فى الليلة (الواحده والخمسون بعد السنة الثامنة عشر) قالت (شهرزاد) مخاطبة (الملك شهريار) وهى تبدا بقص حكاية جديده :
بلغنى أيها الملك السعيد أنه كان فيما مضى من قديم الزمان وسالف العصر والأوان فى أحدى ممالك (ساسان) بجزائر الهند و(خراسان) وال يدعى (بسمتيار) يتولى أمر المدينه (الكبيرة ) رغماً عن مشاغله الخاصة (الكثيرة) وفى ذات ليلة إنهمرت الأمطار على ولايته (إنهمارا) وسال الماء عليها (مدرارا) فإنهارت منازل (الرعية) وخلفت وراءها الخراب و( الأذية) فماتت لديهم كل (البهائم) وإلى جانبهم صار العفش (عائم) ولم يكن لديهم أنذاك إلا إفتراش الأرض وإلتحاف السماء حتى تنجلى (الغمة) ويلجاون لراعى (الامة) ليمدهم بإغاثة (قوية) تعينهم على ما تعرضو له من (أذيه) فقرروا تكوين وفد من القوم (الخيار) لمقابلة الوالى (بسمتيار) وإختارو لرئاسة الوفد المواطن (أبكر) بحسبانه راجل (ضكر) وهو فوق ذلك فكى (مشهور) يقف المرضى لمقابلته (طابور) وقد إشتهر بعلاج الأمراض و(الأسقام) مستعينا بما لديه من (خدام)
إتجه الوفد إلى قصر الوالى (بسمتيار) ولم يكن لديهم فى مقابلة حراس الأمن أى (خيار) فلما علم الحراس أن الوفد قادم يطلب المساعدة و(التعويض) أخرجو لهم السيوف (البيض) وطلبوا منهم الرجوع فى (الحال) حتى لا يتعرضوا لسؤ (المآل) إلا أن أفراد الوفد رفضو الخروج وأخذو يزمجرون (غاضبين) وبوعيد الحراس غير (آبهين) ، ولم تمض غير (دقائق) إذا بموكب الوالى (الرائق) يمر داخلا من أمام باب القصر (كالإعصار) إذ كان عائداً من رحلة (إستثمار) فإنتبه الوالى إلى (الجلبه) والأصوات وقام بسؤال رئيس الحراس :
- من يكون هؤلاء؟
- أنهم يا مولاى مواطنى الحاره 96 جاءوا يشتكون
- ومم ماذا (يشتكون) وهم فى ظل إنجازاتنا (ينعمون)؟ – مواصلا – أحضر لى رئيسهم بعد أن (أروق شويه) يعنى (بعدين) عشان نشوفهم ايه (عاوزين) ؟
وبعد أن أذنت الشمس (بالأفول) أشار رئيس الحرس (للفكى ابكر) (بالدخول) لمقابلة الوالى (بسمتيار) وتقديم شكواه … جلس (الفكى ابكر) فى (الديوان) وهو يجيل بصره فى كافة (الأركان) ينظر ينظر فى (إندهاش) إلى فاخر النجف والسجاد والأثاث فى جو من (الدعاش) ولم تمر دقائق (قليلة) حتى حضر إليه الوالى (بسمتيار) يرتدى حلة (جميله) :
- شنو يا (شباب) عاملين لينا (غلبه) ودوشه فى (الباب) ؟
- والله يا سيدى الوالى (الهمام) لقد كثر علينا البلاء وإشتدت (الاسقام) بعد أن أحالت السيول والأمطار بيوتنا إلى ركام و(حطام) وهسه كلنا قاعدين فى (السهلة) وجعانين لا نملك (بصلة)!!
- (وهو يبتسم) : وماذا تريدوننا أن نفعل لكم وأنتم تشيدون منازلكم بأرخص المواد ولا تستخدمون الأسمنتى و(الطوب) حتى إذا ما جاءت الأمطار وشالت بيوتكم قلتو (الرووووب)
- وكيف لنا يا سيدى الوالى الهمام أن لا نبنى منازلنا بالطين و(البروش) وأنتم تكاوشون على كل (القروش) ؟
- (والإبتسامة لا تفارقه) : كمان جابت ليها إتهام ؟ أنا عارفكم ناس (لئام) أذهبو فلن نعطيكم (تعويض) والما عاجبو يضرب راسو (بالحيط) !!
(ثم وهو ينده على الحرس وهو مبتسم ) : خذو هذا الشخص (العبيط) وأرموهو من فوق (الحيط) !!
عاد الموكب (الحزين) إلى الحارة (سته وتسعين) وهو مغبون حاسر (الرأس) لما أصابهم من (ياس) فصمم (الفكى أبكر) على تلقين الوالى بسمتيار درساً لا (ينساه) جزاءاً لما فعلت (يداه) فهو لم يحسن (إستقبالهم) ولم يسأل عن (ديارهم) وقد قابل مصيبتهم (بالإبتسام) ولم يكتف بذلك بل وصفهم (باللئام) وقال لهم بالحرف الواحد ما بنديكم (تعويض) والما عاجبو يضرب راسو (بالحيط) فأنتم لم تقوموا ببناء بيوت (أسمنتيه) تقاوم الظروف(الجويه) بل قمتم ببناء منازلكم (بالجالوص) وعرشتوها بالشجر و(البوص) . جلس الفكى ابكر فى (خلوته) بعد أن أحضر (فروته) وقام بإطلاق (البخور) وهو حانق على ما اصابه من (جور) وما لبث ان قام بإستحضار (الخدام) الذين حضرو فى نشاط و(همة) يسألونه عما يريده من (مهمة) فأخبرهم ما جرى لهم من قبل الوالى (بسمتيار) وأنه لم يترك لهم أى (خيار) فقال كبير (الخدام) :
ماذا تريد من أن نفعل به؟ أتريدنا أن نحرق له مشاريعو و(شركاتو) وإلا نلحقو ليك (الفاتو)؟
- أجابهم (الفكى ابكر) : لا .. لا أنا لا أريد (أذاهو) لكن أريد ان أعطيهو درساً لا (ينساهو)
- وما هو ذلك الدرس (الخطر) يا فكى (أبكر) ؟
- أريدكم أن تستبدلو تلك (الإبتسامة) بتقطيبه وجه وتكشيرة تصير له (علامة)
- نعاهدك أننا سنجعل لك وجهه عبوس مدى (الحياة) وسوف ننفذ لك طلبك من الألف (للياء)
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.