الزوجة أولاً:
1. إيّاك أن تقلل من قدر زوجتك عند أبنائك، أو تكثر من
التشكي والتظلم من تقصيرها في حقك، إنهم لن يفعلوا
تجاه ذلك شيئاً يذكر، بل إنك ستقلل من قدرك في قلوبهم
وتدخل عليهم الحزن والكآبة، وإذا كان هناك من ملحوظة
فكن كيساً في ذكرها وكن فطناً، فالتعريض يغني عن التصريح.
فلتجلس معهم بقدر:
2. أهمية تفريغ وقت يناسب كل مرحلة للجلوس مع الأولاد والسفر
معهم، جلوس جزئي كل يوم ساعة مثلاً، وكل سنة شهر.
3. لا تضايق أبناءك بكثرة جلوس معهم، وكن معتدلاً في ذلك، وأعطهم
شيئاً من الحرية، واختر الوقت المناسب للجلوس بينهم، وإياك والإكثار
من دخول الفجأة، فقد ترى ما تكره ويرون منك ما يكرهون.
من أجل أب مهيب
4. لا تدخل نفسك في كل جزئية فتضيع هيبتك "كن جاهلاً أو متجاهلاً...".
5. لو شعر أبناؤك باحترامك لهم لاحترموك، وحقوق الأبوة لا تبيح لك
إهدار كرامتهم، والتبسط مع الأبناء ومداعبتهم لا تعني إسقاط الأدب
وذهاب الهيبة.
6. لا تكثر المزح مع أبنائك، ولا تكن متجهماً، وخير الأمور الوسط،
فكثرة المزح والضحك تسقط الهيبة والاحترام، والتجهم والغلظة تهدم
المودة والمحبة، وكلا طرفي قصد الأمور ذميم.
7. لا تكثر الكلام مع أبنائك، وكن معتدلاً في ذلك، ولكل حالة ما يناسبها
ولكل مقام مقال، ومن كثر كلامه كثر سقطه، وقلة الكلام تعطيك هيبة واحتراماً.
8. الصراخ في وجوه الأبناء حيلة العاجز، ولا يزيد الابن إلا تمرداً
وقد لا يلقى له بالاً، حيث يتعود عليه، مع ما قد يكون له من تأثير
سلبي في اهتزاز شخصية الطفل وكثرة ارتباكه، ومن علا صوته
فقد ضعفت حجته وقلّت حيلته، ولولا بعد المستقى لما أطال رشاءه.
9. ربِّ أبناءك على أن يستجيبوا لك فور سماعهم لندائك دون أن
يتوقف ذلك على معرفة ما تريد، حيث تكون استجابتهم؛ لأنك أنت
قد دعوتهم بحكم أنك والدهم، لا من أجل الأمر الذي تريده، فهناك
فرق بين الاستجابة لك والاستجابة لطلبك، فالأول يربي على السمع
والطاعة والانضباط والنظام، والاستجابة من أجل الأمر الذي تريد
تعود على الفوضى والسلبية والتسويف والخصام، ومن ثم التمرد.
فإذا طلبت ابنك ثم أرسل إليك سائلاً لماذا تدعوه فكن حازماً، وإياك
والاستجابة لسؤاله، أو إغرائه، وتصرف بما يناسب الموقف
ويحفظ هيبتك، وإلا فعلى هيبتك السلام.
ليس معناه أن تكون غضوباً:
10. الناس منهم من هو سريع الغضب سريع الفيأة، ومنهم بطيء
الغضب بطيء الفيأة، ويتولد منهما نوعان آخران، فكن بطيء الغضب
سريع الفيأة، واحذر أن تكون سريع الغضب بطيء الفيأة فهذا شرّ الأربعة.
11. لا تدفع ابنك إلى الزاوية الضيقة، واحذر احتقان الغضب وكبت
المشاعر، فقد يقوم بعمل لا تحمد عقباه، إما في نفسه أو في المنزل في
غفلة منك ومن أمّه، فكن حازماً حليماً حكيماً، فمعظم النار من مستصغر الشرر.
مثال السفر وتحديد الوقت دون حساب الوقفات والعوارض سيرفع من
ضغطك وقد يحدث لك كارثة، أما حساب السرعة بهدوء وحساب الوقفات
سيجعلك سعيداً جداً.
لكن بكلمات موزونة:
12. حذار من فلتات اللسان، وبخاصة من الأب فهي جرح لا يندمل.
13. المعاني أهم من المحسوسات، وقد يتحمل أبناؤك النقص في النفقة أو الترفيه
أو السكن، ولكن لا يتحملون ما يسيء إليهم، كالسب أو الإهانة أو التجريح، وكلمة
طيبة أثمن من هدية نادرة، وتشجيع موزون أغلى من جائزة يستحقونها.
لهم شؤونهم الخاصة حتى بالنسبة لك:
14. لا تتدخل في كل شؤون أولادك، وإذا اتفقوا على أمر ليس فيه خلل
ولا خطل ولا إساءة لنظام البيت، فدعهم وما يعملون، بل شجعهم على ذلك
إن كان مما يزيد ألفتهم، ويقوي وشائج الروابط بينهم، فمثلاً: لو أعطيت
كل واحد منهم غرفة، ثم اتفقوا على تبادل الغرف، أو إعادة تقسيم الأعباء
بينهم، دون أي ضرر يترتب على ذلك، فلا تقف حجر عثرة دون ما يريدون
ولكن أخبرهم بأن الأولى أن يستأذنوك قبل أن يتخذوا قرارهم، وإذا بدا لك
أن المصلحة خلاف ما يريدون فأقنعهم بذلك بالأسلوب الذي يناسبهم، دون
الاكتفاء بالمنع دون تعليل.
ماذا تريد يا أبي؟!
15. عوّد ابنك على أن يعرف ما له وما عليه، فالشريعة جاءت بذلك، وحديث
معاذ في ذلك صريح وواضح "أتدري ما حق الله على العباد" ولماذا تجعله
يعيش في دوامة لا يَدري ما هي حدود مسؤولياته وواجباته، وما هي حقوقه
ومكافآته، ثم تعاقبه على أمور غير واضحة لديه، وقد سمعت من بعض
الأبناء وهو يشكو والديه، بأنه لا يعرف ماذا يريدان، فيعيش الابن في حيرة
وغموض، نتيجتها الفوضى والاضطراب، وكثرة الكلام والخصام.
في أعماق النفس:
16. العناية بالجوانب النفسية هي أهم مفاتيح التربية، فكم من ابن تحطم
وانحرف بسبب موقف نفسي لم يحسن الوالدان التعامل معه، وكم من ولد
كان سبب بروزه وتفوقه مسألة نفسية أحسن استثمارها من قبل الوالدين والأساتذة والمربين.
ولذا فمن المهم أن يولي الأبوان وأولياء الأمور والمربون هذا الجانب حقه من
الرعاية والاهتمام، فنحن نتعامل مع بشر من لحم ودم ونفس وروح، والتركيز
على جانب وإهمال الآخر يودي بصاحبه، والقرآن والسنة قد ركزا على هذا
الجانب في مواضع عدة، وللرسول _صلى الله عليه وسلم_ مع صحابته
أحداث ووقائع فيها العجب العجاب، واقرأ سورة يوسف والنور وارجع إلى
أحاديث السلام والاستئذان والنجوى والغزوات وبخاصة حنين، تجد فيه
مغانم كثيرة، ولا مانع من الإفادة مما لدى الآخرين في هذا العلم، على
ألا يكون هو الأصل والمرجع، بل يرد ذلك إلى كتاب الله وسنة رسوله
_صلى الله عليه وسلم_ وهدي سلف الأمة.
أريد ابناً إيجابياً:
17. ركز على الصفات الإيجابية في أبنائك، فإنها ستتعمق وتقوى مع
الأيام، وشجعهم على ذلك حتى يكون ابنك أسيراً لتلك الصفات،
وحذار من إبراز صفات السلب، بل عالجها وحاول أن تتجاهلها دون
إهمالها حتى تنقرض تلقائياً دون تركيز عليها حتى لا يستمرئها ويتهاون بها.
18. عوّد ابنك على الأخذ والإعطاء منذ الصغر، فتعويده على أن يكون آخذاً
لا معطياً يجعله كسولاً غير منتج، ينتظر خدمة الآخرين له دون مقابل.
إن تربيته على أن الحياة تقوم على الأخذ والعطاء، ينمي فيه عنصر
الإيجابية الفعالة، حتى يصبح عطاؤه أكثر من أخذه، وبهذا يصبح عنصراً
ناجحاً في الحياة، نافعاً لنفسه وأسرته ومجتمعه وأمته، وإلا أصبح وبالاً وكلاً.
منقول