أول ما ربنا ابتلانا بالإنقاذ سنة 1989 ومن يومها بدل ما ينقذونا دردقونا لي قاع الأرض، وبعد أول بيان عسكري لهم قالوا لازم تشدوا الحزام، قلنا ليهم نحن بقينا خبراء في شد الحزام من زمن النميري، قاموا قالوا لينا، الحزام الكنتوا رابطنوا مَرخِي، ودا ما مكانو الصحيح، وقاموا من البداية في الاستثمار في كيفية وموقع ربط الحزام، وتم فتح معاهد تابعة للرعيل الأول من ثورة الإنقاذ "مجازاً" من أجل تعريف الشعب السوداني كيفية ربط الحزام وشَدَهَ.
وبعد أن عرف جميع الشعب السوداني المغلوب على أمره كيفية ربط الحزام، وهم بهلوها على نفسهم في البداية رغم الموارد الشحيحة التي كان يتمتع بها السودان في بداية عهدهم بالحكم وأيام هي لله، ثم بعد ذلك جاء البترول وزادت الإيرادات وتنغنغ أركان النظام الفاشي في العز، وترهلت الحكومة وصارت الوزارة الاتحادية مكونة من خمسة وأربعين وزير غير وزراء الدولة، وحكومة للولايات بنفس العدد من الوزراء، بالإضافة إلى المجالس التشريعية التي تزين الباطل، وصار الوزير لديه أسطول من السيارات، وللأسرته نفس المخصصات وسفرات إلى خارج البلاد من غير سبب، وكل ذلك والشعب السوداني المغلوب على أمره مازال رابط وشادي الحزام.
ومرت سنين الرخاء وأعقبتها سنين الجفاف، وجقلب الجماعة الفاشيين، بأنهم سوف يخفضوا عدد الوزراء ويتم تخفيض المخصصات، ورغم هذه الزنقة التي هم فيها إنهم يمارسون عادتهم التي لن يتخلوا عنها وهي الكذب ثم الكذب، على أمل أن يصدقهم الشعب السوداني بأنهم هذه المرة صادقين، ولكن كل الدلائل تشير أن إعلانهم عن تخفيض البذخ الذي هم فيه كلام للاستهلاك المحلي وتخدير لهذا الشعب المغلوب على أمره، بدليل من يريد أن يتنازل عن بعض من مخصصاته، أن يكون قد أحصى كل ما لديه وعرف العائد الذي سوف يدخل على خزينة الدولة من التوفير الذي سوف يحصل، ولكن كل ذلك لم يحصل، إنما كلام في الهواء من غير أسانيد وأدلة وفي النهاية "الكلام مش بي فلوس" والبلد بلدم وهم أحرار فيه والماعاجبوا لو راجل ينزل الشارع