صحيفة الانتباهة
http://www.alintibaha.net/news.php?action=view&id=2605 الكاتب : مدير الموقع || بتاريخ : الأحد 06-03-2011
عنوان النص : تـــقـــديم رمـــــوز الفســـــاد للمحـــاكمـــــة.. مطـــــبــــات خطـــيرة أمــــــام أبــو قــــن
:
تقرير: أحمد يوسف التاي
لم يعد هناك خلاف حول وجود صور خطيرة من صور الفساد المالي والاداري والسياسي داخل أجهزة الحكومة وبعض قياداتها ورموزها، لكن في نفس الوقت لا يستطيع أحد أن يجرؤ على تحديد رموز الفساد وتوجيه الاتهام إليهم بشكل أكثر تحديداً ومن ثم تقديمهم للمحاكمة. وذلك لأسباب كثيرة جداً سنتطرق إليها في سياق هذا التقرير، بما يجعل الدعوة لمحاربة الفساد مجرد محاولة لتبييض وجه الإنقاذ أو محاولة تخدير ليس إلا، ولا طائل منها على أرض الواقع، حيث لم تزل الدعوة لمحاربة الفساد تحاط بكثير من التشكيك، وذلك لكثرة الأسباب التي تجعل اجتثاث الفساد أمراً يظل عصياً على الانقاذ والمؤتمر الوطني على وجه التحديد.. والسؤال الجوهري في هذا الإطار هو ما هي الأسباب الحقيقية التي تجعل الفساد يستعصي اجتثاثه على الحكومة؟
تأمين الوضع بالفساد
تبارى عدد من القيادات السياسية والمراقبين والمحللين السياسيين حول إيجاد الإجابة الشافية للسؤال المطروح.. وزير الأمن في حكومة الصادق المهدي العميد «م» عبد الرحمن فرح، يرى في حديثه لـ «الإنتباهة» أن صعوبة محاربة الفساد تكمن في اتساع دائرة الفساد، ولارتباط الفساد بتأمين الوضع نفسه، ويشير إلى أن الحكومة لا تستطيع أن تقضي على الفساد القائم، لكنه يستطرد قائلاً: «قد يحدث أن يتم تقديم بعض «كباش الفداء». وهو في ذلك يشير الى امكانية تقديم بعض المفسدين للمحاكمة من الذين عادة ما يستخدمهم رموز الفساد كباش فداء، لصرف الأنظار عن جهابذة الفساد من أصحاب النفوذ القوي..
حماية الفساد
أما وزير الدولة بوزارة العدل السابق أمين بناني في حديثه للزميلة فاطمة المبارك، يؤكد عدم مقدرة الإنقاذ على محاربة الفساد، ويعلل ذلك لأسباب منها: عدم وجود إرادة سياسية لدى المؤسسات المنوط بها مراقبة الفساد وتقديم المتورطين للمحاسبة، إلى جانب ذلك عدم رغبة المؤتمر الوطني في تقديم رموز الفساد للمحاكمة.. وهنا مربط الفرس، والسؤال هنا يتجدد بحزم: لماذا لا يرغب المؤتمر الوطني في تقديم رموز الفساد للمحاكمة، ولا يدري أحد على وجه الدقة ما إذا كان حديث بناني هذا المقصود منه ما أشار إليه العميد عبد الرحمن فرح الذي أوضح أن الفساد مرتبط بتأمين الوضع نفسه.
ويرى أكثر من مراقب سياسي أنه إذا صح فعلاً أن تأمين الوضع القائم مرتبط ببعض قضايا الفساد، فإن الفساد هنا يصبح محمياً بالقانون والسلطة، ولا أحد يجرؤ على التقدم خطوة نحو امبراطوريته المحمية.. وهنا يصبح الحديث عن الفساد ومحاربته مجرد حديث للاستهلاك السياسي، ومحاولة لضخ الدم في شرايين نظام الحكم القائم.
وشهد شاهد من أهلها
ويمضي بناني إلى أكثر من ذلك، ويؤكد أن الفساد موجود في صيغ وصور متعددة، وأن الفساد في الإنقاذ بدأ منذ وقت مبكر، ويشير إلى تجربته في محاربة الفساد، ويلمح بأن نتيجة ذلك كانت إقصاءه وقطع صلته بالنظام. ويشير إلى أن الاعترافات من قبل رموز النظام تدل على طفح الكيل، إلى درجة لا يمكن السكوت عليها، وهي الدرجة التي دفعت بعض المسؤولين إلى القول: إن كل من بيده سلطة يختار أهل بيته للوظائف والاستثمارات.
أما وزير الثقافة السابق عبد الباسط عبد الماجد، فيبدو أكثر حماساً لدعوة الرئيس البشير لمحاربة الفساد، لكنه في الوقت نفسه يشير إلى ضرورة الحصول على بينات ووثائق تؤكد وجود فساد أولاً، ثم تطبيق القوانين بصرامة بعد ذلك.. لكن حديث الوزير عبد الماجد يعود بنا الى المشهد قبل أكثر من «11» عاماً، حيث يطلب من ينبه مجرد تنبيه عن الفساد، ويطلب منه البينة والدليل ــ أي أن يأتي بالدليل قبل الحديث عن الفساد، وإلا يُصنف بأنه من قائمة المتآمرين ضد رموز الإنقاذ من الذين يريدون تشويه صورة الإنقاذ وأهلها..
الانقلاب والثورة ضد الفساد
ويرى بناني وآخرون أن الرئيس البشير إذا استعصى عليه الأمر، يمكن أن يعلن حالة الطوارئ ويعلق بعض القوانين الضعيفة، ويتخذ إجراءات حاسمة لمواجهة رموز الفساد، أما فرح فلا يخرج بعيداً عن الفكرة، حيث يدعو الرئيس البشير إلى انقلاب ضد المفسدين، ويعمل على تشكيل حكومته العريضة بمشاركة كل القوى السياسية، ومن ثم يمكنه بعد ذلك أن يقدم المتورطين إلى المحاكمة...
ويرى مراقبون بالداخل صعوبة انقلاب البشير على امبراطورية الفساد، وذلك لما لها من نفوذ قوى ومتشابك، ويتوقع كثير من المراقبين أن يتعرض الرئيس البشير إلى ضغوط مكثفة في هذا الصدد، غير أن مقربين من الرئيس لم يستبعدوا أن يفعلها البشير لاعتبارات وأسباب كثيرة، منها الرغبة الجامحة لدى الشباب لتحقيق هذ الهدف، والضغط في هذا الاتجاه من جانب تيار الإصلاح داخل حزب المؤتمر الوطني، وهو تيار قوامه الشباب، ويدعمه عدد مقدر من قيادات الحزب الفاعلين في كيان الحركة الإسلامية، ومجلس هيئة الشورى، ويستدل هؤلاء بتخلي حسني مبارك قبل تنحيه عن الأمين العام للحزب الحاكم أحمد عز رمز الفساد الأكبر، ووزير الداخلية السابق حبيب العدلي ومن قبلهم طلعت، إذن بالإمكان أن تنفجر الثورة الداخلية ضد الفساد، وتقديم رموزه للمحاكمة من خلال مفوضية محاربة الفساد برئاسة أبو قناية.