http://up.arab-x.com/Feb10/8yE08739.jpg
عبدالحميد الطريفي... رجل من طراز فريد .. ونادر ... رجال في رجل... يعمل في صمت .. لذلك هو رجل من ذهب ..
تمنيت لو سألته يا أستاذ حسن .. ماذا قدمتم للحصاحيصا؟ ... المدينة ... المحافظة ... للسودان..؟ بالتأكيد سيهولك ما ستسمع.. مقارنة بمن نحتفي بهم الآن ..
ولكنك قلتها ... كان لقاءاً سريعاً ..
بمشاركة الجماعة التي ينتمي إليها .. اسآله عن عدد الآبار التي تم حفرها
اسأله عن عدد المراكز الصحية التي أنشآوها
اسآله عن عدد المساجد التي أنشأوها والتي ستنشأ.. وكان آخرها في أبوقوتة ... وما أدراك ما أبوقوتة
اسآله عن عدد الأسر التي تم كفالتها ويتم كفالتها الآن؟
اسآله عن عدد الأسر التي ساهموا في إقامتها والجمع بينها في الحلال؟
اسآله عن عدد الأنفس التي كانوا سبباً في هدايتها بعد الله سبحانه وتعالى ..
اسآله عن الذين كانوا ظلالاً فأصبحوا رجالاً
وفوق هذا وذاك اسآله .. واسآله .. وآسآله عن الإنجاز الذي ما بعده إنجاز والسحر الذي ما بعده سحر
اسآله عن حلة فور والتي أصبحت (حي فور) ... وما أدراك ما حي فور!!!
كيف كان ... وماذا أصبح الآن ...
بعد أن أصرت الحكومة على منحهم قطعة الأرض لصالح بناء المسجد اختارت مكاناً وسطاً بين أحياء .. مكان لا يسكن فيه إلا الكلاب وقطاع الطرق من السودانيين والأحباش..
وتقطعه الساقطات جيئة وذهاباً مع صويحباتهن أو أمهاتهن لإسقاط أجنتهن ثم يواصلن المسيرة لالتقاط أجنة أخرى.. مكان لا يسكنه إلا شواذ الناس من المثليين وذوو الأغراض السيئة والدنيئة.. فكم من جثة مقطعة وجدت هناك وكم من عرض هتك هناك .. والراجل أبو الرجال يقطع المساحة دي لوحده في وقت متأخر من الليل .. في ذاك الوقت.. حينما كنا في الابتدائي كان لدينا مذاكرة مسائية تستمر حتى الحادية عشرة مساء .. فكان حجر واحد فوق زنك سقف المدرسة كافي لنقضي بقية اليوم في بيوتنا.
كيف كان حي فور والوافدون إلى أطراف حي فور وأطراف حي المزاد حينما تغيب الشمس... ذاك يترنح يمنة ويسرة ... وذاك يبول على الحائط بعد أن قضى (حاجته).. وذاك لا يدري إذا كان الوقت ليلاً أو نهاراً بعد أن أخذوا كل ماله في القمار.. والنجوم حامت فوق رأسه.. وهذا واقف في صف طويل ينتظر دوره.. ليمسح ما تركه سلفه ..
أنظر الآن لهذا الحي والذي أصبح الآن الجميع يتسابق لشراء منازله والسكنى فيه والجلوس في المحال المنتشرة على جانبي شارعه الرئيسي
وانظر لهذا الحي عند صلاة الفجر وهم ينادون بعضهم للصلاة ويشق نورهم دجى الظلام مع أول خيوط الفجر ... الآن فقط تبين الخيط الأبيض من الأسود ...
في هذا الحي أصبح كل راع مسؤول عن رعيته .. ابتداء من الأسرة الصغيرة وحتى أسرتهم الكبيرة (الحي الكبير).. ولا أحد يقبل بتجاوز الحدود ... وبالأمس القريب كنت جالساً مع إبراهيم أب درب وهو يطلعني على مخطط البئر قبل أن تحفر ويستفيد منها الجميع ... أصبح الجميع يرمي لي قدام حقيقة وفعلاً..
... لو كان أي أحد مكان الشيخ عبدالحميد الطريفي لما استطعنا الحديث معه إلا من وراء حجاب .. أقصد (زجاج مظلل) .. ولسكن في عزبة يحرسها كلاب الإنس والجن ولملأ الدنيا ضجيجاً وصخباً عبر وسائل الإعلام فقط وليس على أرض الواقع يعمل مع الناس ويجالسهم ويعرف آلامهم ويعمل على تخفيفها.. رجل كقطرة ماء بارد تنساب من ثغر طفل رضيع
فبيته لا يعرف الهدوء .. ليلاً .. وفجراً .. ونهاراً... ديوانه مفتوح للجميع لمن أراد حاجة أو زيارة .. وحتى منتقديه يستقبلهم بوجه بشوش وروح حلوة ويودعهم بنفس الحفاوة .. ولكن الأمر لا يخلو عند ظلم الآخرين له فتجده أحياناً يذرف الدمع ليبلل لحيته البيضاء بياض قلبه
سألته في يوم لماذا تسكت عن المنتقدين والمشككين .. قال لي : يا ولدي نحن عرفنا البداية ... ونعرف كيف تكون النهاية .. أتركهم يعطونني من حسناتهم ويأخذون من سيئاتي ... انظروا لروعة هذا الكلام
رجل لا يعتمد نهج ميكافيللي وإخوانه ولا ستالين ورفاقه ... بل نهج رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم