الحياة الزوجية قبل و...بعد الزفاف
قبل ان ترد القفص الذهبي وتقيم فيه حتى نهاية حياتك.........
.........كثيرون هم أولئك الذين يوصون الفتاة ليلة زفافها، ولقد علمونا
وحفظونا ذلك في مرحلة من المراحل فقرأنا سطورًا بعنوان:
'وصية أم لابنتها ليلةزفافها'.
لكن للأسف تجاهلت الأم أن توصي ابنها، وكأنه خلق وهو يحسن
فن التعامل مع زوجته.
وها نحن نسمع عن زوجات مظلومات ومهانات ومحطمات من قبل
الأزواج، دون أن ينصفها أحد، وكلما شكت حالها على والديها قالا
لها: اصبري.. اصبري.. أولادك.. طلاقك.. المجتمع.
والآن وبعد أن وصل الأبن لسن الزواج، ها هي الأم تكتب وصية
له، سطورًا منثورة، وعظا ت حية لنميط اللثام عن المواقف والخلال
المكدرة راح اسميها لكم احبائي
وصية أم لابنهاقبل عقد قرانه.
وهي تقول (الأم )اعلم بني الحبيب أنك ستأخذ هذه الفتاة من بين
أهلها، بيت نشأت فيه عشرين سنة أو أقل أو أكثر، من بين
والديها الحبيبين، وإخوتها،وشقيقات روحها، فهذه أول صدمة تصدم
بها الفتاة حيث تنتزع من بين أهلها إلى رجل لم تُخلق بطباعه، ولم
يُخلق بطباعها فأول ما تبادر به ألا تحرمها من أهلها، فأشعرها بالأمان
فمتى رغبت في زيارة أهلها فلا تمانع من ذلك.
ثم ضع في بالك أمرًا غفل عنه كثير من الرجال وهو وصية الحبيب
المصطفى لكم خاصة 'اتقوا الله في النساء،فإنهن عوان عندكم'
فالزوج المؤمن يرى أنه مجازى بالإحسان، مأخوذ بالإجرام. فلا يحي
الطبائع الأثرة والاستعلاء.
اعلم يا بني أن الزوجة ليست أمة وأنت السيد، بل أنتما شريكان
ستديران المركب بمجدافين، عليك مسؤوليات، وعليها مسؤوليات،
فرحم الله زوجًا سهلاً رفيقًا لينًا رؤوفًا.
انتبه عزيز من لحظات الغضب، فإنه يمهد النفس لقبول شتى
الوساوس، ومتى صحا الغضوب من نزوته راح يندم إلى ما فرط
منه.. فلا تدع النزاع يستفحل ولا تدع الحرب تنشب.
واحذر من إسقاط الإهانات فتكون كوخز الإبر، ولا ترسل الكلام
على عواهنه فتقذف بألفاظ جارحة تظل تبعاتها على مر السنين،
فالمرأة يابني لا تنسى أبدًا، وستظل جروح كلماتك تنزف في قلبها
على مر الأيام والسنين،مهما أحسنت معاملتها، فلا تدع لسانك حبلاً
مرخيًا في يد الشيطان، عود لسانك الجميل من القول فإن ثماره حلوة
يانعة، والكلمة الطيبة غذاءالروح.
ليكن قدوتك الحبيب ـ عليه الصلاة والسلام ـ فما انتقم لنفسه قط،
بل كان يعالج الأخطاء بالرفق.
فلا تستخفنك التوافه، واحتفظ برجاحة فكرك، وابن حياتك على
فضيلة الصبر،فإن أساسه متين.. فالعشرة والمودة والإغضاء عن
الهفوات خصال تعتمد على الصبر الجميل، فالمؤمن يطلب
المعاذير،والمنافق يطلب الزلات، كن من المحسنين الذين قال الله
فيهم: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
عليك أن تدرك أن المرأة تحتاج إلى الاحترام والتقدير أشد من
حاجتها إلى العطف والحنان، فالطابع على أغلب الرجال تملكه
الأنفةوالشموخ أمام أهله بعد الزواج، فيظهر لأهله أنه البطل المغوار
الذي قطع رأس الثعلب ليلة الزفاف، فربما تنازل عن نبل خصاله
وخاصة أمام أهله: هاتي، أحضري،افعلي، وقد يتعرض لها بألفاظ
محرجة، ونقد قاس.
اعلم يا قرة العين أن احترامك لها أمام أهلك سيجعلها تعطيك أضعافًا
من الاحترام، وهذا ما يتمناه الرجل، فإن أشد ما يؤلم المرأة تعنيفها
أو لومها أمام الآخرين، فالمرأةفياضة الحنان والعاطفة، فإذا وجدت
منك احترامًا وجدت عندها السلوى والراحة والمتاع، وصدق رسول
الله صلى الله عليه وآله إذ يقول: 'الدنيا متع وخير متاعها المرأة
الصالحة'
ومتى جفوت عليها فستجفو عليك ربما ليس في الظاهر،بل تغور
في جذور قلبها فتخفيها رغبة منها في استمرار حياتها، فقدم لتستمع
بهذاالمتاع.
هناك أمر مهم: لا تدع حياتك معها عسكرية تحتوي على الأوامر
والنواهي، فإن استطعت أن تتناول كأس الماء بنفسك فافعل،
فإنك كنت في الغالب تأخذبنفسك في بيت والدتك، وكنت أحيانًا
ربما صنعت طعامك بنفسك، بل وخطر على بالك مرة أن تصنع
عصيرًا مكونًا من الحليب والموز، فلماذا الآن تتحكم في
كل صغيرة وكبيرة، ما الذي يمنعك من مساعدتها في تحضير سفرة
الطعام،فلست أنت خير من الرسول صلى الله عليه وآله الذي كان
في خدمة أهله حتى تحضر الصلاة..
وكان صحابته يقتدون به، فمثلاً كان عليه الصلاة والسلام يحب
التطيب،واستعمال السواك، وها نحن نسمع ابن عباسي قول: 'إني
لأتزين لامرأتي كما تتزين لي، وما أحب أن أستنظف [آخذ] كل
حقي الذي لي عليها،فتستوجب حقها الذي لها علي، لأن الله تعالى
يقول: {...وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ..}
تمر على المرأة أمور بعد زواجها عسيرة كالحمل مثلاً،تتغير فيها نفسيتها،
فجهز نفسك لهذا الأمر وحاول أن ترفع درجة العناية بها،فالله تعالى
يقول:{...حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ} ،والرجال يقولون: [دلع وميوعة].
ليكن لديك رحمة تجعلك ترق لآلامها،فإنه يمر عليها أمور من الوحم
والثقل والخوف، مما يجعلها ربما تقصر تجاهك، أوتجاه منزلها، فلا تكلفها
من الأمر شططًا، التمس لها العفو والحرمة والمعونة، فهي تحتاج إلى
من يبعث الطمأنينة في نفسها وأنت أقرب الناس إليها..
لا تكرر عليها الكلمات المألوفة التي لا تغير من الأمر شيئًا، أمي كانت
جدتي كانت أم جدتي كانت، كل جيل يا عزيزي يختلف عن الجيل
الذي يليه،فأنت لست كأبيك، ولا مثل جدك.. ها أنت أحيانًا تشكو
من مفاصلك لكثرة تناولك للبيبسي مثلاً.
إذا كانت يا حبيب ممن يفضلون تناول الإفطار في الصباح، فلا داعي
لأن توقظ زوجتك على جميع الأحوال، تنازل عند تعبها أو سهرها
مع طفلها، فها أنت الآن تحب كثيرًا تناول فطورك في [الكافتيريات].
إذاجاءت طبخة الطعام على غير مزاجك فالتزم الصمت، فأنت لا
تعلم كم نبذل من المجهود لإعداد الطعام وتزيينه لكم معشر الرجال،
ليكن لديك مصفاة تحجز الأكدار وتخفي العيوب فإذا اليابس يخضر،
والكدر يصفو.
حاول أن تمتدحها غالبًا فلا تكون الحياة مملة وعلى وتيرة واحدة،
تحسس مواضع الجمال فيها فمثلاً: ابتسامتك جميلة، هذا الإكسسوار
رائع، ما تكلفة ذلك؟ إنك بهذا سترفع ثقتها بنفسها وستجعلها دائمًا
تهتم بزينتها ولباسها وخاصة لك.
لا تفكر في السفر وحدك دون اصطحاب زوجتك إلا إذا كانت هناك
ضرورة قصوى،واحذر من أن تثير غيرتها بذكر محاسن امرأة أخرى
ولو كانت أختك.
ثم هناك عقدة كبيرة تعانيها غالبية النساء، وهي أن الرجل بعد زواجه
بشهر أو شهرين يبدأ بتهديد زوجته بالزوجة الثانية، ولو على سبيل
المزاح، فيجعله كابوسًا يؤرق حياة المرأة،وهناك مثل يقول: 'ذبابة
لا تقتل ولكنها تكدر النفس'، وربما جعله سيفًا يشهره على زوجته
كلما حصل بينهما سوء تفاهم، فاعلم أيها الغالي أن الله عنده كل
شيءبمقدار،فأرديك أن تكون مثاليًا بين الرجال، فامح هذا التهديد
من قاموس حياتك الزوجية ولا تتطرق له أبدًا.
هناك صفة دنيئة موجودة في بعض الرجال وهي التنقيص من شأن
أهلها،فدائمًا يحقر من شأن أبيها أو أخيها فيسلط عليهما موجة عاتية
من التفاهة والتسطيح. احترم شعورها لتحترم شعورك بالمقابل.
وإني أرى فيك نضوج العقل، وبك ذكاء، فضلاً من الله ونعمة، ولا
أظنه إلا سيتحول إلى وسيلة جيدة لتحقيق أغراض السعادة بإذن
الله. فنحن قد نحسن أو نسيء في استخدام المفاتيح التي يسرت لنا.
ماأجمل أن تكون زوجتك صديقتك تسد خللها وتستر زللها وتتجاوز
عن هفواتها! فهي صديقة العمر التي تخالطك في السراء والضراء
وسط زحام الحياة وتطاحن الأزمات، فلاشيء يخفف أثقال الحياة عن
كاهل الزوجين كمثل أحدهما للآخر.
عودها في الغالب على أن تنجز ما وعدتها به، فضعف الذاكرة،
وضعف العزيمة عائقان كثيفان عن الوفاء بالواجب، ولا تقارن نفسك
بالنماذج المنتشرة بين الرجال، ولتتطلع نفسك إلى المثل العليا،
والنماذج المتميزة.
فالأخلاق الزكية إنما تنبجس من قلب مؤمن يعرف الله ويتهيأ للقائه،
ويرجو وعده، ويخشى وعيده والشمائل الرقيقة طريق الفلاح في الدنيا
والآخرة.
يقول مريد الخبر 'أصبحت أحب الخير وأهله ومن يعمل به فإن
عملت به أيقنت ثوابه، وإن فاتني منه شيء حننت إليه'.
لتعلم يا بني أن بر والديك واجب عليك، فلا تكلف زوجتك
به،ولتكن منصفًا تعطي كل ذي حق حقه، لا تدع الخيط مشدودًا
بين زوجتك ووالدتك فتنقل عن هذه أو تنقل إلى هذه، فلو دققت
النظر في كثير من المشكلات لرأيت التطاحن المر بين الزوجة ووالدة
الزوج، والذي يعود سببه إلى عدم حسن إدارة الزوج.. فكن
شديد الحذر من عواقب الفرقة والاعتزال.
ونهاية المطاف: أكثر من شكرالله فلقد وهبك زوجة حيية، عفيفة،
ملتزمة ناضجة فهي جوهرة مكنونة يندر وجودهافي هذا الزمان
والله تعالى يقول:{..لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} ، وكن من القليل الذين
قال الله فيهم: {...وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَالشَّكُورُ}
منقول للفائده