الاخوه /الأخوات
رمضانكم زين
أسف جداً للانقطاع 8 يوم
وعلية مرسل لكم (خواطر ) اومقالات بالجملة تكفيكم الثمانية يوم وزيادة
وبعدين .. يامشرفين عشان ماتقولوا الزول دا ليه تمانية يوم ما رسل وما كتب
انا كنت بكتب لكن (في سري)!!
(الجزء الثاني من :الواقع المأزوم والقادم القاتم)
الواقع المأزوم غرس الماضي !؟ (1)
عثمان عبدالله
مدخل (1 ) :
حيكومات تجي وحيكومات تغور
تحكم بالحجي بالدجل الكجور
يوم بإسم النبي تحكمك القبور
(حميد ... بواسطة/مصطفي سيداحمد )
الحركة الأسلامية وفصيلها الأنقاذي تتحمل القدر الأكبر من المسؤلية في (تشظي) الوطن السوداني،ولكن هذا لاينسف او يعفي (النُخب) السياسية التي تتالت ــ ليس توالت ــ علي حكم البلاد ، وأي حديث عن تحميل (الأسلامويين والعسكر) لكامل المسؤلية ــ كما ذكر أحد قادة الأحزاب في جوبا موخراً ــ هذا الحديث هو محاولة بائسة ،واشبه مايكون بدفن الرؤؤس في الرمال ،ومحاولة للتنصل من الخطأ التاريخي الذي وقع فيه الأسلاف ولازال قادتنا من العروبيين/الأسلامويين (بإختلاف مدارسهم) يسيرون علي هديه وقع الحافر علي الحافر (مع إضافة بعض البهارات) للتمويه . الحركة الإسلامية تفوقت علي سابقيها و(أندادها) (العروبيين) بـــ (قوة العين) و (تخانة الجلد)!!
من المسلمات (المغلوطة) أن الأحزاب السودانية والتي نشأت بعد مؤتمر الخريجين قامت علي هدي وتراث ثورة1924 م وهذا الخطأ التاريخي المتوارث وقع فيه حتي الكتاب والمؤرخين (التقدميين) ، والصواب هو أن الأحزاب (الطائفية) ــ الأمة والأتحادي أو الوطني الأتحادي ــ والتي تضم طائفتي الأنصار والختمية ــ قامت علي إرث (مناهضة ثورة 1924م)، وأسباب مناهضتها لثورة 1924م ، إقتصادية وإجتماعية معروفة ويمكن إيجازها في ان ثوار 1924 م ليسوا من أبناء طبقتهم ، ومصالحهم متناقضة مع أطروحات الثورة حيث ان زعماء الطائفية كانواــ الزعماء الثلاثة ـــ يمثلون (نواة) للراسمالية الزراعية الوليدة وهناك أسباب إجتماعية منداحة من ( الوعي الزائف ) بانهم (خير أمة أخرجت للناس) ومجموعة علي عبداللطيف من الطبقات المنبتة.
ويمكن الأستدلال علي كل ما جاء، عاليه من خلال دراسة الواقع، في وقبل وبعد ثورة 1924 م وهذا بالرجوع لدار الوثائق القومية .والتي مازالت ونتمني أن تظل(بعد التشظي) متاحة للجميع !!!
)بتاريخ 6 مارس 1925Sc /6/1/3) الوثيقة الأولي: بالرقم
بدار الوثائق القومية
من السادة/ علي الميرغني ، عبدالرحمن المهدي ، والشريف الهندي
إلي السيد / مدير المخابرات البريطاني الخرطوم .
وقد استعرضها الأستاذ النقد في كتابة ( علاقات الرق في المجتمع السوداني ) وتمت اضاءات حولها ومقارنتها مع الواقع الاجتماعي / السياسي عقب ثورة 1924م (لا حظ تاريخ المذكرة ، بعد أربعة شهور فقط من ملحمة النهر) –
((راجع كتابي : رحيق وعلقم الأوراق المنسية ))
أهم ملامح هذه المذكرة ( الكارثيه.. ) التي تقف بصراحة ضد سياسة تحريرالارقاء تحرض السلطات البريطانية علي ( العناصر المنبتة) وترجو عدم إصدار ( ورقة حرية ) للأرقاء في إشارة باطنة ( وغير زكية ) حتى لاينخرطوا مع رفاقهم في ( معمعة الثورة )
ونستقطع منها الأتي :-
*الأرقاء الذين اعتقوا لا يصلحون لأي عمل ويعتبرون ورقة الحرية جواز للتحلل من أي مسئولية وخلدوا للخمول والخمر والدعارة ...
واختتمت الذكرة بـ ( نتمنى أن تأخذ الحكومة هذا الأمر بعين الاعتبار وان تصدر اومرها لموظفيها في مواقع السلطة بالا يصدروا أي ورقة حرية ........ الخ )
الوثيقة الثانية هي :-
برقية ( كبار القوم ) وهي برقية ( كارثية ) أيضاً موقعة من قبل اكثر من (40) رجلاً من (زعماء القبائل) والطوائف (المستعربة) الي الحاكم العام البريطاني ضد ثوار سنة1924 وهي من شاكلة برقيات التأييد (الممجوجة) التي تعقب كل (مارش عسكري) .. اضربوا بيد من حديد علي الخونة وأعداء الأمة ......... الخ .
(الوثيقة في كتاب الثورة والسلطة في السودان صفحة36)
الوثيقة الثالثة :-
مقال ( كإرثي ) للسيد حسين شريف عقب هزيمة الثورة جاء فيه : الويل لامه يتصدرها ويتحدث باسمها أمثال علي عبد اللطيف ....... كيف هان علي هذه الأمة ترك مقاليد أمرها لهؤلاء الغوغاء ......... الخ
يمكن قراءة الخارطة الاجتماعية الاقتصادية كالأتي :-
1/ مجموعة الملاك ( البرجوازية الزراعية ) الوليدة التي نشأت تحت رعاية وملوك السلطة البريطانية وقمة هرمها هم زعماء الطوائف الثلاثة.
2/ مجموعة (الأفندية) – الطبقة الوسطي – وهي كما أتضح تيارين
( أولاد القبائل )، والتيار الثاني: هم أبناء الأرقاء أو ( هجين السلالات ) أو أبناء السراري وهذه المجموعة هي التي كونت جمعية اللواء الأبيض
وقادت ونفذت ثورة سنة 1924 ، ومن ذلك الصراع في داخلها بين
( عديمي الأصل ) وأبناء القبائل المدعومين من ( البرجوازية الزراعية ) – أعمامهم وأخوالهم .( وتلك المواجهة التي صعب شرحها ) جاءت ضربتها ثم إجهاضها – أما عدم دعم الجنود المصريين للبطل عبد الفضيل الماظ فهذا سبب جانبي وغير مؤثر بشكل حاسم في هزيمة ثورة سنة 1924 .
بقراءة متأنية لخارطة الواقع – سالفة الذكر – نجد أن هنالك خيطاً قوياً يربط بين هزيمة ثورة سنة 1924 م (28 نوفمبر 1924 ) ومذكرة زعماء الطائفية مارس سنة 1925 ، حيث أن( الجو العام) كان معباءاً ضد أبناء الأرقاء ( هجين سلالات الفخار والفن ) باعتبارهم قادة وطليعة الثورة لذا جاءت المذكرة ( كتبرئه ذمة ) من هؤلاء ( الخارجين عن بيت الطاعة البريطاني ) حتى ( يقطع الانجليز الشك ) بان هؤلاء الزعماء ومن والوهم ضد حركة 1924 ولا تربطهم أي وشائج مع هؤلاء (الغوغاء) !!)
(راجع مقال حسين شريف)
في اعتقادي أن أول ضربة وجهة حركة التحرر الوطني السودانية هي هزيمة ثورة 1924 والتي كانت تحمل في (جيناتها) (كوروزومات ) الحرية والاستقلال والوحدة الوطنية ، من خلال فكر قادتها وطليعتها بانتماءاتهم الطبقية والثقافية وتمردهم علي الواقع الردئي ، وقاعدتها العريضة التي ضمت ( الصنايعية) وفقراء المدينة وأصحاب المهن الحرفية في معظم مدن السودان وقراه الكبيرة.
( راجع كتاب الثورة والسلطة في السودان )
ليس من باب الرجم بالغيب انه لو رجحت كفة ميزان القوي لصالح مجموعة علي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ ، كان من الممكن ان تكون أساسا صلباً لحركة استقلالية وطنية بعيدة النظرة عميقة المحتوي في مجري الثورة السودانية والأفريقية ... ولكن هزيمتها أدي ( لعلو صوت ) تحالف ( أولاد القبائل ) مع البرجوازية الزراعية الوليدة .
علي أرضية وتحت مناخ مناهضة حركة 1924 ولدت وشبت الحركة الاستقلالية بأنديتها وأحزابها ومدارسها وكان منتجوها من أهداف وشعارات بقدر قامتها الثقافية والفكرية ومحدودية مصالحها مع الرأسمالية الأوربية والبرجوازية العربية الأسلامية الناشئة ، وأخذت تراوح ردحاً من الزمان ليس بالقليل – في تاريخ الشعوب – بين مشروع دستور إسلامي غير واضح المعالم وإسلام صحوة ، وإسلام صفوة وحلم طوباوي بإرجاع حكم السلف . وفوق كل ذلك تشبث بانتماء عربي (متهافت ) إضافة لتكريس الالتباس القائم - حتي الأن - في مفاهيم معرفية أساسية فمثلاً لا زالت كلمة قومي / قومية تنسب أو يراد بها مجموعة اجتماعية/عرقية محددة داخل النسيج السوداني الكلي ؟؟ مما جعلنا نقع ثانية في براثن القبلية الكريهة .
وهذا ما جعلنا ( مكانك سر ) لأكثر من نصف قرن بعد الاستقلال فقدنا خلالها حتي البنيات الأساسية للدولة المدنية التي(سلًمها الغزاة لأهالينا)، وبعد ذلك وأخيراً إنفصال جزء عزيز من الوطن !!!
ختاماً أري ان النظر للازمة الوطنية السودانية خارج إطارها التاريخي والثقافي لاتقود لحلول مستدامة ومعالجات جذرية ،أما المعالجات (السياسية) فهي (مسكنات) وقتية وبعدها تظهر(الأعراض) من جديد .
نواصل