أخر أخبار عقار من صحيفة الراي العام
مؤسف جدا ما حدث فى ولاية النيل الأزرق لانه يأتي بعد ان ضحى السودان بجزء عزيز من أراضيه ثمنا لإيقاف الحرب اللعينة، ولأن مالك عقار يعي تماما ما اقترفه فى حق إنسان الولاية وما يكتنف مستقبله السياسي من غموض جراء فعلته هذه, ظل يتصل بالمسؤولين فى الخرطوم معتذرا عن ما حدث، ومعترفا فى نفس اللحظة بأن قواته هي التى بادرت بالهجوم دون ان تتلقى تعليمات منه.
وقد ظللت اقرأ عن وصايا مالك عقار بشأن اسرته المقيمة فى الخرطوم, وهي اسرة سودانية يجب ان تجد حظها من الامن والطمأنينة وان تظل محل عناية ورعاية كاملة اذ ( لاتذر وازرة وزر اخرى)، وطالعت اخبارا عن مهاتفات عقار للمسؤولين ، لكني استيقنت من الامر وصدقته تماما حين قال به الاستاذ على عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية فى جلسة مجلس الوزراء امس الاول ، ولن استطيع القول ان (عذر الرجل اقبح من الذنب)، لقناعتي بعدم وجود اسوأ مما اقترفه الرجل ولكني اشير الى ان ما برر به عقار فعلته (عذر غير مقبول.).
كيف يتحدث قائد بقامة عقار عن تنفيذ قواته لجريمة مثل هذه دون (تعليمات منه)، وكيف يبدر منه قول مثل هذا وهو القائد الذى خبر الحرب مثلما ظل يؤكد مرارا وتكرارا، وماذا تفعل الإنقاذ بوالٍٍ تخرج من سلاحه كل هذه النيران (دون أن يهش او ينش )عقار ليس القائد الذى يفاجئه رجاله بالقرارات كما انه من هيأ فوهات البنادق لشن الحرب حينما كان يتوعد المركز مرارا وتكرارا بتصريحات اقل ما توصف به انها مستفزة، ولكن يبدو ان الرجل ادرك ما ارتكبه من خطأ فى حق نفسه اولا وحركته وانسان ولايته ومستقبله السياسي، لذا فانه يحاول ان يتوسل بالاعتذار الآن حتى ينقذ ما يمكن ادراكه من السلطان الضائع والتفويض الانتخابي المؤود .والمستقبل الذى يتقلب بين الغموض والانتحار.
القضية فى تقديرى لا تكمن فى من اطلق الرصاصة الاولى، لان من فعل ذلك كان معبأ بلغة الحرب ومحكوما بتأثير لغة التهديد والوعيد، الحرب كانت فى خيال الساسة قبل ان تتحول الى واقع مرير على الارض، من اطلق الرصاصة من بين افراد عقار لم يكن مخطئا لان رب البيت كان كثيرا ما يضرب الدفوف ويدق طبول الحرب، لذا فان رقص الجنود على نار الحريق لم يكن امرا مستغربا.كل ما صرح به والى النيل الازرق كان ناطقا بلغة الحرب وقد وقعت الواقعة فى لحظة كان يتوقعها الجميع بفعل الحسابات السياسية الخاطئة التى افضت بالولاية الى هذا المصير المظلم وحكمت على عقار بأن يظل طريدا ومطلوبا بعد ان فقد كل شئ وبات يتلمس الطريق الى هواتف الكبار عبر توسلات تصدق فيها حسرة (اسماعين )فى غناء وردي الجميل (اعتذارك ما بفيدك- ودموعك ما بتعيدك- والعملتو كان بى ايدك -ضيعوك ودروك- انت ما بتعرف صليحك من عدوك)، وحقا هذا هو عقار الذى احتضنه السودان املاً فى ان يكون جسرا للتواصل مع الجنوب فاوسعنا ألما بفعل مستهجن لم نجد له مبررا حتى الآن.