أقرأوا هذا المقال بتمعن لتعرفوا حجم معاناة الطبيب والطبيبة السودانية
بعد أن رفعت اضرابها عن الطعام..دكتورة ناهد محمد الحسن تكتب حكايتها
حكايتهم ...حكايتي
ناهد محمد الحسن
من بيت (أمّ الناس): لأقسم بهذا البلد..!
القرّاء الكرام :لازلت معكم أحاول أن أكتب حكايتهم ,أطبّاء السودان المعلقين بين الرحيل إلى المنافي البعيدة والموت جوعا في وطن مساحته مليون ميل مربّع وبه نيل يعد من أطول الأنهار في أفريقيا وأرض تفوح خصبا وقوم بهم طيبة الذين يقتسمون النبق ..ومرزوءة بحكم قلّة ..تجبّرت واستعلت وحرمت أبناءها أن يأكلوا من خشاش الأرض ثمنا زهيدا لعظيم جهدهم وكثير صبرهم ..
(1)الأثنين 15 مارس
لقد كان المانشيت العريض لصحيفة الوطن صباح ذلك اليوم (المؤتمر الوطني يعلن الجهاد على الأطباء)..!نظرت إلى الخبر من موقع مسئوليتي كمديرة للمكتب الإعلامي فأدرته في جهات عديدة قبل أن أتساءل بيني وبين نفسي :هل هم جادّون ..؟! وكنت أعني منسوبي المؤتمر الوطني لأن الزملاء بالوطن ظلّوا يغطون تداعيات إضراب أطباء السودان بمنتهى الحيدة والدقّة في الوقت الذي رهنت صحف أخرى ذمّتها لوزارة الصحّة حتّى أنّها باتت تكتب عنهم فتجد الكلام بحذافيره في صحف مختلفة لا يتساءل رؤساء تحريرها أبدا عن هذه الصدف ..!تذكّرت بروفسور قمر من كلية الطب جامعة الجزيرة ..كان يتركنا في معمل الكيمياء الحيوية وقبل أن يغادر بمرحه المعهود يقول
عليكم الله اكتبوا واشتغلو ,إن شاءالله انقلو من بعض لكن ما بي ضبّانته ..انقلو بي تصرّف وخلّيكم حلوين..!)..انشغلنا بقيّة ذلك اليوم في التحضير للمؤتمر الجامع لأطباء السودان والذي كان من المفترض أن يقام في الساعة الثانية بسرادق الأطباء الشهير بميز الخرطوم..وبينما نحن نستعد لمخاطبة الأطباء الذين بدءوا يتوافدون على السرادق ويتراوح عددهم بين الخمسمائة والف ,حين قامت جماعة من منسوبي المؤتمر الوطني منها د/نزار محمد ادريس مساعد المدير العام لمستشفى الشعب ود/محمد عثمان المدير الطبي ود/طارق بلّة مسئول تعيين الأخصائيين بإدارة الطب العلاجي بوزارة الصحة بتجييش العاملين بمستشفى الشعب منهم الممرض والعامل البسيط وآخرين من دونهم لانعلمهم ,الله يعلمهم ..بحمل شعارات للمؤتمر الوطني ويهتفون(في سبيل الله قمنا ,نبتغي رفع اللواء.لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء.فليعد للدين مجده أو ترق منّا الدماء او ترق منهم دماء او ترق كل الدماء)..فقلت :صدقتنا صحيفة الوطن وعدها فحسبنا الله ونعم الوكيل ..!كنت أنظر لنزار مساعد المدير العام وهو يهتف:لا لدنيا قد عملنا وأنظر لأبوابي واحمد عبدالله وعمر همام وامين زملاء جامعة الجزيرة الدفعة 14 مع ذات النزار والمضربين عن العمل إحتجاجا على أوضاعهم ..فمن الذي يعمل للدنيا ..الذي يتنقل بين المناصب دون زملاءه ويترحل بين فاره العربات ويحصل أعلى الحوافز والمرتبات ويجمع بين أكثر من وظيفة بينما زملاء المهنة ورفاق مقاعد الدراسة ينتعلون أحذيتهم ويصارعون حدّ الكفاف ..لا لشيء وانما انحيازا لقضايا زملاءهم ..أم مساعد المدير العام..!لا علينا ..فهؤلاء القوم يكذبون على الله وعلى أنفسهم ويعلمهم الناس ..ولأنّنا كنا واعين بأنّنا نكتب تاريخ الحركة الطبية في السودان ونريده أبيضا من دون سوء آية أخرى ..عمدنا إلى تذكير قواعدنا بقسم المهنة الموضوع قبل نزول الأديان ..وأنّنا نحن الأطباء رسل الرحمة للناس لن نمد أيدينا بالأذى لأحد وإن بسطوا أيديهم لنا بالقتل فلسنا بمطيعيهم على أنفسهم أنّا نحب ان يبوؤا بذنبنا وذنبهم فيصبحوا من الخاسرين..! فظل القوم يهتفوا ونحن جلوسا هادئين فقام ولاء الدين بابكر حقنا للدماء بإختصار الإجتماع معلنا يوم غد إضرابا شاملا لكل الأطباء في السودان يمتد لإسبوع وهكذا رفعنا بمنتهى الحكمة اجتماعنا ..فلم يطق الجهاديون صبرا فقام الدكتور طارق بلة المسئول الوزاري وأمام أعين الجميع بالإقتراب من سيّدة من الطبيبات المضربات أمام أعين الجميع وقام بصفعها ..!فعل هذا مراهنا على نخوة الرجال ليبتدر فصلا دمويا لتتدخل الشرطة التي كانت تراقب من الخارج مسيرتهم واقتحامهم المكان دون أن تتدخل ..كنّا كثرة ..لكنها عاقلة ...حفظت ثورتها بيضاء ..من دون سوء ..فكبحنا غضبة من ثاروا ..وفقدنا تلك الطبيبة بعد الإشتباك دفاعا عنها فلم نجدها ..وارجو من يعرف عنها شيئا ان يخبرنا لنقوم بواجبنا تجاهها ..!تذكّرت تساؤل الراحل الطيب صالح :من أين أتى هؤلاء ..؟!ففي تاريخ السودان الطويل لم يستأسد رجل في معركة على إمرأة ولكن كان ينظر أين هم الرجال فيضع سيفه في أعناقهم..حتّى قطّاع الطرق المشهورون في السودان ب(الهمباتة) لقد كانت لهم قيم وأخلاق نبيلة ..تذكّرت كلام ود ضحوية:
(ماني التنبل القاعد بقول سوّيت /ويشهد خالقي كان يوم السعال قرّيت /
إن بردن نقود ماني البخيل صرّيت /وإن حرّن بكار ميهن صفايح زيت/)!..
وعندما نما إليه خبر وجود صديقه في الأسر قال:
(الخبر الأكيد قالو الصدّيق متربس جوّه/ومابتخلّى عن الرفيق حت إن بقيت في هوّة /
ساعة الدرك مابنسى شرط الخوّة/وكبّاس للدهم فوق البقول يامروّة/)...!
وهؤلاء هم الذين كانوا ينهبون بهذه الأخلاق في تاريخ هذا البلد الذي لا يستأسد رجاله على نسائه ولا على طفل ولا ضعيف ..ولا يطعنون في الظهر وإنما كل شيء بعد ان تتيقن ان خصمك قد أخذ حذره من سيفك ..وطعنك ..!ولكنها قيم الجبن والخور الجديدة التي تحتمي بالنساء لتعلن قوتها وتعبر عن نفسها ..
(فالح في الحريم ويتحاشى لي فرسانه/ شوف أشرف هميم ..فولاذ حديدو معانا /ما الخملة التبيع ولدة ندم تلفانة/ عدمان الهمم.... مابتسترو الجبخانة/)
(2)غروب ومساء :15 مارس
الشرطة تزيل أشهر سرادق في تاريخ النضال النقابي..!
عادة في الأفلام الهندية تأتي الشرطة متأخرة لتلمّ أشلاء الضحايا لذلك كانت دهشتي عارمة وأنا أرى قوات من الشرطة تدخل بخراطيش سوداء ثقيلة لتهدم سرادق الأطباء وهم يهتفون :إضراب ..إضراب ..إضراب إضراب..في إجتماع خاطف قرّرنا أنّنا في مأزق..كيف سنرسل أطباءنا لمستشفى الشعب لقيادة أعلنت الجهاد عليهم وشرعت في تنفيذه وإذا لم نرسلهم ..ماذنب الشعب السوداني؟..لهذا دعينا كلّ رؤساء التحرير والحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني وقادة العمل السياسي والنقابي ماوسعنا في تلك الأثناء بما فيهم قيادة المؤتمر الوطني لنسلم حكماء الشعب أمانة هذا الشعب..في مؤتمر صحفي غطّته الفضائيات بقاعة الميز وكان فيه حضور مميز من نشطاء المجتمع السوداني وعلى مستوى العمل السياسي كان هنالك حضور مميز لحزب الأمة القومي على مستوى قياداته والمكتب التشريعي والرئاسي والحزب الديموقراطي الليبرالي وحركة القوى الديموقراطية حق ,وبعض الناشطين كالأستاذ الحاج وراق والأستاذ شمس الدين ضو البيت وحضور كثيف للإعلام..وفي أثناء المؤتمر قطعت الكهرباء ..! وأغلقت أنوار الصالة وأضيئت أنوار الفسحة كما يقول سمير غانم حين أضاءت الفضائيات بكاميراتها لإنتهاء المؤتمر وخرجت لأجد سيارتي تم تهشيم زجاجها الخلفي وفتحها عنوة وتفتيشها وكسر درجها الأمامي ..!وتلقيت تعزية رقيقة من كثيرين من مكتب الدكتور منصور خالد ومن مكتب السيد الصادق المهدي ..حيث عزّاني الإمام بقوله:الجود يفقر والإقدام قتّال..!
(3)17 مارس
إضراب عن الطعام وإعتصام ببيت الأزهر..!
مضى يوم 16 مارس بأنباء مجنونة عن مسئولين أصيبوا بسعار مضاد للإضراب وكأن هؤلاء العزّل قد نكأوا جراح تخازلهم وأرزقيتهم فأهاجوها ..قام البعض بطرد الأطباء من مستشفيات جعفر بن عوف واحمد قاسم وام درمان وتعرضوا بالأخص للسيدات بالألفاظ النابية وهدّدوا صغار الطبيبات بأنهم سيشيعون عنهن أنهن عاهرات ونحو ذلك من إنسان رخيص القول ..اللهم أنّا نبرأ إليك من رمي المحصنات الغافلات وإنها لكبيرة من الكبائر للذين يخافون الله ورعا ويتقونه..ثم أمسى اليوم على وزير الدولة الدكتور حسن ابوعائشة وهو يشير لقرار الرئيس بفصل الأطباء ..وكمسئولة للإعلام نفدت مواردها التي كانت تقوم طوال الوقت على ثقافة النفير ..وحاصرتها الصحف المأجورة والتي عكفت طوال العشرين عام السابقة على تغييب الرأي العام وشق صفّه وتشتيت وحدته وحقنه بالأخبار المغلوطة ..ومسيرات مدفوعة الأجر وشعارات معلقة على حوائط المستشفيات باسم جمعيات إصلاح المرافق الصحية تندد بالإضراب وتنادي بالإصلاح ..في مستشفيات نغطّي فيها انوفنا من روائح الصرف الصحي ومن قذارة العنابر التي يتعالج فيها المرضى..!مفهوم الإصلاح هو تجميل مكاتب الإدارة وتدبيجها بالوثير من المقاعد والفاره من السيارات والكبير من الحوافز حتى لو تجمعوا للإفطار وتجيير الحيطان لستر الفساد المالي ..فمفهوم إصلاح المرافق الصحية المني ينحصر في تصفية الأطباء ..! وجمعيات تظهر لأول مرّة ببياناتها المنددة بالإضراب والمنحازة للمرضى وهي جمعيات لم نسمع لها بدور طيلة عملنا بالمستشفيات في الوقت الذي كان الأطباء ينقلون المرضى بسياراتهم ويتبرعون لهم بالدم ويسددون عنهم الرسوم ويجرون لهم العمليات ..هذه الجمعيات عقدت بليل لتسبح بحمد السلطة الغاشمة وتهلّل لها ..إنّ الأمل في غد مختلف وديموقراطي قد ذهبت به تجربتنا المدنية إدراج الرياح فالسلطة التي تعلن الجهاد على مهنة وكما قال الأبوابي رئيس اللجنة مستغربا ..هل ستعلن الإنقاذ الجهاد على النجارين والحدّادين والمهندسين والمعلمين ..هل هنالك دولة عاقلة تعلن الجهاد على منسوبي مهن محدّدة بمختلف توجهاتهم الفكرية والدينية ..!علما بأن لجنة إضراب أطباء السودان بها أعلى حضور من منسوبي المؤتمر الوطني أنفسهم ..وعلى قول المثل المصري(إن جالك الطوفان حطّ ابنك تحت رجليك)..!والسلطة التي لم تحتمل تجمع مدني مشروع وحقوقي إعترفت بعدالته قبل ان تنكص على عقبيها لن تحتمل بالضرورة انتخابات حرة ونزيهة ..ولن أقول أن المر سيكون همبتة لأن الهمباتة كانوا على القل يتحلون بالشرف اللازم لهذا الفعل..! وكما قال الدكتور القراي:إذا كانت هنالك مجموعة ترى انها مظلومة وتريد ان تضرب وانت لا توافقها الرأي فلم تأتي وتندد وتخرب تجمعها ؟من الأسلم والديموقراطي ان لم تكن انت متضررا ان تستمر في عملك فإنك لست معني وعلى السلطة التي تعبر عنها أن ترى فعلها مع هذه المجموعة المضربة ..وهذا مايؤكّد أن العصبة المنقذة لن تعرف لها حدّا تقف عنده في معركة الحقوق الناشبة ضدّها ..!
عندها علمت أنّ مسئولياتي تحتّم عليّ القيام بفعل يلفت أنظار هذا الشعب إلى نضال أبنائه فكان أن قرّرت الإضراب عن الطعام ولأنها طريقة (السياتراها)اللاعنف الغاندية الشهيرة فكّرت في الإعتصام بالسفارة الهندية كما فعلت سيّدة من قبل مصرية في خمسينيات القرن الماضي في حكم اللواء محمد نجيب والذي كان رجلا شهما ونبيلا فمنح لأجلها النساء في مصر حق الإنتخاب والترشيح..لكن لغياب السفير الهندي عن السودان شعرت السفارة بحرج بالغ من عدم قدرتها على إتخاذ قرار مشابه ..وهكذا كنت في حيرة من أمري بإعتبار أنّ الوزارة حاولت دمغنا بجهات سياسية متعددة الوجهات لتستر بهذا القول عورة فشلها وسوء إدارتها ..فارتأيت بمعونة بعض الزملاء ان ألجأ لبيت الزعيم الأزهري ..فالرجل كان رئيسا عفيف اليد واللسان مات ومنزله مرهونا للبنك فكان كما قالت السيدة مريم زوجته الشريفة الصالحة
هي والله براءة من الله ..!)..وهو الرئيس الذي سمح للأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم بإصدار صحيفة صوت المرأة ..فكان الرجل الذي أعطى للمرأة في السودان صوتا تعبر به ..وهو البيت الذي لازال علم الإستقلال يرفرف فيه مذكر بالزمن الجميل ..!ولأن هذا المنزل هو الذي لازالت ابوابه مفتوحة للشعب وسميت سيدته بأم الناس وأم السودانين وأم الشعب ..!وفي بيت أم الناس وسوس أحد الخنّاسين في أذن ربته :كيف تأوي الشيوعيين في بيتك؟فأجابته الصالحة الشريفة:أنا لا أعرف تلك الطبيبة ولكنها لاذت ببيت الأزهري وهو لكل من ضيم واستجار ..سيظل هذا البيت مفتوحا للختمية والأنصار والشيوعيين وكل من يعشم فيه هو محل للعشم ...نحن لا نسأل ضيوفنا عن دينهم ولا عن قبيلتهم ولا عن ولائهم ..لأنهم ضيوفنا هكذا كان الأزهري وهكذا سيظل بيته..!وهكذا وقفت الجلاء ابنة الأزهري وزوجهاالأصيل البروفسور برعي كرار وقفة واحدة تزود عن قضيتنا وتخدم ضيوفنا أجلى الله بها وبه هم هذا البلد..ومثلها فعلت حفيدات الأزهري وبناتهن عبير وإسراء بنات سامية الأزهري وهكذا فعل الأشراف والشريفات من بنات وأبناء الشعب ..وفي بيت أم الناس التحفت بالعلم الطاهر ولزمت قضيتي ..!
(4)18 مارس
لاأقسم بهذا البلد:
قبل أن أتريّث لأضع خطّة لصيامي ومنهج ..كانت طائفة من المناضلات قد وصلن بينهن سيدات مركز سالمة لدراسات المرأة ومبادرة لا لقهر النساء ..كنت في أشد الرهق حيث لم انل قسط وافي من الرّاحة ولا الطعام في الإسبوع السابق للإضراب وربما كان هذا وراء التدهور السريع لحالتي تحت الإضراب..قلت لفهيمة وزينب وعلا أن يبحثن لي على محرّك البحث (قوقل) عن منهج إضراب غاندي عن الطعام وخرجت لألتقي بعض الناس في الصالون وحينما رجعت وجدتهم ينظرون إلى بعضهم البعض ..ودت إحداهن أن تتدخل لإجراء بعض التعديلات خوفا علي ولكنهم توقيرا للموقف قرّرن على لسان زينب ان ينطقن بالحق..وبطريقتها اللطيفة قالت زينب الصاوي:انسي موضوع غاندي ده ونشوف ليك حاجة أخفّ تصدّقي الرّاجل ده قعد 7 ايام دون طعام ولا شراب عدا عصير البرتقال دون الماء بعد انتهاء الإسبوع اكتفى بوجبة الإفطار يوميا لمدة 4 اشهر ..ثم لم يلبث المنزل أن امتلأ بالمتضامنين والمتضامنات فقدمت عواطف عبدالقادر وغادة مكّي واميرة عثمان حامد وشادية عبدالمنعم وامل هباني وأعلن اضرابهن عن الطعام في اليوم الثاني حتى احسان فقيري والتي كانت تعاني من مرض السكر قامت بتقليص الوجبات طيلة فترة اقامتها..وقام الأكارم من هذا الشعب بالزيارة وإعلان التضامن فزارني وفد المحامون الديموقراطيون والإخوة بالحزب الإتحادي أمثال عصام ابوالحسن وهشام ابراهيم المفتي وابراهيم جبريل وكثر احفظ وجوههم وتغافلني السماء لكنهم توطنوا من القلب مكان الإعزاز والتقدير.. ولفيف من الحقوقيين والسيد مبارك الفاضل مرشح الرئاسة والسيد محمد زكي مدير مكتب الأمام الصادق المهدي ومن ثم الإمام الصادق نفسه وممثلي حزب الأمة القومي وسيدات بيت المهدي والسيدة وصال المهدي حرم الترابي والأستاذ ابراهيم نقد والسيد ياسر عرمان الذي ظل يهاتف قبل وصوله للخرطوم وزار منزل الزعيم مرتين والدكتورة فاطمة عبدالمحمود والدكتورة فتحية عبدالمحمود والسيد عبدالعزيز خالد والأستاذ نبيل اديب والأستاذة منال خوجلي والذين ظلوا يتابعون بإهتمام مجريات قضية الأطباء رءفة وتضامنا منذ بدايتها . وقد عسكرت مجموعة من النساء طيلة ايام الإضراب ..وكن يعلن وقوفهن وتعاضدهن معي بأشكال عديدة منهن الدكتورة عائشة الكارب والأستاذة ماجدة عثمان والأستاذة نهال محمد ادريس ووفد كريم من الحركة الشعبية بحضور وزير الحكم المحلي وإدوارد لينو وبصحبة الأستاذ الحاج وراق.. ولقد اسعدتني على وجه الخصوص زيارة الدكتور منصور خالد والذي ظل طوال معاناتي السابقة في الحياة قلما داعما وقولا متضامنا وقلبا رءوفا .لا انسى المبادرة الشبابية لدعم حملة ياسر عرمان..والتي اعلن افرادها اضرابا تضامنيا عن وجبة الإفطار والغداء تضامنا مع قضية الأطباء بصحبة رئيسة (حق) الأستاذة هالة عبدالحليم ..كما أعلنت المسئولة بالحركة الشعبية د.كي جي إضرابا تضامنيا عن الطعام ..كلّ هذا واسرة الأزهري تخدم الضيوف وتستقبل الوفود دون كلل وبمباشرة السوداني الأصيلة التي تهش في وجه الصغير دون الكبير ..وقد اختبرت زملاء المهنة في هذه المحنة كما اختبرت زملاء القلم فكان معي تقبلا غير مشروط مجموعة من الزملاء الأكارم ..نساء ورجال سردا لا حصرا رشا عوض وهادية حسب الله وآمال عباس ومديحة عبدالله وصباح آدم وعقدا فريدا من صحفيات الأجراس والأحداث وكذلك الإخوة برأي الشعب وصحيفة الأخبار ,وبالأخص الزميل فيصل محمد صالح الذي شد من أزري بقوة في مواجهة الوساطات هو والدكتور الباقر العفيف ومحمد لطيف والأستاذة اروى الربيع والدكتور الفاضل عمر القراي الذي ظل حضورا طيلة الأيام الثلاثة ومبديا دعما غير مشروط هو والأساتذة يس حسن بشير والشفيع ابراهيم الضو والستاذ ابراهيم طه ايوب الذين شكلوا بدايات لجنة اسناد الأطباء وكل السودانيين بالخارج من الإمارات كالزميل مرتضى الغالي والصحفيين العرب كالزميل ابوناصر والأطباء بالمملكة المتحدة وامريكا وكندا والمغرب العربي والدكتور عبدالمطلب بصحيفة الشرق القطرية حتّى العزيز هاشم كرّار ظلّ يهاتفني يوميا مبتدرا قوله معك العجوز الكرار وكثيرون قد غفلت عنهم الذاكرة إعياءا لا جحودا فلهم العتبى والمحبة ولأنهم كانوا كثر جميلين ومتضامنين..فلا اقسم بهذا البلد ..الذي ظللت اراهن عليه فما خسرت رهانا ..نخوة وكرما وشرفا عاليا...
(5)19 مارس :ليلا
الجمعية العمومية تصوت ضد الإضراب عن الطعام
في مساء الخميس زارني وقد كريم من أساتذة أجلاء منهم البروفسور الزين كرّار رئيس المجلس الطبي السوداني والدكتور الفاضل سعيد والدكتور العطوف الطاهر بحضور الأستاذة اميرة الجزولي وشاعر الشعب محجوب شريف ولأجل خاطر هؤلاء جميعا وكذلك لجنة استعادة نقابة اطباء السودان,ونزولا عند قرار الجمعية العمومية التي انعقدت مساء الجمعة ببيت الزعيم الزهري وفي حضور عظيم من قادة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وهتافات نسوية كريمة وزيارة غالية على القلب من السيدة عزيزة مكي ومهاتفة من الأستاذة محاسن عبدالعال قرّرت أن أرفع الإضراب عن الطعام بعد ان صوتت ضده الجمعية العمومية وبعد ان اصبح عبئا نفسيا يعيق تقدم المضربين ..وقد شعرت بقرب الناس وتضامنهم وتحسرت :هذا الشعب النفيس المعدن يستحق حياة افضل ومعاملة افضل فليس لمثل هؤلاء الأحرار بيوت الشباح وتعذيب الأجساد والتصفيات الجسدية..!
(6)محطات خاطفة لكنها مضيئة جدا
شمس الدين ضو البيت:
إلى زوجي العزيز ,الرجل الذي يؤمن بالحرية والديموقراطية ويتمثلها في حياته قولا وفعلا ..سأظل أذكر بكل امتنان ردّك علي حين استشرتك في الإضراب فقلت لي :هذا ليس شأنا عائليا ..هنا شاوري لجنة الإضراب واصدعي بما ترين ..مابيننا كان ولا يزال عقدا لا يصادر حرية ولا يحجر قرارا ..لكل هذا انا مدينة لمجرّد وجودك في الحياة بالكثير..
نجلاء سيدأحمد
هنالك اشخاص في الحياة ,تشعر تجاههم بالكثير من الإمتنان ,لقد ظلت المناضلة نجلاء سيدأحمد توثق عبر كاميرتها ودون ملل أحداث إضراب الأطباء لحظة بلحظة وعبرت معهم مخاطرا عديدة ..تعالوا نكرّم هذه العين الساهرة لنصرة الحق فهي أهل للتكريم..
إلى دكتور الفاتح البدري ود/والي الدين ود/اشرف ود/سمية ..اصدقاء المهنة واصحاب القلوب الرءوفة الذين عسكروا معي ببيت الأزهر وسهروا على سلامتي..معكم من الصعوبة بمكان ان يشعر الإنسان بالألم..!
(
قلم حواجب:
طيلة الوقت الذي كنت فيه طريحة الفراش كانت هنالك فتاتين صغيرات بالسن ,ضايقهن جدّا مشهدي غير المعد لكاميرات التصوير ويبدو انهن قد قررن ان يعتنين بي بطريقتهن الخاصة ..فقامت إحداهن بترتيب شعري وحين رأتني من بعيد وأنا شبه دائخة أعادت رسم وجهي فوجدت به بعض الخروج على مألوف الملاحة فاقتربت مني مترددة وسألتني:أشيل ليك حواجبيك ؟!ابتسمت بفتور وانا أهزّ رأسي:يا للنساء!قبل ان اذهب في نوم عميق.
(9)رسائل شعرية وصلتني من أصدقاء:
الصغيرة محاسن:
(روحك غالية يالفارسة ام سبايبا خيرة/راسية وبت فحول/مقدامة ماكي كسيرة/الوجعة البتوقد النارفي كل الديرة /نبكي ونستغيث ورئيسنا راقص السيرة)
وايضا:
(غريب غريب لأنّا إذا ما رفضنا الصلاة بخلف البشيريقولون إنا كفرنا /فكيف الصلاة وعشرون عاماجميعا/ نحيض/إذا لا صلاة ونحن عبيدا بفعل الإمام/وكفار صرنا وصرنا عرايابرغم الكساء وجوعى /وايضا نخاف من الله إن مابدا كالبشير يريد هتافاتنا له مرتين /وتبا لهذا النظام البغيض..!)
من الزميل احمد الجعلي:
ستظل وقفتنا بخط النار /
رائعة طويلة/
سنعلّم الأجيال/
مامعنى الصمود/
ومالبطولة..!
ومن لجان الإضراب:
ماقلنا دايرين سيخ/
إتسلّحو وجونا/
عسكر بدون تصريح/
في ميزنا ضربونا/
ومابننكسر للريح/
لو حتى صلبونا/
حنبقى نحن ضريح/
أجيال تزور فينا/
هذه رسالة من الدكتورة /ناهد لكل ضمبر حى فى وطنها
--------------------------------------------------------------------------------
l.
--------------------------------------------------------------------------------
__._,_.___
.
__,_._,___
--------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
موضوع: للمغيبين والمطبلين والخائفين 
السبت 27 مارس 2010 - 9:13
