هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الأستاذ رامز !!

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عثمان الحسين

عثمان الحسين



الأستاذ رامز !! Empty
مُساهمةموضوع: الأستاذ رامز !!   الأستاذ رامز !! Icon_minitime1الأربعاء 6 أكتوبر 2010 - 19:56

و ما رامز إلا خيالا يسكن بيننا .. يعيش بطيفه و زيفه بين ظهرانينا .. تراه اذا ما دققت النظر في دواخل كثير من الصفوة .. يتراءى كالعلامة المائية لا تتبينها من أول وهلة و لكنها تتضح إذا مالت زاوية النظر قليلا .. رامز هذا يمسكك بتلابيب جل مثقفينا و كل أنصافهم .. يستنشقون زفيره و ينفثون بخاره و ضبابيته .. هو يسري مسرى الدم .. يتملك حنايا النفس و يتجذر في تفاصيلها .. فيه من الجبن الشيء الكثير .. فأول درس يبثه في خلايا المخ هو ألا تفصح و لا تصارح .. أكثر من الغموض و الضبابية .. و ويل لك لو فهمك من يتلقى كلامك .. عندما ترمي إلى الوطن فلتقل ليلى .. و ليكن الطاغية ثعبانا يتلوى .. و ما الحبيب إلا قطرة ماء .. قل للشمس يا صحراء و قل للبحر يا قمري .. يدفعك رامز دفعا لتتحدث بما لا يفهمه سواك .. يهتف رامز قائلا: زد من ضبابيتك فسيزداد مقامك و يسمو مقالك .. كن كلوحة سريالية .. لا يضيرها لو قلبتها رأسا على عقب .. فأكثر المتلقين يتجذرهم شعور بالإنبهار بكل غامض .. يسوقهم سوقا نحو الإطراء جهلا حينا و نفاقا أحيانا كثيرة .. يقول لك: أرمز لتتقرب من الذين يعلمون زلفى .. بهذا تصعد أبراجهم العاجية .. لتنظر إلى العوام و الهوام من عل ..

و بسببه قعد معظم مثقفونا و أدباؤنا عن النهضة بمجتمعاتهم .. يتشرنقون في دواخلهم و يهمهمون بما لا يجب إدراكه .. ليت رامز هذا كان رجلا فقتلناه و قتلنا معه جبنا و نفاقا .. و كثيرا من الهمز و اللمز
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد المنصوري

محمد المنصوري



الأستاذ رامز !! Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأستاذ رامز !!   الأستاذ رامز !! Icon_minitime1الإثنين 11 أكتوبر 2010 - 8:44



عثمان لك التحايا علي هذا الموضوع القيم جدآ

اوافقك فيما ذهبت اليه وإن كان عندي راي في ( فهم الرمزية )

التي جعلوها من الضرورات في ( الشعر الحديث ) وليتهم فرقوا

مابين (الأبهام والغموض) غير أن الشعر الجاهلي ياعثمان لم يسلم من

رامز ولكن رغم ذلك كان يفسر بعضه البعض . برنامج أمير الشعراء

الذي يعرض في قناة ابوظبي الفضايئة ومن خلال لجنة النقاد يقنن لما

ذهبت اليه ارجو أن تتابعه لأنه لايخلو من اشراقات بعض المجيدين وبه

نصوص في غاية الروعة - اخيرآ شي من الغموض قد يمتع دون ان

يكون غموض مفضي الي ابهام . لك التحايا .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عثمان الحسين

عثمان الحسين



الأستاذ رامز !! Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأستاذ رامز !!   الأستاذ رامز !! Icon_minitime1السبت 16 أكتوبر 2010 - 6:24

الاخ محمد .. الرمز ينبغي ألا يقصد لذاته .. و لا ينبغي أن يفسد المقال بإبهامه .. فليكن بمقدار، كالملح في الطعام ..

و دمت بخير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فضل كرار

فضل كرار



الأستاذ رامز !! Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأستاذ رامز !!   الأستاذ رامز !! Icon_minitime1الخميس 21 أكتوبر 2010 - 5:05

عثمان الحسين كتب:
الاخ محمد .. الرمز ينبغي ألا يقصد لذاته .. و لا ينبغي أن يفسد المقال بإبهامه .. فليكن بمقدار، كالملح في الطعام ..

و دمت بخير

ليس هناك مقدار للرمز يا عثمان
وإنما يتوقف الأمر علي السامع أو المتلقي
وعلي الشفرة التي بينه وبين المتحدث
بداهة المقصود من اي حديث أو كتابة أو إيماءة هو توصيل فكرة ما إلي المتلقي
ويقع عبء هذا التوصيل إلي المرسل
ويتحدد ما إذا كان المتلقي قد تلقي الفكرة وإستوعبها بما يسمي بالتغذية المرتدة feed back
ليس في الرمز - قل أو كثر - عيب إذا أدرك المتلقي معناه

تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عثمان الحسين

عثمان الحسين



الأستاذ رامز !! Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأستاذ رامز !!   الأستاذ رامز !! Icon_minitime1الجمعة 29 أكتوبر 2010 - 21:42

الاخ فضل .. لك التحية
في رأيي أن الرمز مثله مثل السجع و غيره من المحسنات إن قصد لذاته فقد مذاقه و إن زاد مقداره إختل المعنى .. أصبح الرمز عند الكثيرين إستعلاء بالمعرفة و الثقافة .. و هو ما عزل هذه الشريحة من المثقفين عن المتلقي العادي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فضل كرار

فضل كرار



الأستاذ رامز !! Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأستاذ رامز !!   الأستاذ رامز !! Icon_minitime1الأربعاء 10 نوفمبر 2010 - 5:20

عثمان الحسين كتب:
الاخ فضل .. لك التحية
في رأيي أن الرمز مثله مثل السجع و غيره من المحسنات إن قصد لذاته فقد مذاقه و إن زاد مقداره إختل المعنى .. أصبح الرمز عند الكثيرين إستعلاء بالمعرفة و الثقافة .. و هو ما عزل هذه الشريحة من المثقفين عن المتلقي العادي

لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا يا عثمان
وبجيك راجع
ولحدي ما أرجع
نحاول نعرف ( ما هو الرمز ؟ )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فضل كرار

فضل كرار



الأستاذ رامز !! Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأستاذ رامز !!   الأستاذ رامز !! Icon_minitime1الأربعاء 10 نوفمبر 2010 - 5:23


منفول
( يمكن تعريف الرمز بأنه ذلك الذي يتعدى معناه المباشر . أو هو كلمة قد تمثل معاني أخرى أبعد من المعنى الحرفي لها .القصيدة التي نشرت في العدد السابق في هذه الصفحة للشاعر روبرت فروست تتحدث عن الاختيار بين طريقين في غابة صفراء . لكنه لايستطيع أن يمشي كلا الطريقين في وقت واحد وأن عليه أن يختار.
الطريق هنا يرمز الى أي قرار أو اختيار يتخذه المرء في حياته . اذن الرمز يلخص معاني كثيرة في كلمة واحدة ولا يمكن تفسيره داخل العمل الأدبي الا بعد وضعه في سياق النص الذي جاء به. وبعض هذه الرموز يمكن استعارتها من بعض فروع المعرفة مثل علم النفس عند فرويد . ويمكن استنتاج بعض معانيه من أسلوب وحياة المؤلف أحيانا. )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فضل كرار

فضل كرار



الأستاذ رامز !! Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأستاذ رامز !!   الأستاذ رامز !! Icon_minitime1الأربعاء 10 نوفمبر 2010 - 5:26

منقول ( 2 ):
الرمز في الإبداع الشعري المعاصر


بقلم أ.أسعد الطيب العباسي
* الرمزية بصفتها اتجاهاً فنياً برزت في الإبداع الشعري المعاصر، ترتقي فوق موجودات الظواهر المادية المتناثرة في العالم الواقعي إلى مدارك الآمال والأحلام المنشودة في العالم المثالي، مستنجدة بالرمز بصفتها آصرة تربط بين هذين العالمين، لتنتشل الأحاسيس الغائرة التي تألف التشابه النفسي بين الأشياء، وتوقها المستمر للكشف عن الروابط المستترة خلف الظواهر المادية، وذلك عن طريق مقدرة بثينة، ورؤية خاصة يتبناها الشاعر الرامز فيجعل من خلالها الرمز قائماً مقام المرموز إليه بمس إبداعي شفيف لا تتسلل إليه الصور الفجّة، أو الاستعارات الساذجة، أو العبارات الهلامية المستعلية، وهذا ما انتبه إليه (أوستن وارين ورينيه ويليك) صاحبا كتاب نظرية الأدب، عندما قالا إن الرمز موضوع يشير إلى موضوع آخر لكن فيه ما يؤهله لأن يتطلب الانتباه -أيضاً- لذاته بصففته شيئاً معروضاً، وهذا قول ينسجم مع تعريف الرمز الذي وقعنا عليه من خلال ما اتفق عليه الأدباء والفلاسفة بأنه شئ حسي معتبر كإشارة إلى شئ معنوي لا يقع تحت الحواس وهذا الاعتبار قائم على أوجه متشابهة بين الشيئين أحست بها مخيلة الرامز.
عليه فإن الشاعر الرامز يطلق طاقته الإيحائية ذات الخواص الجمالية الفعالة في مخيلة المتلقي، ويغذيها بنوازع البحث، ويغريها بالتطلع إلى ما وراء الأكمة؛ إذ لابد أن خلف البناء الرمزي عالماً آخر يختبئ تحت الظلال، وإن كان اكتشافه بتأويل الرمز يقع في أحايين كثيرة -من الصعوبة بمكان-؛ نظراً للتعقيد الذي يسكن التجربة الشعورية، وعناصرها العاطفية التي لا يقيدها منطق أو عقل، ولكن التركيب الشعري باهتزازاته الموسيقية يوحي كثيراً للمتلقي بالمعاني التي تبثها الصور الرمزية، وقد قال الدكتور عدنان حسين قاسم في رؤيته التقديرية لبلاغتنا العربية: إن جُرس الأصوات والألفاظ والتراكيب الشعرية تلعب دوراً خطيراً في الإيحاء بالمعاني التي تبثها الصور الرمزية، والغامضة التي لا تستطيع الصورة بتراكيبها اللغوية المألوفة أن تثيرها.
ولما كان الرمز يجاوز الواقع الحسي، ويتخطاه إلى الإشارات الدفينة في رماله، والدلالات الخبيئة وراءه والتي تكتشفها القوة الحدسية، أضحى امتلاك الملكتين الحسية والحدسية لازماً في إبداع الرمز، وقد إشار جون مدلتون مري إلى أن تراكم الانطباعات الحسية والحيوية يمد الشاعر العظيم بأقدر الوسائل التي تمكنه من الإفصاح بدقة عن عمليات الحدس الروحية. ولكننا نرى أن هذه الدقة لا يمكن أن تصور المشاعر، والخواطر تصويراً منطقياً؛ حيث أن مردها إلى أشياء حسية رافقتها أحاسيس ضمت إليها خواطر ترتاد عوالماً أكثر عمقاً واتساعاً، والذي عنيناهُ هو ما أدركناه من قول الدكتور «عز الدين إسماعيل» حينما قال إن الصورة الرمزية تجريدية تنتقل من المحسوس إلى عالم العقل والوعي الباطني، ثم هى مثالية نسبية؛ لأنها تتعلق بعواطف وخواطر دقيقة وعميقة تقصر اللغة عن جلائها.
عن أنواع الرمز يكفينا ما أورده الدكتور عدنان حسين قاسم، والذي قال: إن الرموز تختلف باختلاف أشكال بنائها، فمنها رموز تستغرق القصيدة كلها، وتشكل محاورها، وأخرى تُعد جداول صغيرة تتدفق من شعاب جانبية، وتصب في المجرى الكبير لنلتحم به. وبوسعنا أن نقسم الرموز إلى نوعين رئيسيين: أولهما- الرمز الجزئي وهو أسلوب فني تكتسب فيه الكلمة المفردة أو الصورة الجزئية قيمة رمزية من خلالها تتفاعل مع ما ترمز إليه؛ فيؤدي ذلك إلى إيحائها، واستثارتها لكثير من المعاني الخبيئة، وتشع هذه الصور وتلك الكلمات لارتباطها بأحداث تاريخية، أو تجارب عاطفية، أو مواقف اجتماعية أو ظواهر طبيعية، أو أماكن ذات مدلول شعوري خاص، أو إشارات أسطورية معينة وتراثية عامة. والشاعر في تعامله مع هذه الأشياء يرتقي بمدلولها المتواضع عليه إلى مدلولها الرمزي، وثانيهما- الرمز الكلي وهو معنى محوري شفاف، مجسد في إحدى الظواهر المادية، تتمركز على أرضه جلّ الصور الجزئية التي تتوزع العمل الشعري، وتشده نحو هدف جمالي منظور ويربطها به ينبوع التجربة الشعورية.
تعتبر القوى الابتكارية أو الابتداع الذاتي عند الشاعر الذي تتراكم لديه المكونات الثقافية الهائلة، ومخزونات الصور المتفردة والتراكيب الشعرية البديعة أحد منبعي الرمز الأساسيين. ومن النماذج التي يمكن أن نسوقها بشأن ذلك ما أورده شاعرنا الرائد محمد سعيد العباسي في قصيدته (رسائل الصفا) التي وجهها للدكتور زكي مبارك فقد قال وهو يرمز لمصر بماديه، وللسودان بالقرط الذي يزينها بصفتها صورة رمزية لمعنى قائم في شعور الشاعر يشي بالوحدة بين قطري وادي النيل. كما بشر الشاعر في صورة رمزية أخرى بالثورة على الإنجليز، وجعل الصرخة رمزاً لها، والتي ستمنع المحتل من أن ينفرد بالسودان، أو أن ينفصل عن مصر، ولا ريب أنها ستقع على قلب المحتل الواجف محل شذة، وفي نفوس الأحرار برداً وسلاماً، يقول:
فيا مار سيرى ولا تُخدَعي فينتزع القرطُ يا مارية
وهبي فإن لسمع الزمان رُنواً إلى صرخة داوية
تشدُ بها واجفات القلوب وتُروى بها المُهج الصادية
هذه الصورة الرمزية تضافرت في إبرازها قوى ابتكارية فذة -كما رأينا-، وبذلك يكون شاعرنا قد نهل من ابتكاره وابتداعه الذاتي ببراعة والجاً أحد منبعي الرمز، والذي يتمثل منبعه الآخر في التراث، أو ما يسمى بالحياة الواقعية والتراث الإنساني، والذي قُسِمَ من حيث كونه منبعاً رئيسياً من منابع الرمز إلى تراث تاريخي وأدبي وأسطوري وديني وشعبي، وفي التراث التاريخي يستنزل الشاعر الدلالات التاريخية على الأبعاد المعاصرة، وقد أورد الدكتور حسين قاسم (عدنان) مقتطفات من قصيدة (آهات أمام شباك التصاريح عند جسر النبي) للشاعرة الفلسطينية المبدعة فدوى طوقان لاتصالها اتصالاً وثيقاً بالتاريخ العربي والإسلامي، الذي استطاعت فيه فدوى أن تستحضر ليلى بنت لكيز التي أسرها الروم وهى في طريقها لتزف إلى زوجها، فأرسلت قصيدة قالت فيها ضمن ما قالت لزوجها البراق:
ليت للبراق عيناً فترى ما أُلاقي من بلاء وعناء
كما استحضرت المرأة الهاشمية التي اقترنت باستغاثتها للمعتصم، كما رفدت هاتين الشخصيتين التراثينين بشخصية تراثية ثالثة؛ ليكتمل الموقف وتتضح صورته في بناء فني متماسك فأتت بشخصية هند بنت عُتبة التي أكلت كبد حمزة في موقعة أُحد، والتي يتخذها العرب رمزآً لابشع واشرس صور الثأر، وكأنما أرادت الشاعرة أن تكون هذه الشخصيات الثلاثة مجتمعة في ظل هم ثقيل وهو الاحتلال الصهيوني لبلدها فلسطين، فصرخت قائلة:
آه وامعتصماهُ
آه يا ثأر العشيرة
آه جرحي مرغ الجلادُ جُرحى في الرُّغام
ليت للبراق عيناً
آه يا ذل الإسار
ألف هند تحت جلدي
جوع حقدي فاغر فاه
سوى أكبادهم لا يشبع الجوع الذي استوطن جلدي
آه يا حقدي الرهيب المستثار
أما التراث الأدبي فقد يجئ باستخدام الشخصيات الأدبية أو أقوالاً مشهورة اقترنت، كما ورد عند شاعرنا الفذ أمل دنقل، الذي حور أبياتٍ معروفة للمتنبيء؛ ليخلق بها رموزاً تحف بها دلالات إيحائية فقال:
ما حاجتي للسيف مشهورا
ما دمت قد جاوزت كافورا
وعيد بأية حال عُدت يا عيدُ
بما مضى أم لأرضي فيك تهديد
نامت نواطير مصر عن عساكرها
وحاربت بدلاً منها الأناشيد
ناديت يا نيل هل تجري المياه دماً
لكي تفيض ويصحو الأهل إن نودوا
عيد بأية حال عدت يا عيدُ
ونجد -أيضاً عندما نتحدث عن التراث الأسطوري- أن أمل دنقل في قصيدته (عشاء) قد استلهم إشارة أسطورية، وألبسها ثوباً يتسق وتجربته الشعورية العميقة، وملأها بمفازٍ رمزية جديدة من خلال تناوله لأسطورة مصاص الدماء، فبرزت الصورة الرمزية في النص كصدمة إيحائية شديدة الوقع ذات إيجاز وضربة قوية استثارت الحياة الباطنية ورعشاتها الحية عند الشاعر؛ لتسري إلى المتلقي. فمصاص الدماء لا يتحدث ولا يسمع، إنما يرنو بعينيه الصغيرتين، ويلعق الدماء وهو ذاته الفساد الذي يمتص دم الشعب الذي لا يُسمع له صوتاً تقول الصورة:
قصدتهم في موعد العشاء..
تطالعوا لي برهة..
ولم يرد واحد منهم تحية المساء..
وعادت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة
في طبق الحساء..
نظرت في الوعاء..
هتفت.. ويحكم.. دمي هذا دمي فانتبهوا
ولم يأبهوا..
وظلت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة
وظلت الشفاه تلعق الدماء..
ولعل التراث الديني يعتبر من المصادر الكبيرة التي نهل منها الشعراء المحدثون رموزهم. يقول شاعرنا الكبير محمد الواثق في قصيدته (أم درمان تشرق):
رباه حلمك ما أم درمان منزلة
لقد خلقت بها الإنسان في كبد
إن كان حكمك أنَّا لا نغادرها
فاجعل لنا أجر من قد مات في أحُد
أو هب لنا منك صبراً نستعين به أو ما حبوت به أيوب من جَلَد
وقد أخذ الشاعر نفسه في قصيدته (فضيحة أم درمان) شخصيات وأحداث ورؤى من التراث الديني إلماحاً وتصريحاً دارت حولها صورة الرمزية الرائعة أبانها في النص كما يلي:-
الناس جاءتك يا أم درمان كوكبة
منهم شفيقٌ ومنهم لائمٌ لا حي
قالوا سفينتنا قد حلها دنس
من فعل مبذولة الفخذين ممراحي
ما مريم ابنة عمران فنعذرها
أو مثل حواء قد هشت لتفاحِ
فقلت ما ضركم صارت لها ولد
عسى يشبُ ويحمي جانب الساحِ
القوه في اليم إن جارت سفينتكم
قد تزهق الروح تفدي بعض الرواحِ
فقال منهم زعيمٌ عابسٌ صلفٌ
يخفيهم بكريه الوجهِ مكلاحِ
إذا المؤودة في ملحودها سُئِلت
ماذا نقول لربِ الناس يا صاحِ
ثم الشريعة إنا ما نخالفها
فالجلد والرجمُ طهر بعد إصلاحِ
فالقرآن الكريم، والكتب السماوية المقدسة كانت منبعاً وَرَدَ منه الشعراء، وأخذوا منها شخصيات -كما رأينا في صور محمد الواثق الرمزية-، وفي أنموذج آخر نرى شخصية المسيح عليه السلام حينما حملته إلينا قصيدة (أغنية إلى يافا) بصفته رمزاً للفلسطيني المطارد والمعذب:
يافا.. مسيحك في القيود
عارٍ تمزقه الخناجر عبر صلبان الحديد
وعلى قبابك غيمة تبكي
وخفاش يطير
وقد ركن الشعراء إلى الإرث الشعبي بإمكاناته الثرة، وحكاياته الشعبية الغنية بأحداثها وشخصياتها التي ارتبطت في أذهان الناس بمواقف خاصة؛ كعنترة بن شداد، وأبي زيد الهلالي، وزرقاء اليمامة، وغيرهم ممن حفلت بهم ذاكرة المجتمع، أو بطون الكتب وفي هذا الإطار يمكن الإبداع الرمزي في مقدرته؛ للمزاوجة بين المواقف المعاصرة، وبين ما يمكن أن يقتطف من القصة الشعبية من أحداث أو شخصيات كما فعل الشاعر المحدث المقتدر بدر شاكر السياب حينما أدرك أن شخصية السندباد تستطيع أن تتشرب بالوقائع المعاصرة فقال:
رحل النهارُ
ها إنه انطفأت ذبالته على أفق توهج دون نار
وجلستِ تنتظرين عودة السندباد من السفار
والبحر يصرخ من ورائك بالعواصف والرعود
هو لن يعود..
سلك الرمزيون طرقاً مختلفة لبناء الصورة الرمزية، وابتكروا أساليب عديدة لاستخدام الرمز، ونجحوا بذلك في تصوير مشاعرهم المعقدة بعد أن أدركوا أن اللغة -بتراكيبها المألوفة- لا تقوى على مثل هذا العطاء الثر، وخطوا بالصورة الرمزية؛ لتصبح ذات كيان مستقل عن الواقع المحسوس وبذلك اختلفت الصورة الرمزية عن الصورة المجازية -سواء كانت استعارية أو تشبيهية- كما اختلفت عن التعبير بالكناية والتي ترتاد -أحياناً- تخوم الرمزية التي تُعد تطويراً لها فالتعبير بالكناية ترافق مع الأدب القديم، وسلك في شعاب التقليد ومدرسته التي اعتمد على القوانين العقلية المحضة وعالمها الواقعي المحسوس. وقد أشار «إيليا حاوي» إلى أن الكناية تباين الرمز في أنها مستفادة من الواقع فيما يبدع الرمز مَشاهِدَه الحسية، أو يتفطن في المشاهد الواقعية إلى دلالات غير واقعية وغير مبذولة -وإن كانت صادقة-.
وأخيراً نقول إن مَنْ يجرؤ على الخلط بين الصورة الرمزية والصورة السريالية اللتان تتشابهان في إقصاء المنطق بمعايير الواقع المحسوس فهو مخطيء وواهم فالنزعة السريالية التي شاعت في بيئات الأدباء القائلين بتحرير الشعر عن المنطق والقيم الأخلاقية وإقصاء الجمال بالتحليق به بعيداً في عالم التجريد؛ ليعبِّر عن فكرة أصيلة تغوص -أحياناً- في اللا شعور فأفسحوا بذلك الطريق لإظهار مكبوتاتهم في صور محمومة لا تلائم طباعنا، ولا وثبتنا أو مواريثينا القومية.

الصحافة

14/09/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأستاذ رامز !!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مجموعة الأستاذ مزمل و مجموعة الأستاذ محمد سيد أحمد
» الأستاذ المحبوب X اجازة عيد
» الراحل الأستاذ/ نقد .... قصة كتابين
» الأستاذ المحبوب فى السودان
» خال الأستاذ المحبوب فى ذمة الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتدى الحصاحيصا الثقافى-
انتقل الى: