وكلمة رباعيات تشير، عامة، إلى أي مجموعة من مثل تلك المقطوعات. وتتألف رباعيات عمر الخيام من رباعيات يُفْتَرض أنه ناظمُها، وبمرور السنين، نُسبت إليه أكثر من 2,000 رباعية. في حين أن من المعروف على وجه اليقين أنه نظم أقل من 200 من هذه الرباعيات.
تتميز رباعيات الخيام بلغة سلسة، سهلة البيان بلا تكلف أو تعقيد، تمس صميم حياة البشر، دون تمايز بين طبقات المجتمع، من عالمها إلى عاميها، ومن ثريها إلى فقيرها، فالجميع يشتاق إلى معرفة مصيره ومثواه وخالقه وجدوى حياته.
الموضوع الجدير بالذكر هنا، هو استخدام كلمات وعبارات قابلة للتأويل في الرباعيات. أهمها استخدام أشياء متداولة وفي متناول أيدي الناس وخاصة في مدينة نيسابور المشهورة بصناعة الفخار آنذاك. فتتجسد في الرباعيات مفردات كالقدح والاناء والكوز والصراحي والكؤوس.
فالشاعر ابن زمانه ويستلهم من حواليه ما يفيده لتوضيح فكرته، فالخيام الذي تأسى وتأثر باستاذه ابن سينا يعتبر ذرة الغبار أساس كل شيء. فالإنسان عندما يموت يتبدل الجسم منه إلى ذرات وتراب ولعل التراب الذي يصنع منه الكوز هو من ذرات إنسان ما. اذن يمكن أن يفكر الشاعر بأن الروح في الجسد بمثابة الخمرة في الإناء فالروح موغلة في الشفافية كما هو الشراب الصافي. وطبعاً هذه الفكرة لم تبدأ بالخيام ولم تنتهي به في تاريخ الأدب والشعر الصوفي والعرفاني الإيراني. والخيام يعتبر حلقة من حلقاتها المتسلسلة.
أشهر ترجمة للرباعيات إلى اللغات الأجنبية هي الترجمة الإنجليزية التي قام بها الكاتب البريطاني إدوارد فيتسجيرالد. وقد نُشرت ترجمة فيتسجيرالد في أربع طبعات أعوام 1859، 1868، 1872، 1879. والطبعتان الأخرىان تشكل كل منهما قصيدة من 101 رباعية. وتصف القصيدة يومًا بطوله من الفجر حتى المساء، مليئًا بالمتعة والبهجة، وبكثير من الحالات النفسية. وتشكو بعض المقطوعات من قِصر العمر ومن ظُلم الدنيا. بينما تتغنّى مقطوعات أخرى بالزهور أو العشق، أو الربيع، أو الخمر.
ونصف المقطوعات في عمل فيتسجيرالد تقريبًا ترجمات أو إعادة صياغة للرباعيات المنسوبة إلى عمر الخيام. وهناك من يضيف إلى الرباعيات بضع مقطوعات لشعراء فرس آخرين. هذا بالإضافة إلى أن فيتسجيرالد قام بتأليف بضع مقطوعات في الطبعات الأولى من ترجمته. النقطة الأخرى التي أود التطرق إليها هي الترجمات العربية لرباعيات الخيام فأمامي الآن قائمة تحتوي على أكثر من ثلاثين اسماً لمن ترجم رباعياته إلى اللغة العربية. وطبعاً تتحدث المصادر عن خمسين مترجماً ولكن كما قلت قد توصلت إلى هذا العدد. وهؤلاء منهم من ترجم بعض الرباعيات ومنهم من عرّب عدداً كبيراً منها يصل زهاء ثلاثمائة وخمسين رباعية كما للزهاوي ولكن صاحب الرقم القياسي هو العراقي الآخر، أي عبد الحق فاضل الذي ترجم ثلاثمائة وواحد وثمانين رباعية.
ومن ناحية أخرى فالكثير ممن ترجموا للخيام هم من مشاهير الأدب العربي المعاصر. ففي مصر ترجم له أحمد زكي أبو شادي، إبراهيم المازني، علي محمود طه، محمد السباعي، عباس العقاد، غنيمي هلال، أحمد رامي و... ويبقى أن نقول إنَّ رباعيات الخيام لاقت رواجاً كبيراً في العالم العربي وخاصة بعد أن ترجمها أحمد رامي وغنتها سيدة الغناء العربي الراحلة أم كلثوم بغنائها، مما أمّن انتشارها لدى شريحة أكبر من القُرّاء والسامعين في العالم العربي، ولا أظن أن من الحضور من لم يسمع بهذه الرباعية:
سمعت صوتاً هاتفاً في السحرْ
نادى من الحان غفاة البشرْ
هبوا املؤوا كأس الطلا قبل أن
تفعم كأس العمر كفُّ القدر
ولكن، كما يبدو، فإن مشكلة الخيام ما زالت باقية فنرى اسمه في العواصم والمدن العربية قد صار معلماً من معالم المرح فقد أطلقوه على الفنادق والكازينوهات ودور السينما ودور اللهو, أو الشوارع التي تنتهي بمثل هذه الأماكن.
وكيبيديا