التحية لصاحب أكبر مقهى إنترنت بالحصاحيصا
الذي إستطاع أن يخرج أطفالنا من ضيق الحواري ولهيب الصيف إلى سعة العالم والفيس بوك.
صديقي المبدع عبد اللطيف عوض الله. هو صاحب (مقهى سيتي نت) بالحصاحيصا. مجاور لميدان المولد ويقع شمال المسجد الكبير.
أكثر ما أدهشني وأنا أتردد على هذا المقهى وجود كمية من الأطفال والشباب خاصة في وقت إجازة المدارس وهم يتدافعون بكمية خيالية لتصفح الإنترنت والألعاب الإلكترونية.
والشئ الذي زاد دهشتي وأنا أتردد على هو تردد بعض الأطفال الذين يعملون في السوق وهم من قرى وأحياء طرفية في الحصاحيصا وجلهم يعمل في السوق مثل الورنيش والدرداقات والأعمال الهامشية .
الذي أثار دهشتي هو معرفتهم وإلمامهم بانت. وتعجبت لهذا الجهاز الساحر الذي جذب هؤلاء الشباب من أضيق الحواري و مساحاتها.
إستطاع الأستاذ عبد اللطيف أن يجعل من هذا المقهى ملاذ لهؤلاء الاطفال بمختلف سحناتهم وأجناسهم إستطاع أن يضمهم ويقربهم للعالم بسعته وآفاقه الرحبة في كل مجال عبر الفيس بوك والشبكة العنكبوتية وعبر مساحات الألعاب الإلكترونية. والمنتديات المختلفة جعلهم يتواصلون مع ذويهم في البلدان الأخرى جعل لهم أصدقاء وأصحاب وفتح لهم مشاركات ومساحات في هذا العالم الفسيح.
إن بعض أطفال الحصاحيصا مثلهم مثل أطفال كثر في هذا البلد. لم يجدوا حظهم في التعليم ولم يجدوا حظهم في الرفاهة ولم تفتح له الحياة صدرها إلا بمقدار . حيث ألفوا اللعب في الحواري والأحياء الطرفية الفقيرة (شليل) و(حرينا). و(الرمة والحراس) و(كمبلت) و(فلفلت) . وكرةالقدم (وشدت) و(سكج مكج).
والبلي . والسيجة . فلم تعرف في أحيائنا العاب البلي إستيشن والأتاري إلا قريباً جداً وتطورت الألعاب . فأصبحت مقاهي النت هي ملاذ وحضن آمن لكثير من الأطفال .
لبت رغباتهم ونشوتهم وأشواقهم . فوجدوها والشئ الذي حز في نفسي . إن هؤلاء الأطفال يعملون في السوق ولايكاد الفرد منهم أن يوفر ثمن وجبة طعامه وشرابه ولكنه يوفر ثمن الدخول إلى النت فخلاصة الأمر . أن هذه الشموس الحارة وهذا الهجير وهذا الصيف الحارق لا يرحم كبير أو صغير. من أمراض السحايا والنزيف الدماغي وضربة الشمس .
عبداللطيف عوض الله - في اثناء عمله في ادارة المقهى
لكن أصبح النت والبلى إستيشن هي محطات للألعاب يستظل بها الأطفال من حر الشمس والرمضاء الحارقة إلى بهو المقاهي المكيفة . ولعلها تخرجهم من جو النكد الأسري وعذاب الأرصفة. وهلاك التشرد ودنيا الإجرام . والمشاكل والشجارات جعلتهم داخل بوتقة . يجدون فيه متعة أذهانهم . فتصقلهم وتعدهم لزمان قادم أفضل من زماننا وزمانهم هذا . بعيداً من ظلم الزمن وظلم السلطة. التي لم تمنحهم حقهم في العلم أو الترفيه. لم تسعى إلى لمعهم وصقلهم.
ليصبحوا مواطنين صالحين. فهاهم يختارون بمحض إرادتهم الدخول إلى مقهى النت وهو المقهى الأكبر والأجدر في هذه المدينة.
بعض الاطفال وجدوا ضالتهم في العاب الكمبيوتر
فالتحية للأستاذ عبد اللطيف عوض الله . الذي فتح لهم صدره وحببهم للدخول لهذا العالم . وتعامل معهم معاملة الأستاذ المربي . ولم يضق بهم ذرعاً. وإستطاع أن يقود هذا المقهى ويديره بنجاح منقطع النظير.
فيا أخوتي هاهم أطفال الحصاحيصا يبلغون أطفال العالم أجمل تحية . ويكتبون آخر تفاصيل الدهشة من موطن الشموس الحارقة. والصيف واللهيب . ويخرجون كما العصافير الحبيبة إلى آفاق رحيبة. إنهم من ضيق الحواري وضيق أفق السلطة يخرجون إلى متعة العالم الرهيب وصدر الفيسبوك.
فهل من تحية وإجابة لسؤالهم الحائر هل أطفالنا ليس لهم حظ وحظوظ مثل الأطفال الآخرين.