كحال كل الأخوان الطردهّ .. كان (مجدي) و(أروى) في حالة شمطة وشكل دائم ، فلم تكن (أروى) تمل أبدا من مناقرة أخيها الأصغر ومخالفته في كل ما يفعل ويقول لمجرد الإغاظة والمكاواة، ولم يكن – هو – بدوره يتورع عن ملاحقتها باللبع والشلاليت كلما أعجزه المنطق عن مجاراتها وغلبه الغيظ الشديد عليها.كانت وتيرة الخلافات والمناقرات بينهم تقل كثيرا اثناء العام الدراسي ولكن ما أن تحل الإجازة الصيفية حتى يشتد أوارها، وتشتد معه معاناة والدتهم (نعيمة) من النبيح خلفهم أثناء مطارداتهم لبعضهما بالقول:يا أولاد قلعتو صمغة دماغي بي دوشتكم .. لساني ده فتر من النبيح وراكم .. الله ينجضكم زي ما نجضتوني.قامت (نعيمة) من فراشها وهي تلعن إبليس لتطرد الأنقباض الذي لازمها مؤخرا مع رفة العين الشديدة .. وكحال صباحات الجِمع الهادئة في الريف الشمالي لعاصمتنا قضت (نعيمة) صباحها في إجراءاتها الروتينية لفطور الجمعة .. ظبطت ملاح التقلية وساطت العصيدة ولم تنس اثناء ذلك ملاحقة (مجدي) بتوجيهاتها:يا ولد جيب الطش ده .. لملم هدومك وأقعد غسلم .. بقيت صبي ليك فِقرة .. السنة الجاية تمشي للعالي .. خلاص كفاي أنا تاني ما بغسل ليك .. يديني ديل إنبرو (يا كافي البلا) من كترة الغسيل.كما لم تقصر في أن تدّي حق الله ل(أروى) التي جرّت عنقريبها للضل وتمددت عليه مرة أخرى بعد أن وصلت الشمس لمكان نومها .. صاحت فيها (نعيمة) من بعيد:قومي يا بت إتنصبي علي طولك .. كفاك منّو النوم ده .. شنو إتسولبتي لي طوييلة ومديتي لي سكّاكاتك ديل؟ .. قومي أدخلي الحمام إستحمي وغسلي شعرك .. وتعالي أفطري مع أبوك وأخوانك .. الليلة الجمعة. قامت (أروى) في تكاسل وإمتعاض وتوجهت للدولاب لتأخذ (الغيار) قبل أن تدخل للحمام .. بحثت في رفها المنكوش عن بلوزة مناسبة لإسكيرتها الجينز المهترئ من كثرة لبسها له فلم تجد .. تسللت بيديها نحو رف (مجدي) وإستلت منه قميصه ال(التي شيرت) اللبني، ثم إنطلقت للحمام وهي تخفيه خلف ظهرها عندما مرت من أمام (مجدي) الجالس على الطش يغسل ثيابه.جلست (أروى) في البرندة تسلّك في شعرها المبلول حينما إنتصب أمامها فجأة (مجدي) وهو يصيح:لابسة تي شيرتيني ليه يا عواليق؟ .. قومي أملصيهو هسه دي.ردت عليه في تحدي:ابيت ما بملصو .. أنا ما عندي غيار تاني ألبسو.صاح فيها في حنق:وأنا مالي وملّك .. عنك ما لقيتي .. قلتا ليك قومي أملصيهو.جذبها من يدها بشدة ليدفعها كي تقوم فدفعته عنها بقسوة وما لبثا أن تشابكا بالأيدي، صاحت فيهم (نعيمة) زاجرة:يا ولد أبعد من أختك.تركها مرغما بعد أن وجه لإمعائها لكمة موجعة صرخت منها (أروى) ألما وإندفع يجري مبتعدا .. لاحقته حتى الحوش وهي تحمل فرشاة الشعر في يدها .. وقفت أمام باب البرندة وقذفت بالفرشاة بكل قوتها نحو (مجدي) فاصابه على رأسه من الخلف فانكفى على وجهه وسقط دون حراك على الأرض.إقتربت منه في تردد وهي تقول:بطل الحركات دي وقوم على طولكولكن عندما لم يرد عليها جلست على الأرض بجواره تهزه برفق:مجدي .. يا مجدي .. مالك يا ولد؟؟ .. قوم ياخ سيب الهزار البايخ ده .. خوفتني! مدت يدها في توتر وجاهدت لكي تديره على ظهره ولكنها فوجئت بشخوص عينيه .. صاحت في رعب من أعماق قلبها:واآآآآآي يا يمة .. ألحقي شوفي مجدي مالو!أسرع الجميع بحمل (مجدي) للوحدة الصحية القريبة للمنطقة عندما لم يستجيب لمحاولات إيقاظه برش الماء البارد على وجهه ووضع الريحة والنشادر على أنفه دون جدوى .. رفع طبيب الوحدة الصحية رأسه بعد أن قام بفحص (مجدي) تحت مراقبة الأعين الملهوفة والقلوب الواجفة، ليقول في تردد قولا كانوا جميعا متأكدين منه ولكن كان العشم يمنعهم من المجاهرة به:الفاتحة يا جماعة .. ربنا يصبّركم .. الزول ده إتوفى
واحدة من اهم الاسباب للوفاة بنزيف داخل المخ والجلطة الضرب المباشر بالراس