مراتب المكلفين في الدار الآخرة:
المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم... وهم ثمان عشرة طبقة: فمنها.
الطبقة الأولى: وهي العليا على الإطلاق وهي مرتبة الرسالة.. فاكرم الخلق على الله وأخصهم بالزلفى لديه ورسله.. وهم المصطفون من عباده الذين سلم عليهم في العالمين.. وقال تعالى: ((وسلام على المرسلين)).
الطبقة الثانية: من عداهم من الرسل على مراتبهم من تفضيلهم بعضهم على بعضِ.
الطبقة الثالثة: الذين لم يرسلوا إلى أممهم وإنما كانت لهم النبوة دون الرسالة.
الطبقة الرابعة: وهم ورثة الرسل وخلفاؤهم في أممهم. وهذه أفضل مراتب الخلق عبد الرسالة والنبوة.
الطبقة الخامسة: وهم أئمة العدل وولاته الذين تؤمن بهم السبل ويستقيم بهم العالم.
الطبقة السادسة: المجاهدون في بسبيل الله. وهم جند الله الذين يقيم بهم دينه ويوقع بهم بأس أعدائه.
الطبقة السابعة: وهم أهل الإيثار والصدقة والإحسان إلى الناس بأموالهم على اختلاف حاجاتهم.
الطبقة الثامنة: من فتح الله له باب من أبواب الخير القاصر على نفسه كالصلاة.. والحج.. والعمرة... والصوم وقراءة القرآن، والاعتكاف، والذكر، ونحوها.. فهذه طبقة أهل الربح، والحظوة أيضا عند الله.
الطبقة التاسعة: طبقة أهل النجاة، وهم من يؤدي فرائض الله ويترك محارمه.
الطبقة العاشرة: طبقة قوم أسرفوا على أنفسهم، وغشوا كبائر ما نهى الله عنه، ولكن رزقهم الله التوبة النصوح قبل الموت. فماتوا على توبة نصوح، فهؤلاء ناجون من عذاب الله.
الطبقة الحادية عشر: طبقة قوم خلطوا عملاً صالحا وآخر سيئا فعملوا حسنات وكبائر، ولقوا الله مصرين عليها غير تائبين منها... لكن حسناتهم أغلب من سيئاتهم.. فهؤلاء أيضا ناجون فائزون.
الطبقة الثانية عشر: قوم تساوى حسناتهم وسيئاتهم... فتقابل أثراهما فتقاوما فمنعتهم حسناتهم المساوية من دخول النار وسيئاتهم المساوية من دخول الجنة فهؤلاء هم أهل (الأعراف).
الطبقة الثالثة عشر: طبقة أهل المحنة والبلية..نعوذ بالله... وإن كانت آخرتهم إلى عفو وخير.ز وهم وقم مسلمون خفت موازينهم ورجحت سيئاتهم على حسناتهم فغلبتها السيئات وهم يدخلون النار على مقدار أعمالهم: فمنهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى أنصاف ساقيه. ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ويدخلون فيها على قدر أعمالهم. ثم يخرجون منها بشفاعة الشافعين.
الطبقة الرابعة عشر: قوم لا طاعة لهم ولا معصية. ولا كفر ولا إيمان...هؤلاء أصناف:
1- من لم تبلغه الدعوة بحال ولا سمع لها بخبر.
2- منهم المجنون الذي لا يعقل شيئا ولا يميز.
3- منهم الأصم الذي لا يسمع شيئا ابدا.
4- منهم أطفال المشركون الذين ماتوا قبل أن يميزوا شيئا.
فاختلفت الأمة في حكم هذه الطبقة اختلافا كثيراً... والمسألة التي وسعوا لها الكلام هي مسألة أطفال المشركين... أنهم يمتحنون في عرصات القيامة ويرسل إليهم هناك رسول وإلى كل من لم تبلغه الدعوة. فممن أطاع الرسول دخل الجنة ومن عصاه دخل النار وعلى هذا فيكون بعضهم في الجنة وبعضهم في النار.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أولاد المشركين. فقال: ((الله اعلم بما كانوا عاملين)).
وأما أطفال المسلمين. فقال الإمام أحمد: لا يختلف فيهم أحد يعني أنهم في الجنة.
الطبقة الخامسة عشر: طبقة الزنادقة وهم قوم أظهروا الإسلام ومتابعة الرسل.. وابطنوا الكفر ومعاداة الله ورسله.. وهؤلاء المنافقون.. وهم في الدرك الأسفل من النار.
الطبقة السادسة عشر: وهم رؤساء الكفر وأئمته.. ودعاته الذين كفروا وصدوا عباد الله عن الإيمان. وعن الدخول في دينه رغبة ورهبة فهؤلاء عذابهم مضاعف.. ولهم عذابان.. عذاب بالكفر وعذاب بصد الناس من الدخول في الإيمان.
الطبقة السابعة عشر: طبقة المقلدين وجهال الكفرة وأتباعهم وحميرهم الذين هم معهم تبعا لهم يقولون: إنا وجدنا آباءنا على أمة. وإنا على أسوة بهم.
الطبقة الثامنة عشر: وهم طبقة الجن.. وقد إتفق المسلمون على أن منهم المؤمن والكافر والبر والفاجر. قال تعالى: ((وإنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا)).
وقيل في ذلك إنهم: أصنافا مختلفة ومذاهب متفرقة.