عرض وتقديم لاخطر كتاب ( اعترافات رجل مافيا اقتصادي )0
2 مشترك
كاتب الموضوع
رسالة
حسن وراق حسن
موضوع: عرض وتقديم لاخطر كتاب ( اعترافات رجل مافيا اقتصادي )0 الإثنين 10 أكتوبر 2011 - 8:35
عرض وتقديم وتحليل
كتاب
اعترافات رجل مافيا اقتصادي
شوقي إبراهيم عثمان
ميونيخ – ألمانيا shawgio@gmx.net
Confessions of an Economic Hit Man (EHM)
By John Perkins
عنوان الكتاب بالعربية، "اعترافات رجل مافيا اقتصادي"، وفي اللغة الإنجليزية الأمريكية Hit Man تعنى رجل العصابات أو المافيا الذي توكل إليه عملية الاغتيالات والتصفية الجسدية. ولكن الجديد، أن تعطى هذه الصفة لرجل هو خريج كلية الاقتصاد، فكيف، ومن أين أتى هذا التعبير الذي يختصر للشخص المفرد ب EHM وللمجموعة منهم ب EHMs؟ هو لقب حقيقي، وليس من اختراع المؤلف، تعطيه وكالة الأمن القومي الأمريكية للمجندين الاقتصاديين التي تسمى "وكالة الأمن القومي" (NSA). هذه المقالة ستشرح أهم النقاط في الكتاب.
مؤلف الكتاب تم تجنيده كرجل مافيا اقتصادي EHM (Economic Hit Man) من قبل "وكالة الأمن القومي" في عام 1969م، وقد تكونت وأمثاله في ذلك الوقت شريحة معينة صغيرة، ولكن بعد ربع قرن يجزم مؤلف الكتاب أن ال EHMs أصبحوا بالآلاف ويعملون في الظل - بينما جيله، لصغر العدد حينذاك نال شهرة ومناصب عليا بالقفذ بالعمود..!! ويعتبر المؤلف أننا نعيش في عصر اقتصادي جديد، تجاوز الحقبة الكينيزية (ج. ماينارد كينيز)، لأن مفهوم رجل المافيا الإقتصاديConcept EHM قد طغى وتمدد وأصبح يشمل أخلاقيات المدراء التنفيذيين للشركات الغربية في جميع قطاع الأعمال، حتى ولو كانوا لا يعملون لصالح "وكالة الأمن القومي" الأمريكي، لكنهم يمارسون نفس النشاط.
لقد صدرت طبعة هذه الكتاب في أغسطس 2004م، ويعتبر كتابا جديدا بكل المقاييس. والمؤلف ليس صحفيا، مثل حال بقية إصدارات الكتب الأخرى القنبلة، التي يؤلفها في الغالب صحفيون. المؤلف نفسه كان مجندا اقتصاديا، وكان في داخل "المؤسسة" Corporatocracy، وبالتعبير الأمريكي insider. ولكنه فضل أن "يعترف" نادما على كل ما فعله في الماضي، معرضا نفسه للموت، إي الاغتيال المفاجئ، لأنهم أخبروه عند تجنيده في 1969م بشكل مبطن "إذا دخلت في المؤسسة لن تستطيع الخروج".
هذا الكتاب لأهميته، طلبته فورا من الولايات المتحدة وثمنه 25 دولارا، استلمته بعد أسبوعين، ولقد قرأته في يوم واحد بشغف. وقبل الاسترسال في شرح فضائل هذا الكتاب، والمعلومات الخطيرة التي تضمنها، أود الوقوف قليلا عند نقطة ما. السودان اليوم، بعد اتفاقية السلام في عملية محمومة طلبا للتنمية، وهنالك الكثير من الدعوات السودانية ترحب "بالأموال الأجنبية"، أو بصناديق التنمية التابعة للأمم المتحدة أو غيرها. لهذه الأسباب مجتمعة استشعرت أهمية هذا الكتاب، وبالطبع لأسباب ذاتية، فمثلي لا يفوت قراءة مثل هكذا كتاب. وهنا سرح خاطري قليلا وسألت نفسي ماذا يعني "الأمن القومي السوداني". هل يعني جهاز ما يحمل هذا الاسم؟ أعتقد لا، ففي تقديري تحصن "العقل الجمعي" للشعب السوداني يتفوق على أية جهاز. فمثلا تحسرت أن يقرأ هذا الكتاب بضعة عشرات من المتخصصين أو المهتمين من مفكرين أو صحفيين أو أكاديميين فقط، وليس مجموع الشعب السوداني. عند هذه النقطة يتحول ذهني لمؤسسة التربية والتعليم. وبصراحة، هي مؤسسة تقليدية وبالية ومهترئة بشكل لا يقبل الجدل. فالسيد أحمد نهار مشغول بتقلبات حزبه السياسية وغيرها..هذا إذا لم نطعن في كفاءته. بعض من المستشارين في التعليم لرئيس الجمهورية مثل دكتور الحبر، أو شيخ السلفيين أبو زيد..يمكن الاستنتاج ما هي اهتماماتهم في الدرجة الأولى. وبما أن الوزارة أو الاستشارة الرئاسية هي "سياسية" أو لإرضاء مجموعة "سياسية"، يجب أن نبعد التعليم من هذه الصفة، أعتقد يجب أن تكون هنالك مفوضية خاصة ودائمة ومستقلة هي التي تخطط للتعليم. فخذ مثلا الولايات المتحدة الأمريكية، قد قررت تدريس أحد الكتب في مدارسها الثانوية والذي يسمى "المؤامرة اليابانية" the Japanese conspiracy لمؤلفه Marvin J. Wolf فما الذي يمنعنا أن نترجم هذا الكتاب، موضوع هذه المقالة، وأن يقرر على طلبة الثانويات؟ وخاصة طلبة الإقتصاد في جامعاتنا؟ حتى كتاب "المؤامرة اليابانية" يستحق الترجمة والتدريس على الأقل للكليات التطبيقية مثل الهندسة والاقتصاد..الخ.
بالرجوع للكتاب موضوع المقالة، أوصى بشدة أن يقرأ هذا الكتاب كل شخص يتمتع بسلطة صنع القرار، من رئاسة الجمهورية وحتى وكلاء الوزارات ولكن بشكل خاص وزارة المالية، وبنك السودان، واللجان المتعلقة بالقروض الأجنبية ومشاريع التنمية. وأن يدرس في كليات الإقتصاد. فهذا الكتاب ضربة ساحقة للاقتصاديين التقليديين ويثير السؤال: هل يوجد علم اقتصاد؟
يقول المؤلف - وهو خريج كلية الإقتصاد إدارة أعمال- أن "وكالة الأمن القومي NSA" هي "بؤرة" تجسسية تتفوق على وكالة المخابرات المركزية CIA ولقد لعبت الصدف في تجنيده. زميلته في الدراسة التي تزوج منها، كان لها عم يعمل في "وكالة الأمن القومي" وكان التجنيد الإجباري العسكري على أشده لحرب فيتنام، وهنا ساعده ذلك العم بقوله لو عملت موظفا لدينا يسقط عنك فرض التجنيد، بالطبع موظفا وليس عميلا. وفعلا عملوا له اختبارات عديدة وقبل، وللغرابة بعكس ما توقع، اعتمادا على نقط ضعفه الشخصية. بعدها أخطره هذا العم، أن درجه في سلك الوظيفة لن يكون في الوكالة الحكومية، بل في الشركات corporations ومرتبه سيكون من الشركات مثل هاليبيرتون (تشيني)، بيشتل (شولتز – وزير خارجية ريجان)، المتحدة للفواكه (بوش). عموما، كان له هوى مع منظمات السلام ضد الحرب وتردد..فسأل العم، ولكن العم شجعه لإكتساب عضويتها، وفعلا ذهب مع زوجته لزيارة غابات الأمازون تعاضدا مع الهنود الذين تضرروا من الشركات الأمريكية. وهو هنالك، في الإكوادور، أتى شخص أمريكي بطائرة صغيرة ونزل في السهل الذي كان ينزل فيه جون بيركينز (المؤلف)، وعرف نفسه بأنه من أحد مديري شركةMain (الاسم الحقيقي مذكور في الكتاب ولكن لا يهم ذكره) وشكى له أن كل اقتصاديي شركته فشلوا في وضع دراسات اقتصادية للإكوادور. وطلب منه مساعدته بوضع تصوراته كيف يمكن تنمية الإكوادور والعقبات السياسية التي تعترض التنمية، وعندما وافق بيركينز، غمز الشخص الزائر له في آخر لحظة عند توديعه بأنه أيضا يعمل "لوكالة الأمن القومي"!!
وفعلا كتب له 15 رسالة مطولة وأرسلها له بالبريد ..وعندما رجع لبوسطون استدعاه ذلك الشخص المدير وقال له أن ال 15 رسالة قد أعجبته وأنه سيفصل ثلاثة اقتصاديين من الشركة من أجله وسيعينه محلهم. وفعلا تم تعينه..تماما كما أخبره عم زوجته. وهنا في إحدى الجلسات أخبره هذا المدير أنه مع وفد للشركة سيسافرون للكويت، وعليه قبل السفر أن يذهب لمكتبة عامة (قريبة من الشركة) في بوسطون ويقرأ كل شيء عن الكويت. وفعلا أخذ يتردد على هذه المكتبة..ويقرأ كل شيء عن الكويت. وفي إحدى مرات جلوسه في المكتبة جلست قباله امرأة جميلة وساحرة.. أسمها كلودين ودفعت نحوه دراسة عن الكويت وبه كرت بأنها مستشارة لشركة Main وعزمته في شقتها، وصارت مقابلاتهم على مدى شهر في هذه الشقة..وهنا أخذت تدرسه حتى أوصلته إلى نقطة يصبح فيها Economic Hit Man (EHM) وحذرته لو دخل في هذا القطاع لن يخرج منه، وهو تحذير مبطن بالقتل. وحذرته ألا يخبر حتى زوجته! حضنته هذه المرأة وجاوبت على كل أسئلته ولم تتركه حتى تأكدت أنه أصبح واحدا منهم..وعملت له حفلة صغيرة في الشقة..واختفت..!! وإلى هذا اليوم لم يقابلها أبدا. سأل عنها في شركته قسم الموظفين قالوا لا توجد مستشارة بهذا الاسم..!! رجع لنفس الشقة وجدها مسكونة بناس آخرين لا يعرفون هذه الكلودين...حتى نمرة التلفون ماتت..!! ففهم بيركينز أنها مرسلة من قبل "وكالة الأمن القومي".
لكي تصبح EHM وعندما توافق أن تكون واحدا منهم – بعد أن يختارونك طبعا- وفهمت بدقة ما هو المطلوب منك، انتهت القضية. أولا: كونك EHM فهو سر في بطنك!! ثانيا: بعد تجنيدك لا توجد اجتماعات مع أية شخص..!! ثالثا: أنت لا تعرف من من الآخرين هو أيضا EHM!! ورابعا: عليك أن تنفذ المطلوب منك وهو ليس شيئا كثيرا. خامسا: أنك تعمل للحكومة الأمريكية ولكن ليس بشكل مباشر.
عند هذا النقطة سنشرح ماذا علمته كلودين، ولكن قبل ذلك، يمكن القول أن كلودين أو "وكالة الأمن القومي" زرعت EHM جديد في شركة Main الأمريكية – هذا هو أسمها الحقيقي ومتخصصة في صناعة توليد الكهرباء الحرارية ومن الخزانات – باختصار كهربة المدن (وتنافسها شركة بيشتل Bechtel). وبالطبع، يوجد بعض ال EHMs في هذه الشركة ولكن ممنوع أن يكشفوا بعضهم البعض، بالسوداني – "كل زول عارف بيعمل شنو وكل زول سره في بطنه"!! يقول المؤلف جون بيركينز أن الشركات الأمريكية الضخمة هي زبائن دائمين "للبنك الدولي" و"وكالة التنمية الأمريكية". وأن كل الجرائم التي أحدثتها هذه الشركات الأمريكية هي بمعونة هؤلاء الرجال EHMs وبأموال هاتين المؤسستين على الخصوص..وغيرها من مؤسسات الإقراض الدولي، وبالطبع، بأموال مؤسسات الأمم المتحدة الأخرى مثل "صندوق النقد الدولي"، والبرامج الإغاثية مثل برنامج "الزيت مقابل الغذاء" العراقي..الخ. وعليك أن تتخيل أن مؤسسات الأمم المتحدة مليئة برجال ال EHMs.
عند هذه النقطة أنت مؤهل لكي تفهم ماذا علمت (من التعليم) السيدة كلودين السيد جون بيركينز مؤلف الكتاب. وظيفة جون بيركينز ك EHM وأمثاله من EHMs هي إقناع –في الحقيقة إغواء- الدول (التي في نظر أمريكا مهمة إستراتيجيا: خاصة الدول البترولية) لقبول قروض ضخمة تنموية لبناء بنياتها التحتية، مع التأكد أن العقود الدسمة سوف تتحصل عليها الشركات الأمريكية، وتسريج هذه الدول (من سرج الحمار) بديون ضخمة لا تستطيع تسديدها، فتصبح هذه الدول تحت سيطرة حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، أو البنك الدولي، أو المؤسسات التمويلية في مجال التنمية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة والتي هي ليست سوى حيتان شرسة – وعند العجز بالوفاء بهذه الديون تملي شروط الدفع أو إعادة الدفع وجدولة الديون بطرق مجحفة لدفع تلك الحكومات الأجنبية للخضوع التام.
فمن وظائف ال EHM خداع الدول وتوريطها لحلب تريليونات من الدولارات لصالح حكومة الولايات المتحدة وشركاتها بعمل التقارير والتحاليل المالية الكاذبة (يصعب كشفها حتى على المحترفين) والتنبؤات الإقتصادية economical forecasts المضخمة الوعود بالثمار الإقتصادية التي قد تجلبها في مجال التنمية (لتقع في مصيدة الديون)، وتزوير الانتخابات (كما يحدث في أمريكا اللاتينية)، والرشاوى، والتصفية، وتضخيم الفواتير، والجنس، والقتل (لا يتم القتل عن طريق ال EHM؛ بل عندما يفشل هؤلاء ال EHMs بالإيقاع برئيس دولة تتحرك عناصر ال CIA سريا إما لتصفيته مثل عمر توريجوس رئيس بنما المحبوب بوضع قنبلة في طائرته؛ أو عمل انقلاب مثل شيلي والليندي..الخ، أو قد يفشلون كفشلهم مع صدام حسين لقوة الحراسة حوله، وفي هذه الحالة تتحرك الجيوش الأمريكية طبقا لكلام المؤلف).
ولنقف قليلا هنا، ولقد تستغرب لماذا كل هذا؟ يقول المؤلف، أن هنالك ثلاثة أعمدة متداخلة مع بعضها البعض، وهي ترويكا مكونة: من الشركات، والبنوك، والمؤسسات الحكومية؛ يسميها المؤلف مجتمعة المؤسسة Corporatocracy. في غالب الحال أن رجال الشركات هم أنفسهم رجال الحكومة. وبما أن البنوك الخاصة هي في الغالب يهودية، يصحح لنا هذا الكتاب فكرتنا (أو فكرتي) المائلة بأن "كل" الشر هو يهودي صهيوني، ولكن هذا الكتاب يعدل ميلان الصورة ويثبت بأنه أيضا بنفس القدر مسيحي صليبي. فكثيرا ما ضرب المؤلف مثالا بروبرت ماكنيمارا، الذي كان مديرا لشركة فورد للسيارات، فأصبح وزير الدفاع في حكومة كينيدي وجونسون، وبعدها رئيسا للبنك الدولي. هذه العلاقة المثلثية أو الترويكا (بنوك، حكومة، شركات) تتولد منها شبكة أخطبوطية غير مرئية تسمى ال Corporatocracy وهي مؤسسة ليس لها شخصية قانونية أو اعتبارية، وهي التي تتحكم في كل شيء، وهي نواة الإمبراطورية الأمريكية. تعبير Corporatocracy هو من اختراع المؤلف وهو تعبير مهم، ورجال ال EHMs يخدمون هذا الأخطبوط.
فما هو الهدف؟ يقول المؤلف، الهدف هو بناء "الإمبراطورية الأمريكية" المعاصرة. وكما يقول: لبناء هذه الإمبراطورية المعاصرة تخجل من أفعالنا نحن ال EHMs الإمبراطورية الرومانية القديمة، ويستحي العنصريون الأسبان الأوائل المتوحشون، واستعمار القرنين الثامن والتاسع عشرة القديم. فنحن ال EHMs قد تعلمنا من التاريخ. فاليوم لا نحمل سيوف، ولا نلبس الزرد، ففي دول مثل نيجيريا والإكوادور وإندونيسيا نلبس مثل معلمي المدارس المحليين، وفي باريس وواشنطون نلبس ثياب راقية وقورة فنظهر بمظهر التكنوقراط الحكوميين ورجال البنوك. نبدو متواضعين واعتياديين!!
الهدف هو بناء "إمبراطورية" أمريكية بالسعي لاستقطاب كل خيرات العالم وصبها نحو الولايات المتحدة، فقط لصالح ال Corporatocracy التي تملكها قلة قليلة جشعة، هكذا يقول المؤلف، فوظيفتنا ك EHMs هي من أجل بناء إمبراطورية أمريكية دولية؛ فنحن نخبة من الرجال والنساء نستغل الموارد المالية للمنظمات الدولية بصنع الشروط التي تخضع بقية شعوب العالم للمؤسسة Corporatocracy وهذه بدورها تدير شركاتنا الضخمة، وحكومتنا، وبنوكنا. مثل المافيا، رجال ال EHMs "يتطوعون" بعمل صنائع للغير. هذه الصنيعة أو الجميل يأخذ شكل القروض لمشروعات التنمية وبناء البني التحتية – محطات توليد الكهرباء، الطرق السريعة، الموانئ، المطارات، أو المناطق الصناعية. "شرط" الحصول على هذه القروض أن تقوم الشركات الهندسية وشركات البناء الأمريكية بعمل هذه المشروعات. وفي كل الأحوال، لا تغادر أبدا أموال القروض الولايات المتحدة بحال من الأحوال؛ يتم تحويلها فقط من مكاتب البنوك في واشنطون إلى المكاتب الهندسية للشركات في نيويورك وهوستون وسان فرانسيسكو.
اللعبة الدولية هي أن يغرق "المانحون"...مثل البنك الدولي ووكالة التنمية الأمريكية..الخ حكومات العالم – خاصة حومات الدول النامية، بقروض ضخمة جدا للتنمية – خاصة قروض التنمية التحتية- ونكرر قروض ضخمة. سيفرح بها المخدوعون من عوام الاقتصاديين المسكونين بهوس فلسفة "التمويل". لن يدركوا أن هذه القروض لضخامتها أصلا غير ممكنة السداد!! "المانحون" سيعملون دراسات مالية مزورة، ومضخمة، ووردية في مردود ثمارها التنموية..باستخدام البلاغة اللفظية الإقتصادية!! يعد هذه الدراسات محترفون "رجال مافيا اقتصاديون" يستخدمون مقاييس اقتصادية من تصميمهم بواسطة ال econometrics يصعب على أي اقتصادي تقليدي كشف زيفها. ودعك من كون أموال هذه القروض لن تسلم "كاشا" ولن تبرح لندن أو بروكسيل أو باريس أو واشنطون. وعندما يعجز الحكومة الضحية (الحكومة الاتحادية أو حكومة الجنوب مثلا) تسديد أقساط القروض وخدمة الفوائد لأية أسباب، مثل انخفاض أسعار البترول أو فشل الإدارات المحلية..الخ، تبدأ القوى المانحة للقروض في وضع الشروط "للسيطرة" على السودان (مثلا) ونهب موارده. وسيشترط المانحون للقروض من ضربة البداية أن الشركات الأوروبية أو الأمريكية – على حسب الدولة المانحة- هي التي تقوم بالتنفيذ، وهي التي تعمل دراسات الجدوى مسبقا..الخ، هذه هي طبيعة المؤامرة القادمة التي سيقوم بها رجال ال EHM في السودان (على ضؤ قراءتي لكتاب بيركينز..الخ. ولقد أفردنا لهذا الكتاب مقالة خاصة، نرجو قراءتها.
بالرغم من حقيقة الأمر أن هذه الأموال المقترضة من الدول المانحة (الولايات المتحدة) يتم رجوعها فورا للبنوك أو المنظمات المقرضة التي هي عضوة في المؤسسة Corporatocracy (المانحة للقروض)، ومع ذلك، يجب على الدولة المستدينة دفع هذه الأموال كاملا، الدين الأصلي وفوائده. وإذا كان رجل ال EHM ناجحا في مهمته، يكون حجم القرض أو القروض ضخمة جدا، هنا تعجز الدولة المستدينة دفع أقساط القرض فتضطر لعمل تسوية، إذا حدث هذا، نتصرف (المؤلف) نحن ال (EHMs) مثل المافيا ونطالب برطل من اللحم..!! ودائما ما يصحب هذه المطالبة واحدة من آليات السيطرة: السيطرة على التصويت في الأمم المتحدة، أو الحصول على موارد طبيعية غير عادية مثل حقول الزيت أو قناة بنما، وبالطبع، ما تزال تلك الدولة الضحية مدينة لنا بتلك النقود، وكما يقول المؤلف – دولة أخرى تضاف إلى إمبراطوريتنا.
وتعليقا على كلام المؤلف، نقول التالي: بالرغم من شكوى العالم الثالث المرة من روشتات البنك الدولي المدمرة، أو من شروط الصناديق المانحة للقروض، وبالرغم من أن هذه الشكوى قد خلقت حولها أدبيات اقتصادية عامة متذمرة وتدينها في كل الأحوال، إلا أن هذا الكتاب له طابع آخر، ومذاق آخر. المؤلف يصف بدقة أحداثا حقيقية كيف هو شخصيا صنعها وأوقع بدول عديدة، منها الإكوادور، وإندونيسيا (أول ضحاياه)، نيجيريا، جواتيمالا، المملكة العربية السعودية، إيران (أيام الشاه)، كولومبيا، فنزويلا، ولكنه فشل في بنما (رئاسة عمر توريجوس)، وفشل في عراق صدام. حتى أنه تلقى رشوة، ووفر – كالقوادين- لأحد الأمراء السعوديين الكبار نساء شقراوات، على حسب طلب الأخير.
الكتاب يتكون من 35 فصلا رئيسيا وبه عدد لا بأس من المراجع، وبشكل عام يعكس المؤلف رؤية صافية لطريقة تفكير الإدارات الأمريكية المتعاقبة، من موقع الشخص الذي يعرف المؤسسة الأمريكية من الداخل، وليس كما يشوشه الإعلام الأمريكي الذي هو نفسه يخدم المؤسسة Corporatocracy. وفي تقديرنا أهم فصل هو فصل المملكة العربية السعودية التي جرت أحداثه في 1974م. بينما يعتبر فصل إندونيسيا 1971م أول عملية يعملها المؤلف في بداية عمله ك EHM. ونرى كيف أن الإكوادور تم تمزيقها، أو لماذا أنقذ العراق فنزويلا، ولماذا غزا بوش بنما ..الخ.
سنأخذ هنا المثال الإكوادوري: بسبب شرك نصبه ال (EHMs) لحكومة الإكوادور غرقت هذه الدولة لشوشتها في الديون الخارجية، ولكي تسدد هذه الديون المرهقة كان عليها أن تضحي بمبلغ ضخم يستقطع من دخلها القومي لخدمة هذه الديون، وكان من المفترض أن تذهب هذه الأموال في صالح التعليم أو الصحة للملايين من السكان، خاصة أن الإكوادوريين مصنفين على أنهم خطر على وشك الانفجار. الطريقة الوحيدة التي تمكن الإكوادور التخلص من ديونها هي بيع غاباتها المطرية لشركات البترول. نعم، أهم الأسباب الحقيقية التي دفعت رجال ال (EHMs) لكي يضعوا أعينهم على الإكوادور هي معرفتهم السابقة أن غابات الأمازون ترقد أسفلها بحيرة من الزيت تنافس في حجمها بترول الشرق الأوسط. الإمبراطورية الأمريكية تطلب رطل اللحم في صورة امتيازات بترولية!! وفعلا..نحرت غابات الأمازون. لقد أفرد الكتاب لهذا البلد أكثر من فصل...وبإسهاب شديد، ولقد تعاطف المؤلف مع هذا البلد الذي مزقه.
المثال التالي وهو مثال إندونيسيا يشرح كيف يعمل رجال ال (EHMs) ويعتبر هذا المثال مثال حقيقي وهو أول تجربة مارسها المؤلف في مهنته الجديدة 1971م. أولا ساعدت ال CIA الجنرال سوهارتو بالإطاحة بالرئيس الشعبي سوكارنو، صديق عبد ناصر، وباندونج ومؤتمرها..هما من الأشياء التي تغنى بهما الشعب السوداني!! وهنا تحرك وفد رجال الشركة الأمريكية Main ومن ضمنهم رجل ال (EHM) مؤلف الكتاب جون بيركينز وزاروا إندونيسيا. المطلوب هنا مشروع لكهربة المدن الإندونيسية. ولكي يحددوا حجم المشروع، كم هو المطلوب من ميجاوات، وكم هو معدلات الزيادة السنوية على الطاقة، وما أثر كهربة المدن على التنمية الكلية على الشعب الإندونيسي..الخ. وبما أن "البنك الدولي" عضو في المؤسسة Corporatocracy يمكن الاستنتاج بسهولة أن البنك الدولي يفتح خزائنه لسوهارتو وليس لسوكارنو، ويوافق له على قرض ضخم يدخل في تعمير البنية التحتية، وهذا الوفد الأمريكي الزائر هو الذي سيحدد حجم المشروع وسيقوم بالتحليلات المالية والفنية بعدها سيعرض الدراسات على البنك الدولي ومن ضمنها أو على ضؤها يقرر حجم القرض. وبما أن هدف المؤسسة Corporatocracy هو تركيع الدول بالديون، ومن ثم سرقة أكبر قدر من المال، يعمد الإقتصادي رجل ال (EHM) في وفد الشركة الزائر (مهندسين) إلى "تضخيم" كل شيء بصورة علمية وبرطانة اقتصادية لا يستوعبها حتى المحترفون. يعتمد بشكل أساسي على فرع علم الإقتصاد الذي يسمى econometrics لتحديد حجم المشروع مع نتائجه المستقبليةeconomic forecasts وتحليلاته المالية..تنتهي نتائج الزيارة برسم لوحة مزيفة "لثورة" صناعية قادمة..الخ، فمثلا في مشروع كهربة إندونيسيا معدل الزيادة السنوية في الطلب على الكهرباء "عادة" قد لا يزيد على نسبة 6 إلى 7% سنويا..الخ، صاحبنا "المؤلف" وصلها عن عمد إلى 19%..الخ، ولكي يبرر هذه الزيادة عليه أن ينشط "خياله"..العلمي!! وعليه أن يضخم من أتعاب الشركة التي ستنفذ المشروع. وفعلا بعد رجوعهم لواشنطون جلسوا مع وفد البنك الدولي الفني وكانت "عصرة"..في المناقشات..ولكنهم في النهاية وافقوا..على القرض "الضخم" جدا. فهل يوجد في وفد البنك الدولي من هو (EHM)؟؟ من المؤكد يوجد. وهكذا تخبط الشركة الأمريكية خبطتها، وتحقق حكومة الولايات المتحدة استراتيجيتها بتركيع الدول بالديون..!!
وعلى حسب قول المؤلف، يؤكد، أنه قد لا يستفيد من هذه الكهرباء سوى القليل من بعض الصناعيين، ولكن ليس مجموع الشعب الإندونيسي، قياسا على حجم القرض وخدمة ديونه الفلكية، وكذلك سيستفيد بعض رجال الدولة – رجال سوهارتو ببعض العمولات..!! وعلى صفقة إندونيسيا رقى المؤلف في شركة Main إلى وظيفة "رئيس الاقتصاديين" Chief Economist يعمل تحت أمرته 50 اقتصاديا محترفا. في تقديري الشخصي، نفس هذه اللعبة لعبها البنك الدولي مع نظام جعفر النميري، وأوقعوا السودان في ديون بلغت 16 مليار دولار، كلها أو معظمها في البنية التحتية أو الصناعية.
مثال فنزويلا شيق جيد، ويستحق تاريخ دولة فنزويلا الدراسة من جامعاتنا، يجب أن نعرف أن فنزويلا رابع أكبر دولة منتجة للبترول، وثالث أكبر دولة مصدرة للولايات المتحدة. بدخول هوجو شافيز في سدة حكم فنزويلا 1998م، بانتخابات ديموقراطية حرة ونزيهة وقرارته المنحازة لصالح الشعب الفنزيلي، وتحول فنزويلا بفضل حجم بترولها أحد اللاعبين في السياسة الدولية، كل هذا مجتمعة أغضب إدارة بوش-ريجان. ولقد فشلت مع شافيز كل محاولات ال (EHMs) لضم فنزويلا تحت جناح الإمبراطورية الأمريكية. ومع ذلك لعب رجال (EHMs) مع فنزويلا لعبة أخرى طويلة النفس، فمع قفزة أسعار البترول في 1973م أغرقت البنوك الدولية فنزويلا بالقروض التي تدخل في البنية التحتية والمشاريع الصناعية، وناطحات سحاب تعتبر الأعلى في القارة. وفي الثمانينيات دخلت الشركات الأمريكية فنزويلا والتي تعمل بأسلوب ال (EHMs) وأغرقت الطبقة المتوسطة بالسلع "الاستهلاكية" البراقة. وبعدها انهارت أسعار الزيت، ولم تستطع فنزويلا دفع أقساط الديون، وفي 1981م أطبق عليها صندوق النقد الدولي وفرض عليها شروط قاسية، وضغط فنزويلا حتى تدعم المؤسسة Corporatocracy "إياها" بعدة طرق مختلفة. لقد حطمت المؤامرة الأمريكية بنجاح الاعتقاد الوهمي بأن للبترول قدرة داعمة للاقتصاد بشكل لا محدود، علما أن دخل فنزويلا السنوي من البترول هو 50 بليون دولار. زاد الفقر، وزادت النقمة الشعبية التي ذاقت حلاوة السلع "الاستهلاكية"، وأنقسم الشعب الفنزويلي ما بين مؤيد و"ناقم" على هوجو شافيز، رغم أن شافيز يعالج مشاكل الديون التي نفذتها حكومات سابقة له.
مع بداية 2000م هوجو شافيز يرد علي الولايات المتحدة بعنف، ويتهمها بالإمبريالية - حتى أنه أقترح على الأوبك عمل نظام مقايضة الزيت بالمواد السلعية –خاصة مع الدول النامية- بدلا من استخدام الدولار. لذا، كان بوش الصغير يحلم بغزو ثلاثة دول معا، فنزويلا والعراق وأفغانستان لتأمين الطاقة وإلحاق هذه الدول بالإمبراطورية، ولكن موارده العسكرية لا تسمح. فاكتفى بغزو العراق وأفغانستان، بينما طبق على فنزويلا نموذج "كيمريت روزيفيلت"، وهو النموذج الذي أسقط به حكومة مصدق 1953م، برشوة رجال الجيش، والعاملين في شركة البترول، وتمويل المظاهرات..الخ، وفعلا تم انقلاب في فنزويلا لمدة ثلاثة أيام، وزغردت الإدارة الأمريكية، ولكن في ظرف 73 ساعة تدخل الجيش الفنزويلي وأفشل خطة الانقلابيين، وأعتقل الخونة وحوكموا بخمسة وعشرين سنة، كما تم تنظيف الجيش وشركة البترول الفنزويلية من المرتشين. وعلى حسب قول المؤلف، تركيز بوش على العراق هو الذي أنقذ فنزويلا من تدخل عسكري أو غزو عسكري صريح.
في طوال الثمانينيات فشل كل من رجال ال (EHMs) أو رجال ال CIA اختراق صدام حسين وجره للأفخخ الإقتصادية، أو حتى اغتياله، ولقد عولت الولايات المتحدة كثيرا على النموذج الذي عملته للمملكة العربية السعودية 1974م وأملت أن يثير شهية صدام حسين، ولكن هيهات. ومع إحباط إدارة ريجان/بوش، ومؤسسة ال Corporatocracy دخل صدام حسين الكويت لكي يلعب بأعصاب بوش ويزيد الطين بلة، وعندها قرر بوش غزو العراق...والإطاحة بصدام حسين، نفذها لاحقا أبنه!
لكن المثال الأخطر هو مثال المملكة العربية السعودية، وفيه سنقف كثيرا فاحصين قضية جوهرية لم يذكرها مؤلف الكتاب. ففي اعتقاد كاتب هذه المقالة أن قطع البترول 1973م بدأ بصرخات السادات..أنهم سيستخدمون "سلاح البترول"!! وفي تقدير كاتب هذه المقالة، كان قطع البترول خطة أمريكية لقنها كيسينجر للسادات، والذي وصلها للملك فيصل، أي طلب أمريكي، من ضمنها سيستفيد العرب أنفسهم من الزيادة التي ستطرأ على الأسعار، والهدف الأمريكي هو "امتصاص" بالأحرى سرقة البنوك المركزية الأوروبية والآسيوية خاصة اليابان التي امتلأت عن آخرها باحتياطات دولارية ضخمة ليست في صالح الولايات المتحدة. على شرط: أن يضع العرب أرصدتهم داخل الولايات المتحدة!! وفي تقديري أن كيسينجر قد لعبها صاح!!
بينما يقول المؤلف، أن هذا القطع كان مفاجئا للولايات المتحدة ومزعجا لها. ويقول: بدأ القطع التدريجي للبترول في 17 أكتوبر 1973م وانتهى في 17 فبراير 1974م. لكن المفاجئ أن يذكر المؤلف أن الولايات المتحدة أرسلت كيسينجر للرياض فور عودة ضخ البترول وهنالك استطاع أن يقنع الملك فيصل بوضع كل احتياطات السعودية الدولارية في صورة (شراء) سندات الخزانة الأمريكية إلى الأبد، ونكرر إلى الأبد. وما يترتب عليها من فوائد (1%) تديره وزارة الخزانة الأمريكية بمعرفتها ونكرر بمعرفتها بوضع خطط تقوم بها الشركات الأمريكية لتحديث المملكة العربية السعودية ابتداء من 1974م. وكانت صفقة العمر التاريخية....!! لم يصدق الأمريكيون أنفسهم!!
بل أنا نفسي لم أصدق!! ولكي تفهم أيها القارئ عليك تخيل هذا الأمر كمثال: كل مدخولات السودان من البترول، والقطن، والصمغ..الخ، تستلمها وزارة الخزانة الأمريكية رأسا، وهي مع الشركات الأمريكية يقررون مشاريع التنمية في السودان وللأبد!! دعنا نرى مضاعفات هذه الصفقة..!!
أولا تحرس الولايات المتحدة الأسرة الحاكمة وتضمن عرشهم إلى الأبد. وثانيا: أصبح "نموذج هذه الصفقة" حلم أمريكي، وطمعت إدارة ريجان/بوش أن يغرى هذا النموذج بقية دول المنطقة لكي تحزو حزو المملكة العربية السعودية، فصمما أن يحولا العراق إلى "سعودية" أخرى. ثالثا: تكاملية اقتصادية بين البلدين بحيث لا تستطيع المملكة السعودية يوما ما أن "تقطع" البترول..على حسب قول المؤلف، وبالطبع لا تستطيع أن ترفض لها طلبا!
ماذا فعل الأمريكيون بهذه الصيدة الثمينة؟ حركت المؤسسة Corporatocracy كل رجالها من ال (EHMs) في كل الشركات الأمريكية وأمرتهم بسرية كاملة أن يطلقوا لخيالهم العنان في كيفية حلب هذه البقرة..!! ويقول المؤلف، لقد تغير نموذج رجال ال (EHMs) من إسقاط الدول في الديون، لأنه لا ينطبق على هذه الصفقة، وأصبح النموذج كيف حلب..هذه البقرة! وكان المؤلف له الباع في الخيال الحلبي..!! صمم العديد من المشرعات..وبالأحرى كلها! وهو من وضع كلفة هذا المشاريع التقريبية وراعى كيف تقسم الأموال على بقية الشركات وأنصبتها..الخ، خاصة أن الكونجرس الأمريكي لا يمكن أن يحاسبهم لأنها ليست أموال أمريكية رغم أن وزارة الخزانة هي التي تديرها، فأصبح "غرف" هذه الأموال..مفتوحا!! وبدأ المؤلف أول مشروعاته بأسطول يتكون من 200 عربة نقل قمامة لمدينة الرياض (كلفت 200 مليون دولار) مع كل الأجهزة التي تعالجها...لكي يبهروا الأسرة المالكة والمواطن السعودي! المدن السعودية حتى 1974م كانت شوارعها مليئة بالقمامة مثل قمم الجبال وتسرح الغنم في الشوارع لالتهامها!! وأبتدأ الخيال الأمريكي في تحديث المملكة العربية السعودية في البناء والتشييد، والتصنيع بحيث ربطوا هذه المنشأات ببرامج صيانة وتجديد سنوية (لمزيد من الحلب المالي) ولتقوية الإعتمادية. فبنت الشركات الأمريكية الطرق السريعة، والمطارات، والمستشفيات، وكهربة كل المدن السعودية، ومحطات تحلية مياه البحر...الخ، ونقلوها نقلة باهرة للعصر الحديث، وطمعوا أن تبهر "هذه النقلة النوعية" بقية دول الخليج لكي تضع مدخولاتها البترولية في الحصالة الأمريكية..وكانوا أكثر طمعا في العراق!!
ومن هذه الأموال السعودية التي تديرها وزارة الخزانة الأمريكية، تم تمويل حركة بن لادن عبر الشركات الأمريكية، السلاح وغير السلاح.. في حربه ضد السوفييت في الأفغانستان – 19 بليون دولار. وكذلك كان بوش الأب يستلف من هذه الأموال السعودية لعملياته القذرة في نيكاراجوا، وبنما، وناميبيا أو أنجولا..ملتفا حول الكونجرس وقوانينه..الخ.
هنالك الكثير من التفاصيل ولكن سنغض الطرف عنها ونركز على الخلاصة المستفادة من هذا الكتاب.
تأتي في قمة قائمة الدول التي تهتم بها الولايات المتحدة استراتيجيا هي الدول البترولية- السودان إحداها الآن.
الخطة الأمريكية الكلاسيكية، هي أغراء الدولة الضحية بقبول مشاريع تنموية ضخمة تتعلق بالبنية التحتية، تتطلب قروضا كبيرة، وعندما تعجز الدولة في سداد الإقساط لأي سبب ما، مثل انخفاض سعر البترول، أو الفوضى الإقتصادية والفساد..الخ، تبدأ في إبتذاذها سياسيا واقتصاديا. الدراسات التي تتعلق بهذه المشاريع تزيف هياكلها المالية، أو تضخم عوائدها المستقبلية.
كل مؤسسات الأمم المتحدة التمويلية وغيرها الدولية هي تحت سيطرة ما يسمى المؤسسة Corporatocracy وعليه يمكن الاستنتاج أن في داخل مؤسسة البنك الدولي وأشباهه أيضا رجال ال (EHMs).
رجال ال (EHMs) لم يعودوا ذلك العدد الصغير المنثور داخل الإدارات التنفيذية للشركات الأمريكية كحال الستينيات والسبعينيات؛ الآن هنالك الآلاف منهم حتى ولو لم يرتبطوا "بجهاز الأمن القومي" فهم يقلدون أنشطته..وأساليبه! ومع الأسف نحن في "حقبة اقتصادية" جديدة لا تنفع معها النظريات الإقتصادية مثل نظرية كينيز النقدية..الخ.
عموما يمكن الشك في أي شركة أوروبية أو أمريكية أنها قد لا تتورع في ممارسة أساليب رجال ال (EHMs)..الخ.
الاتحاد الأوروبي ومؤسساته التمويلية قد يمارس نفس الأسلوب الأمريكي على الدول الأفريقية الضعيفة بعملة اليورو.
من الأفضل عدم الاقتراض والاعتماد على الذات، وتشجيع الاستثمارات المباشرة المتوسطة الحجم التي تخدم الإنتاجية والسلع الضرورية وليست الاستثمارات التجارية في السلع الاستهلاكية، لأنه أيضا من التكتيكات الأمريكية "إشباع" النزعات الاستهلاكية وعندما لا تتوفر لسبب ما يحدث تذمر شعبي- فنزويلا أحد الأمثلة.
يمكن الدخول على صفحة المؤلف: www.johnperkins.org وكذلك أقترح على المراكز الإستراتيجية والبحثية السودانية دعوته لعمل محاضرات عن كتابه.
بما أننا مقبلون على الفترة الانتقالية مصحوبة بحمائم السلام وإطلاق أشرعة التنمية بقوة يبقى السؤال قائما: ماذا نحن فاعلون وكيف يمكننا التحصين من الشراك الأمريكية والأوروبية؟
شوقي إبراهيم عثمان
أحمد سركيس
موضوع: رد: عرض وتقديم لاخطر كتاب ( اعترافات رجل مافيا اقتصادي )0 السبت 24 مارس 2012 - 5:58
يا ورقـــة .... تحيات ســـلامات
إنشاء الله عما قريب حأنزل إجازة زمن هسع أنا حاجز الكتاب ده ... أول ما أصل حاستلفو منك...
عرض وتقديم لاخطر كتاب ( اعترافات رجل مافيا اقتصادي )0