داخل أسوارها الشائكة بالمصائب البهائم محاصرة بفداحة الضرائب وسوء الزرائب.
دخلت إلى ساحة مسلخ الحصاحيصا الرئيسي.. حيث الظلام يحاصر المكان والفوضى والإهمال والتردي هناك على مقربة من الزرائب المسورة بالأشواك وخردة الحديد والصفيح وهياكل العربات القديمة, حيث لا إضاءة في هذا المكان إلا بصيص ضوء من لمبة على بعد أمتار من (مقصلة) الذبح, التي إفترشوا لها التراب , يذبحون البهائم على الأرض فتتناثر الدماء فيختلط (الدم بالفرت).
وبقايا الحيوانات , فتتلطخ اللحوم الملقية على الأرض, والمسلوخة على التراب , فإن هذه المشاهد التي ترونها ,تنبي عن فظاعة وبشاعة , وتوضح مدى التخلف والتردي ,وهذا الوضع الصحي المهين الذي نعيشه.
الظلام يحف المكان ,والوحشة والرعب والخوف, كمية من الذبائح ملقية ومسجية على حافة الأسى والهوان, دخلت إلى السلخانة في تمام الساعة الرابعة صباحاً , والجزارون يأتون في منتصف الليل يدخلون هذا المكان وهم يحملون بطارياتهم. فالسلخانة هناك هي عبارة غابة ويتوسطها مبنى . كأنه كهف في القرون الوسطى أو العصور الحجرية.
لا إضاءة ولا تنظيم للمكان. حتى التأهيل والتحديث المزعوم . عبارة عن هوامش لا تتعدى سراميك الأرضية وطلاء للحوائط وأما الأطراف فحدث ولا حرج فلم يشمل التحديث تأهيل البئر وتوسعتها حتى تواكب كمية الذبيح الضخمة . ولكن للأسف إنهم لم يوسعوها , وعمدوا على توصيل مواسير من السرف تنك وعمل جدول ليصب عبر مستنقع كبير آسن. ليسقى الأشجار حول السور , والذي يقع من الناحية الغربية المواجهة لحي أركويت والذي إشتكى أهله لله من أذى السلخانة ومن الروائح الكريهة التي أزكمت الأنوف وتسببت لهم في الأمراض منها الربو والأزمة.
هذه هي الأوضاع المتردية التي تعيشها السلخانة الذبيحة التي ظلت أوجاعها على مدى السنين تشكي سوء الحال والإهمال العديد من السنوات. والسلخانة تبكي بدموع الأسى من الذين بنوها ولم يراعوا الله في بنيانها. فغابت الأسس الهندسية والمواصفات , فغاب ضمير المهنية فحدث التلاعب في المبنى , إن مساحتها ضيقة للغاية لا تستوعب كمية الذبائح الهائلة من الأبقار والخراف, فإنهم لم يخافوا الله ولم يراعوا ضميرهم فحفروا بئر أقل بكثير من البئر المعدة للسلخانة, فامتلأت البئر في أقل من عام واحد, فامتلأ مدخل السلخانة بمياه الصرف الصحي الملوثة ببقايا الحيوانات والدماء واللحوم.
فأحدثت فوضى في المكان فانهارت السراميك وتصدعت الحوائط فضاقت عليهم الأرض بما رحبت , فكتبنا وإنتقدنا سوء الأسس الإدارية والهندسية وعن الغش والتلاعب في المواصفات فلم تتم محاسبة أحد, ولم يسأل أحد وأكثر من ثلاثين بهيمة تذبح من الأبقار ويتحصل على الرأس ثلاثون جنيهاً وأكثر من 25 خروف يذبح ويتحصل على الرأس أكثر من 15 جنيه , فمن المستفيد من تحصيل هذه الرسوم , وأكثر من 40 عام والسلخانة مازالت كما هي تقف شاهدة على سوء المكان والإهمال والقذارة وغياب الإدارة فإذا هذه السلخانة سئلت بأي ذنب أُهملت وبأي ذنب نهبت , وبأي ذنب ذبحت, إنها الكآبة وسوء المنظر والمنقلب وفظاعة الأوضاع هناك, السلخانة ليلها كنهارها أصبحت موطن للكلاب الضالة والعقارب والثعابين . والطيور الجارحة حتى طائر العنقاء يعيش في هذا المكان والجزارون يعانون من ظلام المكان وقسوته فهم يدفعون الرسوم وتتحصل منهم الضرائب رغم كثرة الإحن والمصائب ورغم سوء الزرائب.
إنها محنة أهل الحصاحيصا التي جعلتهم يغضون الطرف عن الجرائم والفضائح هناك فلا مسئول من أهل الصحة أو من أهل السلطة تقدم لإزالة هذا التراكم فحتى البهائم التي تذبح مجلوبة من (الحبشة) تصوروا أنها أبقار حبشية تحمل من الأمراض ما تحمل . فكيف يتصور العقل أن هذه الأبقار المجلوبة بعلتها من بلاد بعيدة ومرتفعاً ثمنها ولا وجود لثروتنا الحيوانية المفضلة عالمياً , فكيف يستصحبون العلة من دول الجوار وكم من الاكباد وجدت تالفة وتم حرقها في محرقة السلخانة وكيف لا يتأتى ذلك والذبائح المسجية على الأرض الملوثة بالتراب وهذه الدماء الطافحة والممزوجة بالفرت وبقايا الحيوان واللحوم والشحوم فهل هذا غير كافي لنقل العدوى للبهائم في الزرائب اللصيقة وهناك فيروس يخرج من الأحشاء والدماء والكبد وينتقل بواسطة الناموس كما ذكر لي أحد الأطباء البياطرة وأنه يتسبب في أمراض الحمى (القلاعية والنزفية) و(حمى الوادي المتصدع) وهل ينجو المواطن الذي يتناول هذه اللحوم من المرض , فإن أمراض السرطان والنزلات المعوية أسبابها هذه اللحوم التي تباع للمستهلك وهي مذبوحة على سطح الأرض , وتنقل إلى السوق بواسطة عربات الكارو , التي تجرها الحصين فأين وزير الصحة ووزير الثروة الحيوانية من هذا العبث.
كيف تتحصل الرسوم منذ عشرات السنين , وكيف تذهب إيرادات الحصاحيصا إلى مدني , فمن هو المستفيد , فإن كانت هذه الإيرادات تذهب بواسطة وزارة الثروة الحيوانية فلماذا لم تسعى إلى نهضة السلخانة وبناء مسلخ بصورة حديثة, لأن إيرادات هذه السلخانة هي الأعلى نسبة مع ود مدني, فكيف يتسنى لهم إهمال مسلخ الحصاحيصا الغني بموارده , وتأهيل سلخانة ود مدني.
تظل الحصاحيصا هي البقرة الحلوب والبلد المنهوب فحتى لا تخدع بالإصلاحات الجارية في المذبح الرئيسي فإن لم تشمل الإصلاحات توسعة البئر, وتوسعة السلخانة وتصليح الكمبرسون وتنظيف المنهولات, و مراجعة مصارف المياه تصبح ضحك على الدقون.
حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه فنحذر من تلوث المكان وتدفق المياه الآسنة المصحوبة بالدماء والفرت.
على مستنقع السلخانة الذي حوته الحشرات والديدان والناموس والذباب فشكل هاجساً لأهل أركويت والمنصورة والضقالة فإن الروائح النتنة, جعلت المصلين في مساجد أركويت يشتكون لله في سجودهم, بعد أن تأذوا من روائح السلخانة إنهم يرفعون أيديهم لله عن الذين تسببوا في أمراض المواطنين وتسببوا في علتهم, فمنهم لله الذين لوثوا لنا طعامنا ولوثوا أجواءنا فمن ينتشل السلخانة من هذا الهوان ومن يحمي أهل الحصاحيصا من سوء الذبائح ومستنقع الأسى والفضائح وإليكم هذه المشاهد لتحكموا بأنفسكم على الوضع الذي نعيش فيه
كانها مخلفات من الحرب العالمية الاولى
في بشاعة يا اخوانا اكتر من كدا؟؟؟
هذه الصورة ليست من العصور الحجرية لكنها في العهود الغجرية
المستنقع الاثن بالقزارة والعفانة في واجهه السلخانة
المحرقة
ابقار حبشية محاصرة بين سوء الزرايب والمصايب