(( الأستاذ/ عُثّمان ميرغنى ، رئيس تحرير صحيفة (التيَّار ) قال ،أن مشكلة السودانيين أنهم لا يحلمون أحلاماً كبيرةً !!! ولذا ، هم فى آخر الصف !. وضرب لنا مثلاً، ونسىَّ خلقه ، أن مشكلَتَنا لا زالت متمركزة فى النفايات ، وإنعدام المياه، وسوء تصريف مياه الأمطار ! مخاطباً أيِّانا – نحنُ الشعب- أن هلموا نحلم أن ننشئ مُدُناً جميلةً، كـ (دُبِّى) مثلاً !!! . هذه الرسالة ، وجهها الأستاذ / عثمان ، على نسق الطَعّنِ فى (ظِّل ) الشعب ، وترك (فيلِ) الحكومة هائماً يسعى ، يدوس على حشائش تاريخنا ، ويدفع ( بزلُّومته ) لتلتقط مكتسبات الدولة ، وتقول إن هىَّ إلا للحزبِ !!!. صحيحٌ أنه خاطب الحكومة أيضاً خلال عموده، ولكنه كان يخاطبها وهو يمسح على شعرها ،ويربت على كتفها ، قائلا – حسبما خٌيَّل لى- فى خويصة نفسه ، مُحاكيَّاً الزعيم/ عادل إمام (اللهُّم ، أهلك الشُعُوبَ جميعَها فى يومٍ واحدٍ )!!!.
ومن قال لعثمان أننا لا نحلم ؟!. بل السؤال الأصح ، هَب أن أحلامنا لامست الثُرَيّا، فمن بوسعه تحقيقها ؟. ما هى الآلية التى بموجبها يمكن للشعوب تحقيقُ أحلامها إن لم تكن الحكومات التى فى أساس تعريفها أنها (خادمَ الشُعوب)؟!. ومَبلغ أحلامك (دُبّى ) يا مولانا ؟!!. ياعزيزى، أعد البصرَ كرَّتين ، ينقلب إليك ( بصرك) وأنت (أسير) ، ولستَ (حسير) ! . قبل العام 1977 عرفنا وقرأنا ، ثم شاهدنا لاحقاً بفعل آليات التقنية كيف كان السودان ، وكيف كانت الخرطوم !. لماذا العام 1977 ؟! لا تتعجل، سأوافيك بالنبأ اليقين!!. قبل العام 1977، كان للسودان شنَّةً ورنَّةً ، وجميع الدُولِ العربية والأوربية تخطب وده ، صحيحٌ أن السودان شهد أكبر تردٍ سياسىِّ ، وإقتصادىِّ - منذ إستقلال السودان – وذلك بين الأعوام 1969 -1977 ، بفعل صلف النميرى، وسوء قراراته، وطيش أفكاره ،ولكنه تردٍ لا يعدو كونه (حالة إنفلونزا) مقارنةً بحالة (فقدان المناعة) التى وصل لها بعد العام 1977 .
لم يكن السودانيون يحلمون بدُبىّ، وبالدوحة ، ولا الكويت، أو البحرين، ولا صنعاء ، ولا مسقط ! . السودانيون الذين خبروا أوربا ، وتلقوا تعليماً، ودوراتٍ تدريبيةٍ ودراسات عُليا فى إنجلترا – نموذجا- لا يحلمون أن يكونوا على درجة واحدة مع العرب !. أين الأطباء الذين كانوا يتخصصون بإنجلترا يا عثمان ؟ وأين الذين تخصصوا فى الزراعة ونالوا أرفع الشهادات من الولايات المتحدة الأمريكية ؟!!. أين الذين عمَّروا (دُبى)، وكل دول الخليج يا عثمان ؟!. العام 1977 ، شهد بداية أكبر حملة لتحطيم الإقتصاد السودانى ، وإفساد الحياة السياسية فيه ، وغرس بذرة فكر الإسلاميين داخل القوات المسلحة السودانية - بإعترافهم اللاحق- التى عرفت بقوميتها ، وعلمانيتها ، واحترافيتها !.
كان ذلك العام هو بداية فكرة تأسيس البنوك الإسلامية، والمضاربة فى السلع الإستراتيجية، وتخزينها، ثم الإنسياب التدريجى داخل مفاصل الدولة ، تمهيداً للإنقلاب العسكرى ، ثم التمكين الذى لا يعقبه تزحزح عن الدولة ومواردها، نحو (محاولة) طمس الهوية والتاريخ . كان هو العام الذى تم فيه التمهيد لحالة الجوع والمسغبة، وقوانين سبتمبر ، وإغتيال شهيد الفكر ، محمود محمد طه !. كان هو العام الذى سعت فيه (الأفعى الناعمة) لتبث سمومها الفكرية فى كل أرجاء الدولة !. كان بداية أكبر مأساة ضد الحريات والإنسانية، سجلها التاريخ ، بعنوان ( محاكم الطوارئ) ( ومحاكم العدالة الناجزة ) !.
نحن نحلم ياعزيزى، ولكن ما ذنبنا إن كان (أصدقاؤك) لا زالوا أيضاً يحلمون بدولة الخلافة ، وإلغاء حدود الدول ، وجلد الناس ، وتقطيع أياديهم بالسيوف؟. ما ذنبنا إن تعارضت أحلامهم مع أحلامنا برغبتهم ( التخيُليَّة والخيالية ) فى تحويل إتجاه القِبلة، ونقل الكعبة للخرطوم ؟!!.
نحن نحلم ، ولكن ما ذنبنا إن كانت (جماعتك الأولين) لا زالوا يعيشون حالة إنبهارهم الأول بالخرطوم ،وبقية المدن الكبرى، ولا زالوا يحدثوننا بلسان عليه متبقى آيسكريم (لولى) وساندوتشات (زكى) ! . وعلى أعينهم تتعلق لافتات الأندية ،والمسارح، ودور السينما؟. كيف نحلم و(ناسك) لا زالوا (منبهرين) من ثلاجات المياه ومكعبات الثلج؟!!!.
نحن نحلم ولكن، أنَّى لنا بنيِّل أحلامنا ، ولا زالت (تلك الفئة) مخلوعة من البيتزا والهوت دوق!. قل لهم - أثابك الله عنَّا كل خير- ، أن (البيتزا) ما هى إلا (عجينٌ) ، عليه شذَراتٍ من الجُبن، و(شوية) لحوم مُصنَّعة !. وأن (الهوت دوق) إن هو إلا شحوماً ملفوفةً داخل قولون (حيوانى) !!.
ياسيدى ، أحلامنا كبيرةٌ ، بل وأكبر !!. أحلامنا لا يحققها إلا أصحاب النفوسِ الكبيرة ، والأيادى الطاهرة . ثم تقول لى (دُبّى)؟؟!!! ومالها ( ماليزيا ) ؟!!! ما عيبها ؟!...أولا يوجد بها (سيناتور) جاهز للذودِّ عن حِمانا ، ونقل مكتسباتنا الأخلاقية إلى أمريكا كما قال ( صديقه الصدوق) عوض !!!!!!.
وقبلها ، تكتب عن عشّرِ مَخازٍ ضيعَّت السودان ، ولا تكتب عمن كنسَ السودان كنساً، وتسبب فى حُروبٍ إضافية، وشطره ، ثم ( عدَّمه التعريفة)؟!!. أولا يستحق الإسلاميون أن يتبوأوا أولى درجات المخازى العشر التى ضيعت السودان يا عثمان؟!.
قم وتوضأ ....وصلىِّ لربك وانحر ...ثم ، صوب رماحك على (الفيل) !!!!.
فى الختام :-
قال أحمد مطر :-
منذ سنين، يترنح رقاص الساعة،
يضرب هامته بيسار، يضرب هامته بيمين،
والمسكين، لا أحد يسكن أوجاعه،
لو يدرك رقاص الساعة، أن الباعة
يعتقدون بأن الدمع رنين،
وبأن استمرار الرقص دليل الطاعة،
لتوقف في أول ساعة،
عن تطويل زمان البؤس، وكشّف عن سكين،
يا رقاص الساعة،
دعنا نقلب تاريخ الأوقات بهذي القاعة،
وندجن عصر التدجين،ونؤكد إفلاس الباعة،
قف وتأمل وضعك ساعة، لا ترقص، قتلتك الطاعة،
قتلتك الطاعة. )).
محــمــود دفع الله الشيــــخ-المحامى / سودانايل