عاش الطيب صالح حياة صاخبة، روائياً وسياسياً، في السودان وبعض الدول العربية كما في أوروبا ولا سيما في بريطانيا. ومكث طوال هذا العمر المديد مشدوداً إلى السودان الذي لم يفارق مخيلته ولا وجدانه على رغم ترحاله و «منفاه» الطويل الاختياري. وظل على علاقة وطيدة، وبما طرأ عليه من تحوّلات، في السياسة والاجتماع. ومعروف عنه موقفه المعروف من نظام «الإنقاذ» الذي تبوّأ السلطة عبر انقلاب (يونيو) 1989، وراجت عنه مقولته الشهيرة «من أين جاء هؤلاء؟» التي تبنّاها حينذاك مثقفون سودانيون كثر. وعمدت السلطة السودانية إلى منع أعماله من التدريس في جامعة الخرطوم. لكنّ الكاتب المعارض ما لبث أن لبى دعوة النظام للعودة العام 2005 فعاد ليشارك في مهرجان «الخرطوم عاصمة للثقافة العربية» وليكون «نجم» هذا المهرجان. ولكنْ سرعان ما ارتفعت أصوات تعارض زيارته وتنتقد مواقفه من قضية دارفور والحركات المسلحة وسواهما. وقد حلا للبعض أن يقارن بينه وبين المتنبي، شاعره الأثير، في علاقته بالسلطة. وهو كان فعلاً من عشاق المتنبي، يحفظ شعره غيباً ويردده في المجالس، ووضع عنه كتاباً سمّاه «في صحبة المتنبي».