أجمع علماء الطب النفسي على أن وسواس النظافة من أشهر اضطرابات الوساوس، وهو مرض يعاني منه عدد كبير من الناس، وإن كانت المرأة تحتل فيه النسبة الغالبة، والتي تقدرها الإحصاءات بثلاث سيدات من كل مائة.
ولأن الآثار الجانبية للمرض لا تقتصر على المرأة صاحبة المرض وحدها زوجة كانت أو أمًا، بل تؤثر في المحيطين بها، كان لقاؤنا مع الأطباء؛ لنتعرف على حقيقة هذا المرض، وعلاماته، وعواقبه النفسية والاجتماعية أيضًا، وتوضيح سبل العلاج وأهمها.
ولابد أن نعترف بداية بأن النظافة المفرطة، أو وسواس النظافة، كما يطلق عليه العلماء المختصون، مرض نفسي يستوجب العلاج، لهذا فهو عبء ومعاناة ثقيلة على صاحبه -رجلاً كان أو امرأة- وشكوى مريرة تتداول على ألسنة بعض الأزواج ممن تتصف زوجاتهم بهذا المرض، يرددونها ساخرين، متندرين: «زوجتي تحمل المُعقمات والمطهرات حول عنقها، تربط مناديل الديتول حول خصرها... وهي تتجول بالبيت» ويضيف آخر: «أراها وقد قامت من مكانها فجأة بمجرد شكها ببادرة قذارة هنا أو هناك، أو أحست بها تختفي وراء قطعة من الأثاث”.
وتتمثل علامات هذا الوسواس في: غسل اليدين بشكل متكرر يومي، الاستحمام أكثر من مرة في اليوم، تغيير دائم للملابس، عدم استخدام أدوات الغير مطلقًا، تجنب مسك أو لمس الأشياء خارج المنزل، عدم مصافحة العديد من الأشخاص، استحالة التقاط أي شيء سقط على الأرض، أو إعادة استعماله... فأتركه، أو أطلب من آخر حمله إن كان شيئًا ثمينًا.
وفي هذا السياق حذرت دراسة بجامعة «أتلانتا» بالولايات المتحدة مضمونها «إن وسواس النظافة المفرطة عند المرأة - بالتحديد- قد يكون علامة على الطريق تمهد للإصابة بمرض الاكتئاب»، وسردت التفاصيل: «إن نظافتها المبالغ فيها في نطاق منزلها بما يحتويه تجعلها غير راضية عن أي شيء، الأمر الذي يسبب لها وسواسًا يؤدي إلى الإصابة بمرض الاكتئاب».
وأضافت الدراسة: «هذه المرأة كثيرًا ما نراها تركز على وجود البكتريا والجراثيم في أركان المنزل؛ متخوفة منها، وهذا يجعلها لا تثق بالنظافة التامة للأشياء، وفي المقابل نجدها تفرط في النظافة إلى حد الإرهاق والوسوسة اللذين يضعانها على بداية الطريق للإصابة بالاكتئاب».
كما أن هذا النوع من الوسواس يؤدي إلى ضعف المناعة الطبيعية عندها وعند أطفالها، مما يعرضهم للأمراض أكثر من غيرهم.