مقدمة :
لفترة امتدت من سبتمبر 2011 وحتي للحظات قبل كتابة هذا المقال كنت اكتفي بالمرور والإطلاع علي حيثيات كتابات بورداب دوت كوم ، فكما يقول المثل الفينا مكفينا وصارت كل الهموم الشخصية محتومة ومحصورة بين ساعات الغسيل الكلوي وساعات اخري مسلوخة الارادة لشئ من العمل يهيئ لنا سبل الحياة ويقوم لنا معاشنا الذي لن يتوقف وان توقف خفقان قلوبنا .
الزفرة الاولي :
نعي الناعي للشعب السوداني وفاة الشاب / المطرب نادر خضر (رحمه الله) بذات الشاكلة التي نعي بها من قبل الخالد /الخالدي وبعده غادرنا فراش القاش وقبل ان تجف الدموع غادرنا ملك ملوك مطربي افريقيا الراحل المقيم وردي ، ووسط هذا الضجيج من الرحيل غادرنا الزول / حميد وإننا لا نقول إلا ما يرضي الله ، فأنهم ليسوا بعزيزي علي ربهم ، فأنهم ذهبوا وكذا نحن ذاهبون حتما ولا بقاء إلا لوجهه الكريم .
بالأمس وعلي احدي صفحات جريدة الراكوبة الالكترونية كتب استاذنا / سيف حمدنا الله عبد القادر مقالا تعقيبا علي وزير العدل السوداني بأحدي المؤتمرات الذي انعقد بأديس ابابا وقد ذيل مقاله بالترحم علي الشاب الفقيد / نادر خضر وقد هبش الاستاذ سيف بيراعه احساسنا وأضاف سطرا من الشفافية عن ماهية الحزن الذي اكتنفنا ، ففي اشارة منه الي مدي ما كان يحس به المرء وهو يستمع لنادر خضر فهو احساس عادي بشجن الكلام والذي تتوزع درجات اصابته لزون الاحساس ولم نكن ندرك ان صوت نادر نفسه كان صوت امل شاب يتجدد دوما بإحساس ان ما ذهب سيعود وإننا بخير .
زفرة ثانية :
غادرت الحياة الدنيا بنفس الباب الذي اتت به وبذات الشفافية والبساطة والطيبة الحاجة المغفور لها بأذن الله / سكينة عبد الحفيظ والتي عرفناها بسكينة ام الحمور ، غادرت لتلحق بالكثير من اهل الاوسط العريق ، فقد كان الاوسط والذي يحلو لأهل السياسة بتسميته ب (كرش الفيل ) هو الحاسم لنتائج الانتخابات التي جرت بالعهود الديمقراطية ، و كانت رئاسة مراكز الانتخابات تركز جهودها وتقدم اقوي مرشحيها للدائرة (86) الحصاحيصا الغربية وكانت صناديق الاقتراع حبلي بالمفاجآت وكان صندوق (الحي الاوسط) سيف الحسم ، وكم من مرة حسم فيها الامر لصالح اهل الدار بالثقل الانتخابي لصندوق الحي الاوسط ، في ذاك الزمان وقد ارتبطت تلك الذكريات بشخصيات ربما لم تكن تفهم بمسائل السياسة ولكنهم كانوا يفهمون ان هنالك منطقة تسمي بمنطقة الواجب الوطني لم يكن يحيدهم عنها مال او وعد ، كان دعواتهم لأداء واجب الاقتراع مرتبطة بذهنية نصرة الحصاحيصا وكانت اصواتهم تفرز علي مبدءا الانتماء لا الشراء .
نعم انه الرحيل المر ، فرحيل نادر هو رحيل للكلمة الشابة ، ونبرة اللحن الواعدة بغد افضل ورحيل سكينة رحيل لجيل كامل عطر وجوده تلك الرقعة المميزة من الحي الاوسط (بردب بردب) بحكاياتها التي تصدرتها السيرة العطرة لعمنا الراحل المقيم / اب قران والشريط الذي حمل ذكريات سكينة وحكاياها مع ابناءها شهاب الجو والحمور ، وقصة يوسف النيل مع القطار وإبداعات لغوية اشتهر بها جدنا / ود تمساح وحكايات لا تحصي لبقية العقد الفريد .
اننا نتجه الان لمرحلة اندثار معالم مدينة ، وكم كنت اتمني ان نوثق لهم قبل الرحيل لنحتفظ بحالة انسانية افتقدناها في عصر (مال الانقاذ) الذي سحب بعمد وإصرار رحيق المدن ونكهة الحياة وابدلها مالا كريها حل مكان القيم وطيبة البشر .
اللهم ارحم نادر خضر وأبدله شبابه الجنة .
اللهم ارحم الحاجة سكينة ووسع قبرها ، اللهم ان كانت مسيئة فتجاوز عن سيئاتها وان كانت محسنة فزد في حسناتها .
اللهم ارحمنا اذا آلينا الي ما آلوا اليه .
امين يالله .
[b]