دعــوة للنقــاش الهادئ والبناء
( نشرت هذه المساهمه في احدي اعداد الصحف المصادرة مؤخراً ، وتعميماً للفائدة رأينا نشرها في هذا الموقع لأثراء النقاش )
جبهــة عريضــة علي أي أساس ؟؟
عثمان عبد الله
حيث العقل لا يخاف
والرأس مرفوعة عالية
حيث المعرفة حرة
حيث تخرج الكلمات من أعماق الحقيقة
حيث لايفقد جدول العقل
مجراه في صحراء التقاليد الميتة
في هذه السماء من الحرية
يا أبتي دعّ وطني يصحو
الشاعر والفيلسوف الهندي/طاغور
جبهــة عريضــة علي أي أساس ؟؟
مدخل عريض:
ما من بيتك يا الحبيتك
كل مًنّ ظلمك ولاتربيتك
قدرتك إنت وامكاناتك
شامخ تبني ديموقراطيتك
شاعرالشعب/محجوب شريف
ذكرنا في مقالنا السابق ( الواقع المأزوم والقادم القاتم / رؤيّ مغايرة) ان لا أحد أو جهة تمتلك (حلولاً) جاهزة ، حتي علي المستوي النظري ،هنالك (مبادرات) ــ مقدرة جداً ــ من بعض المهمومين بالهم العام . إلا أن معظمها أطروحات سياسية ــ لم تبلغ أقانيم الثقافي/الأجتماعي ــ ولم تعتمد علي (علم النفس الأجتماعي) في (تشخيص) أزمة المجتمع السوداني وهذا ما جعلها تدور في ذات (الدوامة) القديمة التي تبداء (بنظرة) في (الوضع السياسي الردئ).. فلقاء في (دار الأمة)... ثم (عقد) أواتفاق بين الزعماء ــ صالوني أو صيواني السمات ــ لم يتوفر له (شرط الإشهار) ــ لجماهير وقواعد الأحزاب !!
دراسة الواقع:ــ
دراسة الواقع دراسة إحصائية /إجتماعية/إقتصادية تعتمد علي أساسيات علم النفس الأجتماعي لمعرفة (المود) العام للقطاع أو الفئة المستهدفة ومدي قابليتها ورغبتها(الجمعية) في التغيير ونوعيته ، أي انها دراسة لتحديد العوامل الموضوعية والذاتية أيضاً لحدوث الثورة او التغيير !!
ودراسة الواقع جهد جماعي
من كل حسب مجاله وتخصصه) وهي بذلك تلامس الواقع الراهن للقطاعات الأقتصادية/الإجتماعية ومقارنتها بما مضي ــ حسب الفترة الزمنية المحددة في الدراسة ــ ومن ثم العمل في ومع تلك القطاعات ،للتغيير الذي ترسم خطاه هي ــ أي القطاعات أو الفئات أو الطبقة المحددة !!
اذن دراسة الواقع هي ما نحتاجها بمجرد التفكير في
كيف نبني الجبهه العريضة ؟) ودراسة الواقع هي بمثابة (دراسة جدوي) والتي لا غنً عنها لأي مشروع إقتصادي أو إجتماعي ناجح .
هنا يبرز سؤال مهم وهو : ماهي مهمة القوي السياسية والأحزاب إذن ؟؟
والأجابة هي : ان (الحقول) التي جرت فيها وأنجزت (دراسة الواقع) هي بالضرورة جماهير الأحزاب أو القوي المتحالفة علي إنجاز (برنامج) حد أدني مضّمن في برنامج الحزب المعيّن (الجباه النقابية ، الطلابية والديموقراطيين والمثقفين الثوريين وأضف لهم (الخريجين العاطلين) وهي شريحة إجتماعية يمكن ان تكون أضعاف الشرائح المذكورة يمكن ولابد أن يكون دورها أساسياً وحاسماً في إنجاز أي تغيير في المستقبل !!
وإن كان غير ذلك فعلي الأحزاب ان تحاول (فك أوكسر طوق) عزلتها عن الجماهير ... او البحث عن التغيير خارج نطاق الحراك الجماهيري، وهذا تاسع المستحيلات !!
من الملاحظ أن القوي والأحزاب السياسية ــ بعد الأنقاذ ــ بنت تحالفاتها وبرامجها(الاستراتيجية والتكتيكية) علي خلفية ــ بل تاريخ ــ الواقع السياسي/ الأجتماعي قبل أبريل 1985 م ، ذاك الواقع ــ بأركانه الأربعة : العالمي والأقليمي والمحلي والذاتي (الخاص بالأحزاب) ــ قد حدثت فيه متغيرات (مزلزلة) يمكن أيجازها في :ــ
1/ عالمياً :
* انحسار المد الأشتراكي والديموقراطي بعد انهيار المعسكر الأشتراكي وانفراط عقد دول عدم الإنحياز . هذا إنعكس بشكل مباشر بعد أنقطاع الدعم (المادي والمعنوي) لدول وحركات التحرر الوطني. وانعكاسه الغير مباشر يتجلي في إنهيار (منارة الأشتراكية) والتي كانت (بوصلة) المناضلين من أجل الحرية والديموقراطية والسلام والعدالة الأجتماعية .
* دخول الرأسمالية العالمية في اشرس مراحل تطورها (الأمبريالية) أو كما سموها ــ تهذباً وتمويهاً ــ العولمة . وذلك بسياسة التحرير الأقتصادي والخصخصة والتي أعطت (الدول المتخلفة) جوازًا وعلمتهم (شغلانة) كيف ينهبوا ثروات وممتلكات شعوبهم !!وكيف تتم تصفية القطاع العام وتحويل بنياته الأساسية لملك خاص، تحت سمع وبصر الشعوب وتحت حماية قوانين و(أخلاقيات) العولمة المتوحشة .ولهذا تأثير مباشر أخر علي (المتغيرات) المحلية وهو أنحسار القوي العاملة المنظمة وبالتالي (إنكماش) الدور الفاعل والحاسم للطبقة العاملة ــ بمفهومها التقليدي ــ والنقابات .
( سوف نستعرض ذلك بتفاصيل أدق في محورالمتغيرات المحلية)
* مفارقة غريبة لابد من الأشارة اليها وهي أن (الأنقاذ) بدأت من نهاية عهد الشموليات وحكم الحزب الواحد في العالم ،مما شكل رأي عام (محلي) بان عمرها في الحكم لن يطول ، وهذا الراي العام أو (الوهم العام) زادها (تمكناً) !! بإعتبار أن قطاعات مؤثرة في المقاومة أو المعارضة (إسترخت) علي ضوء هذة الفرضية ، التي أثبتت الأيام خطاءها ، ولم تتذكر في غفلتها ان (عمر الشقي بقي) وان (دم الأنقاذ الاسلاموي/الطفيلي قرادي الفصيلة) وليس بولندياً ولا شرق/أوربي!!
2/ إقليمياً :ــ
* تمدد المد اليميني المتطرف (ربيب) الأمبريالية العالمية والذي استأسد نتاج الرعاية والدعم الذي كانت تمده به المؤسسات الرأسمالية والدوائر العربسلامية ،(لمكافحة) الشيوعية وضرب حركات التحرر الوطني في العالم الثالث . والعربي/الأفريقي بشكل خاص .
*إنحسار المد الإشتراكي والوطني/الديموقراطي في المحيط العربي، بعد إنهيار (تجربة) اليمن الجنوبي والذي كان يمثل ملاذاً وعضداً للقوي الوطنية الديموقراطية خاصة بعد تراجع الإشتراكية الناصرية في مصر.
*انهيار وتداعي (الأشتراكيات) الأقليمية في المحيط الأفريقي ــ الكنغو الديموقراطية وأثيوبيا ــ بإعتبارها نماذج قريبة ــ جغرافياً ــ للمجتمع السوداني.
محلياً :ــ
* لايمكن فصل العالمي والأقليمي عن المحلي او الوطني ولهذا سوف نبداء بما تم الأشارة اليه في محورالمتغيرات العالمية (العولمة !!وماأدراك ماالعولمة!؟
كسرة لابد منها :ـــ
بداية عهد الأنقاذ و بعد (فيض) الجامعات التي قامت(بروس)، وفي مناسبة عائلية كان لي صديق عامل ــ لايحب الزحمة ــ في مجلسه الخاص فداهتمه مجموعة من أقاربه الطلاب الجامعيين وأصحابهم القادمين للمناسبة وعندما أكملوا مصافحتهم له قال لهم مباشرة:ــ
شوفوا ياجماعة والله أنا جني وجن العولمة والخصخصة وثورة التعليم العالي !!!
انتهت الكسرة
علي الرغم من أنني مثل صديقي ،(جنّي وجن العولمة)لأن الحديث عن و حولها كزفير الهواء الحامض ، ولكن لابد مما ليس منه بد !!
* طبيعة النظام الطفيلي/ الأسلاموي وبما راكم من تجارب (انتهازية) جني من (ثمار) العولمة أكثر من (منظًريها) وحقق (ربحاً حلالاً) في تثبت نظامه الذي كان أيلاً للسقوط وذلك في ثلاثة محاور :ــ
1/ خصخصة مشاريع القطاع العام والمؤسسات الأنتاجية وتحويل ملكيتها لأفراد او شركات تابعة للنظام ،هذا وّفرللنظام ، فائضاً مالياَ لتسييروإكمال (برنامج الهيمنة) !!
2/ تجفيف (منابت) و(منابع) الأنتفاضات بإحالة ألاف العاملين للصالح العام أو بإغلاق المصانع بعد الخصخصة اوبإلغاء الوظيفة ،هذا أدي الي الغاء الدور الرائد والحاسم للنقابات في عملية التغيير ، وهذة النقطة تحتاج لدراسة متأنية لما لها من آثار سالبة علي العاملين المحالين للصالح العام وأسرهم من تفشي روح الأحباط والبحث عن الحلول الفردية .وأيضاً لما له من أهمية قصوي ودور حاسم في مسار حركة التغيير المنشودة !! بإعتبار أن كل أوغالبية المفصولين هم قادة النقابات وطليعة القوي الحديثة التي أنجزت او كان لها دور حاسم في إنتفاضة مارس/أبريل1985 م وبذلك تكون الحركة الأسلامية قد (سدّت) اوسع باب ياتيها منه الريح و(إستراحت) !!!
3/ تغيير نمط الدولة من دولة (رعاية) ، ترعي القطاع العام وتحافظ عليه بإعتباره حق لمواطنيها و يتمتع (رعاياها) بمجانية العلاج والتعليم ودعم السلع الضرورية ، الي دولة للـ (جباية) ــ علي اكثر الأوصاف تهذباً ــ إن لم نقل دولة الأستباحة او الأستهبال !!
نواصل