هناك منلوج قديم يقول مطلعه:
البت الحلوة تحب إتنين .. والبت الشينة تحب مئتين
وهنا أقر وأعترف بعدم معرفتي للحكمة في تحديد عدد الحبايب للجميلة بإثنين بينما يطلق العنان للشينات ليعشقن المئة والمئتين (إحتمال عشان ما يبقى عليهن الإتنين شناة وفقدان حنان)، رغم أن واقع الحال المعاصر يوحي بإنعكاس الأمور فالسمحات الآن متهمات بجريمة تعدد الأحباب بينما الشينات ما لاقيات (التكتح).
ومع سيادة النظرة المادية والمصلحية في مشاعر الحب عند فتيات اليوم، لم يعد من المستغرب ظاهرة تعدد الحبايب لديهن ولكن ما (يشطب الرأس عديل) هو الجرأة في المجاهرة والمفاخرة بالتعددية الحبايبية، والاعجب منها قبول الآخرين وتسليمهم بحق الجميلات في تلك التعددية، فقد عرفتني إحدى صديقاتي على عروسة شقيقها الجميلة فلم أتمالك نفسي من الهمس لصديقتي (أول ما العروس ادتنا ضهرا):
(البت العسولة دي لقيتوها وين؟)
أجابتني: دي من أهلنا .. بتبقى لينا من بعيد .. نحنا أخترناها ليهو وبعدين لما شافا وافق طوالي.
خطرت لي فكرة:
لكن أهلكم ديل بعرسوا البنات صغار .. بعد سماحتا دي كلها لقيتوها (خالي إرتباط)؟
أجابتني في براءة :
لالا .. ماهي كانت بتحب ليها واحد ومرتبطة بيهو .. اهااا لمن أنحنا مشينا واتكلمنا معاها قبال ما نكلم أهله .. قالت لينا بصراحة يا جماعة أنا عندي زول عايزة أشاورو وبعدين أرد عليكم.
سألتها في فزع: نعلو ده الحبيب الدايرة تشاورو؟
أجابتني بثقة: طبعا ياهو ذاتو.. أهاااا .. قامت سألتوا ولقتوا ما جاهز .. قالت لينا خلاص إتقدموا طوالي زولي ده ما جاهز للعرس!!!
لم يحير (شاويشي) النظرة المصلحية للحب من العروسة الحلوة لكن (البجنن عديل)، هو التسليم والقبول من الآخرين للعبة الكوتشينة التي تمارسها الجميلات في حق الشباب وتحولهم لأوراق لعب (البتغلب بيهو تلعب بيهو) والباقين ترميهم (بايظ ).
كل ده هين .. المشكلة الأكبر في قبول تلك التصرفات من الطرف الآخر، ربما لأنهم ليسوا بأحسن حالا من البنات فللشاب الوجيه عدد (ما لا نهاية) من المغشوشات، و(البركة) في الموبايل الذي طوي المسافة وإختصر مصاريف (الحبكانات) على سعر الإسكراتش وتحويل الرصيد وبالتالي أسهم بصورة فاعلة في إنسياب ويسر حركة (فك وإعادة التسجيلات) في ميدان لعيبة الغرام.
ربما من أجل تلك (الحركات) يحق لنا القول (يا حليلا عاد ريدة زمان)، فعندما كنا في الطاشرات كانت لنا جارة تترافق معنا في الطريق للمدرسة، وكان أن تعلق بحبها صبي من أبناء الحي، ولأن الريد في زمنا – قريبات دي ما بعيد - كان يختصر على (شوف العيون)، فقد كان صاحبنا يكتفي بالجلوس على حقيبته المدرسية في المصطبة حين يمر موكبنا الميمون في الصباح، حتى تكتحل عيناه برؤيتها ثم يتوجه لمدرسته هانئاً وسعيداً، ولكن شاء الحظ العاثر أن يخطفها مغترب من أقربائها وهي ما زالت تتأرجح ما بين الطفولة والمراهقة، وفي ليلة زفافها وبينما الناس (ما بين راقص وناقز)، جلس المسكين بجوار مصرف المياه يبكي وراودته أفكار شبيهة بأفكار (عبدو) في سيرة البحر، ولكن لأنه صغير وجاهل والبحر بعيد، بينما كان الوقت خريف والخور ملئ بموية المطر، فقد قال في يأس لأصحابه الذين ذهبوا لمواساته:
فكوني النقع أغرق في الخور ده وأرتاح !!