الكريمت قرية من قري الجزيرة .. ظهر فيها رجل يدعي علاج كافة الأمراض وعلاجه بسيط جدآ " كية من نار " لا فرق إن كان مرضك صداع نصفي أو دسنتاريا مزمنة أو حتي " سارس " فإختلاف المرض لا يفسد للكي قضية .. بل تطور الأمر وصار الكي يعالج حتي علل الحديد .. يقال أن أحدهم كان يمتلك عربة مكعكعة لا تقوي علي الحراك .. ذهب بها صاحبها وبعد وقوف وسير وسير ووقوف وصل الي قرية الكريمت .. " تش " شيخنا العربة في الرفرف الخلفي من الناحية اليسار وصب علي التنك قليلآ من ماء إبريقه .. منذ تلك الساعة أصبحت مشكلة صاحب العربة كيف يجد المشاوير الكافية .. فالعربة صارت لا تطيق الوقوف وتعشق الحركة .. وقد أقسم القوم أنها أصبحت تحرك لساتكها حتي في حالة وقوفها .
ملحوظة : مات رجل أعمال معروف كان مصابآ بالسكري لأنه " كبر المسكة " لذلك - إكرامآ له - ضاعف الشيخ الجرعة .. أي بدلآ عن ثلاثة مراويد أصبحت ستة وهكذا .. ... وسيد الوداعة شال وداعته .. أو هكذا يدعي أعداء الشيخ !
حلمه الرسول صلي الله عليه وسلم - أو هكذا علي الأقل يقول الرواة .. وبعضهم يقول أن في صحبة الرسول جاء نبي الله الخضر والشيخ عبد الباقي المكاشفي .. لامه القوم لم لا يعالج مرضي المسلمين وهو يري ما آل إليه حالهم وخصوا بالذكر مسلمي السودان ... وعندما أخبرهم بأنه لا علم له أو معرفة بأنواع الأمراض دع عنك علاجها .. هنا أمره سيد المرسلين - لا يزال الحديث للراوي - بأن " يتش " كل مريض ثلاث " تشات " .. وكل " تشة " سوف تعالج خمسة عشر مرضآ - بإذن الله .. ولأداء هذه المهمة لا يحتاج لتشخيص أو معرفة تلك الأمراض .. وبالتالي فمجموع الأمراض التي يسمح للمواطن أن يحملها في فترة واحدة يجب ألا تتعدي خمسة وأربعين مرضآ ولا خوف عليه .. ومن كان مصابآ بأكثر من هذا العدد ولا يزال حيآ يرزق .. فلا بد أولآ من ترتيب الأمراض حسب خطورتها وتعالج علي أساس هذا التسلسل .. وعلي المريض أن يعاد الي ورشة الكريمت في مواعيد يحددها الشيخ (علي غرار ما كان يكتب علي عربات السكك الحديدية - تعاد الي ورشة عطبرة في تاريخ كذا).
سمعت الحكومة به - و- أرسلت بعض أفراد الأمن للقبض علي " راجل الكريمت " فما كان منه إلا أن " سمرهم " في كراسيهم ولم يستطع أحدهم الوقوف علي رجليه ولم تستطع السلطات الأمنية تخليص رجالها من الأسر إلا بعد أن تم "تشهم" جميعآ .. وبعد ذلك " آمن " الجنود الأشاوس وبدلآ من القبض علي الرجل بدأوا ينظمون الصفوف وحفظ النظام وأصبحت مشكلة الحكومة تنحصر في كيفية إرجاع أفراد القوة سالمين الي قواعدهم ...
التنمية البشرية تبدأ من الكريمت :
لقد تبرهن علميآ أن التنمية المستدامة لن تتم بدون تطوير وتنمية المواراد البشرية وذلك عن طريق تدريب الكوادر وتوفير الرعاية الصحية وإنشاء المدارس .. الخ .. والآن لنناقش أهمية دور " راجل الكريمت " في هذا المضمار علي المستويين المحلي - ونقصد بذلك الجزيرة وإمتداد المناقل - والقومي ونقصد بالطبع كل شبر من " سوداننا الحبيب .. بلاع الدبيب ".
المستوي المحلي :
إن ظهور " راجل الكريمت " شجع السفر والترحال من كل أرجاء المليون ميل مربع الي الكريمت وبالعكس .. ونحن ندري وسمعنا بفوائد الأسفار .. ولكن في ظروفنا الحالية - ونحن نعمل كل بقدر إستطاعته في تهيئة الظروف والمناخ المناسب لوحدة طوعية - يضحي للتمازج والتقارب بين أبناء السودان أهمية إستثنائية وبكل تأكيد هذا يضيف إيجابيآ الي فوائد الأسفار ..
أولآ .. فالأعداد الكبيرة المتقاطرة علي الكريمت تجعل القوم من أصقاع السودان المختلفة يتعرفون علي بعضهم البعض .. ولابد أن تبدأ بينهم الحوارات والنقاش والذي يقود بالضرورة الي تفهم أفضل لبعضهم البعض .. الشىء الذي سيوسع من مساحة وفرص قبول الآخر وبالتالي نكون قد مهدنا الأرضية الصالحة لتنمو شجرة ثقافة الديموقراطية وتزدهر .. وتحت ظلها الوريف ستتكيء الوحدة الطوعية وتمدد رجليها مع تمدد جذور تلك الشجرة المباركة التي تغوص " عروقها " في أعماق أعماق أرضنا الطيبة بينما تشرب أغصانها من ثدي السحاب .. إستنادآ عليه فإننا نتوقع الدعم الامحدود من السيد الإمام الصادق المهدي لـ"راجل الكريمت" وذلك بوصف السيد الصادق من الداعين للوحدة الوطنية الطوعية من ناحية وللعلاقة التاريخية المتميزة والقديمة .
ثانيآ .. إن تواجد عشرات الألوف من " الغبش الواقفين صفوف " في الكريمت منذ الصباح الباكر وإلي الساعات الأولي من صباح اليوم التالي - ولأن الإنسان يحتاج الأكل ويحب شراب الشاي والقهوة - فقد بدأ سوق جديد ينشأ و به عصبه ستات الشاي والقهوة و بائعات " الكسرة بأم رقيقة.. وهكذا تقلصت بصورة ملحوظة العطالة لما تحتاجته تلك الأعمال من أيدي عاملة وما وفرته من فرص عمل في ذلك المكان من أرض السودان .. مما يبشر بزيادة ملحوظة في دخول العائلات وتحسن مضطرد في مستوي معيشة المواطنين الثوار الأحرار .
علي المستوي القومي :
أتدرون ما هي الأسباب الرئيسية وراء تدني الإنتاجية البشرية ؟ إنها بإختصار الأمراض وسوء التغذية مع قدرلايستهان به من الجهل بالأمراض .. فتكفي " كتكوتة " أو نزلة معوية ليزداد سكان حمد النيل بمواطن جديد .. لكل ما سبق ذكره فإن " راجل الكريمت " بعلاجه للأمراض المستوطن منها والظرفي يكون قد خلصنا من أشر أسباب التخلف .. كما معلوم لدي الجميع أن الإنسان سليم الجسم يمتلك عادة عقلآ سليمآ تتفتح مقدراته وتزهر إبداعاته وتثمر إنسانآ " تفتيحة " يصنع من الفسيخ شربات ويصيح كل يوم ثلاث مرات وبملء فيه : العقل السليم في الجسم السليم .. والنتيجة المنطقية والمتوقعة بدون أدني شك هي تطور السودان بوتائر عالية وسريعة مما يجعل أرقي منتجات التكنولوجيا للمتابعة والمراقبة تقف عاجزة ( ويقوم نفسها ) ولن تستطيع اللحاق بها .. بعدها نقول لأمريكا : أمانة ما جاكي بلاء .. ولا شك سوف ننافسها في قيادة العالم - هذا إن لم نتفوق عليها - وعندها تهتف الإنسانية : باي .. باي ....
:
يقول المتشائمون إن علاج " راجل الكريمت " للأمراض له جوانب سلبية تتمثل في الأتي : أولآ أن عمر المواطن السوداني سيزيد وربما يتضاعف وبالتالي تنخفض نسبة الوفيات مما قد يحدث إنفجارآ سكانيآ .. ثانيآ إن تزايد السكان يتطلب خطة إسكانية كل ستة أشهر .. ثالثآ لابد وأن تصطحب الخطة الإسكانية زيادة في خدمات الكهرباء والماء الخ الخ .. لمثل هؤلاء نقول : نعيد تدريب الأطباء والصيادلة ليصبحوا مهندسي أراضي وماء وكهرباء .. هنا قهقه المتشائمون وقال قائلهم : وتعملوا كيف مع الميكانيكية ؟ هل تعلمون أن كية واحدة لأي عربية فوق الرفرف الشمال " الوراني " تعني أن هذه العربة تستطيع أن " تلف لفة مترار " ليل نهار وبدون أدني حاجة حتي ولو جرعة من البنزين دع عنك أن يحدث لها عطب ..؟؟ .. قهقهنا بدورنا وقلنا لهم : حل هذه المشكلة أبسط .. ليبيا فتحت عن طريق مليط .. ومدد .. مدد " ياراجل الكريمت " .. تلحقنا وتفزعنا .. ويسقط العلم والطب والأطباء
(منقول)