ودعت حي العمدة معلما بارزا من معالم تاريخ الحي والحصاحيصا خلد كل تفاصيل ونفعالات اهل حي العمدة باحزانهم وافراحهم حركاتهم وسكونهم وتأملاتهم وهو دكان عبدالحفيظ تلودي او ما ظل متعارف بدكان )حفيد( والذي طالته يد العمران بعد ان تمت اعادة بناء المنزل الذي كان يحرسه دكان حفيد بشجرتيه التيين تظللانه صبحا وظهرا وعصرا اليوم ازيل هذا المعلم من الوجود بعد أن كان حضارة حي سادت طويلا رسخت في اذهان وذكريات اجيال متواصلة من ابناء واهل الحي. كل طوبة في هذا الدكان كانت سفر شاهدة علي بانوراما جسدها شخوص ومواقف واسرار لم تباح كان ضلفتي هذا الدكان لا تفتح علي مصراعيها لانه لم يك دكان للكسب والربح كبقية الدكاكين ولكنه كان محراب يرتاده العالمين ببواطن الامور واصحاب الحظوة والحضرة لان العم حفيد صاحب الدكان كان صوفيا معتقا ومجردا اعطاه الله احد اسرار الكون والهمه معرفة الخلق كان حكيما لا يسرف في الحديث والنقة كسائر ربعه وانداده كان (استايله) في الحياة متفردا لا يعيه الا الراسخون في العلم وفلاسفة الحياة .
دكان تلودي (حفيد) قبل ان يقول وداعا لحي العمدة يهمس لشجرة تلودي في بوح أخيرشجرة تلودي تتواري حزنا قبل ان يسلم دكان حفيد الروح لبارئها علي الرغم من هنالك عدد من الكناتين في الحي ( دكان عبدالرحمن / دكان السماني موسي/ دكان الامير سالم حاج التوم ) الا ان دكان حفيد كان منتدي VIP ومنذ ان قام حفيد بفتح دكانته في اواخر الستينات كانت بوابته مشرعة نحو الغد كان رواده من الاخيار والعلماء والفلاسفة والحكماء كان من اوائل رواده الدكتور احمد قاسم علي بخيت او دكتور قاسم من اوائل الاطباء السودانيين (الدفعة الثانية من كلية غوردون) وكذلك المهندس محمد علي زكي الذي كان يسكن في منزل نمر التوم وهو شقيق الدكتور احمد علي زكي اول وزير صحة في حكومة عبود وكذلك الدكتور عبدالفتاح حاج ابراهيم والمهندس فزع ورهط من الاساتذه وعلي راسهم الياس سيدهم مدير الرحمة والاستاذ محمد عبدالله العشاري وبشير الهادي والد استاذ صلاح استاذ والموجه لمادة الفنون وكان الخال عبدالحميد الحسن ياتي الي هذا المنتدي من نيالا وتربطه اواصر العلائق الصوفيه وهم من مريدي الطريقة العجيمية مع العم حفيد وهنالك مجموعة من (الرطانة ) الذين عندما يخرمون للتحدث بحديث الدناقلة يخفون حنينهم عند حفيد حيث كنا نحسبه كلام الطير في الباقير وكان حفيد ينقل اليك معاني لغة العيون ولا يحوجك بان تسمع منه كلمة مدح او زجر كنا نسمع ضحكاته مع الاخت زكية عبدالرؤوف والدة هياش واباذر التي كانت ترطن مع حفيد وتعتبره مرجعا في حديث الدناقلة بشهادة شقيقها الاستاذ عبدالفتاح والد سولا بنت جميلة محمد عيسي وكان عبدالفتاح يقول عن حفبد ( الزميل عبدالحفيظ ) لانه كان شيوعيا بالفطرة غير تلك العلاقة الغريبة التي كانت تربطه بمجموعة من المتفرغين والشيوعيين المختفين في حي العمدة ( في منزل احمد الرضي ) ومنهم عبدالحميد علي عضو اللجنة المركزية حاليا والاستاذ احمد سيداحمد استاذ الفنون بثانوية الرحمة سابقا وحاليا استاذ الفنون في لندن وفي مانشستر، كان حفيد قاموسا لكل المعارف والخبرات في اصول الدين والتصوف وفي العلوم الحديثة لما لا وهو مهندس في السكة الحديد يسرف في استعمال عقله ولذا تجده متمهلا في اتخاذ قراراته.
لحظات واصبح دكان تلودي (حفيد) دمن واطلال
قفا نبكي من ذكري (حفيد) ومتجره وقوفا به صحبي
كان من رواد دكان وشجرة حفيد صباحا الثلاثي عثمان نقد وبخاري ابوزيد وميرغني منصور وهم من اوائل سائقي العربات الاجرة بالحصاحيصا كانوا يسردون وقائع لم تجد طريقا للتدوين لتضيع اوراق الذاكرة في الفضاء الرحب وفي المساءت كان المجلس يكتمل عقده بقدوم ابنيه سيداحمد وحسن وبعض ضيوف يقصدونهم . كانت شجرة حفيد ودكانته محطة ترانزيت للعابرين من اصحاب عربات الكارو ( باب الله المغيرة الذي كان يرتاح طويلا بين رحاب حفيد وابوزرد من عوايدة الشرق بعد ان يفرغ شحنة تموين غذاءات المدرسة وبائعي اللبن عبيد الضقالي وحسن الازرق وحتي أمنة بت حسن المشاطة الضقالية كانت تستفتي حفيد في امور الحياة وكان يعطي بيمناه ما لا تعلم يسراه ولهذا كان لا يفتح دكانه علي مصراعي ضلفتيه.
سحارة حفيد وجدت في ركام الانقاض
عصاته الشهيرة
وطبنجته التي لا أحد رأها حتي الآن
وبطاريته التي اضاءت ايام العتمات
شجرة حفيد ودكانته ايضا ارتبطت بنساء الحي اللائي يتخذنها ملتقي في اوقات قيلولة عندما تلفح الانوف رائحة قلوة البن وانبعاث رائحة الكشنة من مطابخ الحي حاجة فتحية والوالدة حاجة التومة بت عطية الله مع عرفة بت حاج حمد في حديث يتواصل تحت الشجرة تقبل عليهم حوة مساعد زوجة العمدة تتسع الدائرة عندما تخرج سيدة محمد صالح و آسيا عبدالمنعم ركاب يتعازمن علي فنجان قهوة.. الدكان شهد ميلاد العديد من انطلاقات انشطة الحي من لجان تطوير الحي ولجان شبابه ومؤامرات انتخابية وحديث في السياسة والرياضة والثقافة والادب والطرف والمواقف النبيلة كانت مركز شبابي عندما يغيب حفيد كانت شجرته امتداد لتواصل الاجيال حقائق كثيرة كانت شجرة حفيد مسرحا لها وبعد منتصف الليل شلة المسامرة والانس في انتظار محمد وراق الذي لا يدخل الحي الا بعد ان تنام البعوض ..كثيرون لا يفوتون فرصة ان ينيخوا الذاكرة عندما يمرون بشجرة حفيد وكانوا يتمهلون المسير مثلما يفعل الساعون بالصفاء والمروة الا ان عند شجرة حفيد لا تستطع الهرولة لان هنالك كيمياء عشق خرافي تحشد الحواس وبين تلك البقعة المقدسة التي تلوح بدكان حفيد وشجرتيه المباركاتين ترفرف غصونها اللدن بذكريات الزمن الجميل.. مستحيل ان يمر الشخص بهذا الشارع الحيوي دون ان يلقي التفاتة علي دكان حفيد والذي تخاله ما يزال مفتوحا وحفيد علي كرسيه واضعا خده علي شعبة عصاته العجيبة وكرسي شاغر في انتظارك.
في ذات المكان الذي كان يجلس عليه حفيد بكرسية يجلس الان احفاده الصغار دودي وشقيقة حسن ابناء مبارك حسن ع الحفيظ
اليوم وانا اشهد أخر طوبة تهوي من دكان حفيد كانت الانقاض تضم آخر ما تبقي من ذكري حفيد عصاته القصيرة التي كان يهش بها علي خيول الحكمة وبطاريته الطورش التي انارت دياجير وظلمة زمن ارتحل معه واواني في غاية الذوق والعراقة كان يستخدمها منذ ان كان يعيش بمفرده في مشروع الجزيرة الذي عمل فيه ردحا من الزمن وطبنجة ضغيرة كانت من مكملات الفنجرة والبرستيج وجدت محشوة بين طيات ما تركه للذكري التي خبأها في سحارة ستحمل ذكراه ما بقينا ..له ولهم الرحمة والمغفرة جميعا
الي جميع بورداب حي العمدة:
صداح / علي سيداحمد / عمار/ راشد الجاك / صلاح الجاك /الكوني / مامون بري / عصام تلودي / مبارك محمد عثمان / مغارب / الجكومي / صلاح سيداحمد / خليل كحيل/ايهاب عبدالرحيم / احمد والطيب نورالدين / حمور /الطيب تلودي /انعام تلودي وكل من فاتني ذكرهم .. ارجو ان تثقبوا ذاكرتكم لتفيض بوستا بالمواقف والذكريات يثري مفردة ومعلم بارز في تاريح الحي!!