(( العنوان أعلاه ليس باسم فيلم من أفلام العنف الأمريكية، ولا عنوان رواية بوليسية، ولكن تلك الحُفرة المسماة - شعبيا - بحُفرة الموت هي المخازن التي يتم فيها دفن المبيدات المنتهية الصلاحية بالحصاحصيا، ولأن أهل القرى المجاورة تأثروا بآثار تلك المبيدات لقبوا مخازنها ب(حُفرة الموت).. وإشتهر اللقب، ليس لمستوى أن توثقه هذه الزاوية فحسب، بل لمستوى توثيقه في تقارير المراجع العام أيضا، وليت البرلمان عقد جلسة طارئة لمناقشة المخاطر التي تحدث عنها - بالأرقام والخرائط والوقائع - الأستاذ عمر أحمد عبد الله، مدير جهاز المراجعة بولاية الجزيرة، في تقريره الأخير والذي يحمل عنوان : إدارة وتداول وإستخدام المبيدات بمشروع الجزيرة..نعم مثل هذا التقرير الخطير، وما فيه من كوارث حالية وأخرى مرتقبة، يجب أن يصبح هما قوميا..إذ سيان الموت الجماعي بالرصاص في دارفور والنيل الأزرق، والموت الجماعي بالمبيد الفاسد في الحصاحيصا وبركات..!!
والي الجزيرة يعلم بأن المبيدات الفاسدة والمخزنة بمخازن الرئاسة ببركات، تقدر قيمتها ب (4.293.487 جنيه)..وكذلك هذا الوالي يعلم بأن المبيدات الفاسدة والمخزنة بأحد مخازن الحصاحيصا، تقدر قيمته ب( 2.039.255 جنيها).. ثم يعلم بأن المبيدات الفاسدة والمخزنة بمخزن آخر بالحصاحيصا أيضا، تقدر قيمته ب (4.769.854 جنيه).. أي القيمة الكلية للمبيدات الفاسدة، والمخزنة في مخازن ملقبة بحفرة الموت، تتجاوز ال ( 11 مليار جنيه)..والي الجزيرة يعلم كل تلك المعلومات منذ منتصف العام الفائت، حيث موعد إستلامه لهذا التقرير من المراجع العام بولايته، وكذلك وزراء حكومته يعلمون ذلك، بل حتى ذاك الكيان الصامت والمسمى - مجازا - بالمجلس التشريعي على علم بمحتوى هذا التقرير وما فيه من أرقام ومحاذير، ومع ذلك لايحركون ساكنا وكأن الأمر لايعنيهم..ولذلك، يجب أن تتحرك سادة مؤسسات الدولة المركزية، هذا إن كان الأمر يعنيهم ..!!
ومن نماذج التنطع،قرأت الأسبوع الفائت صفحة إعلانية بصحف الخرطوم، تعلن فيها حكومة الجزيرة عن إفتتاح ما أسمتها بالمشاريع التنموية، وصورة الوالي تتوسط المشاريع المستهدفة بالإفتتاح، ومن تلك المشاريع ما أسموه بمشروع المسجد المتحرك.. نعم مسجد متحرك ..سألت أمام مسجدنا عن معنى المسجد المتحرك الوارد ذكره في تلك الصفحة، فأجاب بدهشة : ( يمكن عايز يدي كل مواطن ابريق ومصلاية، ويطردهم من ولايتو)..ليس كذلك، بل قد يكون هذا المشروع أغرب من ذلك بكثير، فلننتظر يوم تدشينه لتظهر ملامح التنطع..ومع ذلك، الأهل بالحصاحيصا وبركات - فعلا - بحاجة الى مشروع كالذي في مخيلة أمام مسجدنا، هذا ما لم تتدخل الحكومة الإتحادية وتكافح تلك المبيدات الفاسدة التي تجاور بيوتاتهم وقراهم..كل ذو عقل سليم يعلم بأن من أبجديات إستيراد واستخدام المبيدات هي أن تستورد الحكومة - سنويا - من المقدار ما يفي حاجة الموسم الزراعي فقط، بحيث لاتبقي كمية للتخزين، لأن تكاليف التخلص من المبيدات المنتهية الصلاحية أعلى من تكاليف إستيراد مبيدات صالحة..وكذلك لهذا التخلص وسائل وطرائق وإمكانيات غير متوفرة لمشروع الجزيرة، ولذلك يبقونها في مخازنهم أو يدفنونها في آبار تتهالك أسطحها قبل مضي عام على حفرها، وليت المسمى - مجازا - بالبرلمان طلب من المراجع العام صور آبار الحصاحيصا و وتشققات أسطحها، ليشعر نوابه بحجم المخاطر الناتجة عن تفاعل المبيد الفاسد بقرب مساكن الناس ..هذا إن كانوا يشعرون ..!!
وعليه، سادتي ولاة أمر هذا البلد المنكوب شعبه..قمة الطموح هي فقط مكافحة تلك المبيدات الفاسدة - قيمتها حداشر مليار - والتخلص منها، ولا نطمع ولا نأمل مكافحة الذين جلبوها بهذه الكميات المهولة وخزنوها بلامسؤولية بجوار أحياء الناس وسوح ملاعب أطفالهم .. حالات مرض أزمة الأطفال بمستشفى الأطفال بود مدني، في العام 2008، كانت ( 20035 حالة)، بيد أن تلك الحالات ارتفعت في العام 2010، بذات المستشفى الي (25670 حالة)..والأرقام جزء من أرقام هذا التقرير، وصفحات التقريرتضج ببقية الأرقام، فلماذا لايطلع عليها مجلس الوزراء الإتحادي ويناقشها في إحدى جلساته؟..إذ ربما مجلس الوزراء الولائي هناك تشغله إجازة ميزانية مشروع (المسجد المتحرك)..على كل حال، إذا تواصل تكدس هذه المبيدات الفاسدة، وتكاثف مخاطرها وأمراضها، فلنترقب من حكومة الجزيرة الإعلان عن تدشين مشروع ( التابوت المتحرك) ..!! )) الطاهر ساتي / الراكوبة / نقلا عن السوداني