابعين ، بالتمكين واحلال الظلامات بالفصل من الخدمة والتقتيل و التعذيب و وحشة وفظاعة بيوت الاشباح والحرمان من العلاج والتعليم والحروب التي تحاصرنا في الداخل. هذا النظام لم يترك لنا غير كراهيته وهذا حق مشروع لأنه سلب منا كل شيئ غير حقنا في كراهيته. في رواية الاديب السوري حنا مينة بعنوان ، (الرجل الذي يكره نفسه ) وعلي لسان بطل الرواية (دعبس الفتفوت) جسد الكُرْه بأنه صفة إنسانية حميدة متسائلا ، لماذا يعاب الكُرْه مع أنه الجزء المُضْمَر في البشر وهو الجزء الذي يُصَفّح القلب ضد كل أنواع الرحمة المبتذلة .نعوذ بالله من غضبة هذا الشعب الذي لم تتبقي له من صفة إنسانية سوي كراهية هذا النظام الحاكم والكراهية تفرز الانتقام و لن تورث الحب ومن يزرع الشوك لا يجني العنب .
يا كمال النقر .. فات الأوان والإنكتب علي جبينا الليلة بان .