سهر الجداد الانقاذي ..
محمد عبد الله برقاوي..
bargawibargawi@yahoo.com
بدايات الحركة الجماهيرية ، ما أن تفوح رائحتها في الجو العام والتي غالبا ما تكون لها مسببات آنية مرتبطة بتراكمات طويلة كالحالة السودانية الماثلة الآن ، حيث تتململ ثورة الشارع تحت رماد لهب الهم الطويل الحارق لأجساد الناس في معيشتهم وكرامتهم وخدماتهم ، وفي كل شيء بشع يمكن ان يتصوره الانسان !
فان ذلك بالمقابل يدفع النظام في غمرة تظاهره بانه أقوى من اية حركة مناهضة له وهو في حقيقة الآمر ذروة الشعور بالخوف ، الى محاولة الدفع بعناصر أمنه للتصدى لتلك البوادر متوهما أنه يستطيع ان يحتويها في مهدها !
الآن لا ينبغي أن نتصور ببساطة وفي سذاجة أن حكومة الانقاذ وهي تقدم رجل وتؤخر الثانية في اتجاه اعلان حزمة اجراءتها الاقتصادية التي ستأتي على البقية الباقية من مروة المواطن على مصارعة الحياة القاسية ، أن الحكومة تتلمس الطرق المثلى لتفجير القنبلة بهدوء مع اعداد سيناريو حكيم يمكنها من امتصاص نقمة الشارع ، دون مواجهة عنيفة وقد نضب فعلا معينها من التدبر العقلاني!
بل هي في الواقع تعد وتستعد بكل الاحتمالات السيئة لقمع أى حركة تستهدف بقائها وبأعنف الأساليب ، ولعل البروفات التي تمثلت في طريقة التصدى لمناظر فيلم الانتفاضة مع الطالبات والتحوط باغلاق الجامعات وربما اعلان حالة الاستنفار القصوى أو تأجيل فتح المدارس هي خير مثال على سوء نية أجهزة أمن الكيزان بدوائرها المختلفة والمتعددة نحو أتخاذ اقذر الوسائل واتباع كل الحيل التي يقصد منها أخافة الناس وثنيهم عن الخروج !
الآن عيون عصفورة الانتفاضة هناك ترصد وتقول ان خمسة عشر الفا بالتمام والكمال من
(جداد أمن الانقاذ ) يقسمون على ليالي العاصمة المثلثة و يجوبون شوارعها منذ أن يرخي المساء سدوله الحزينة عليها بواقع خمسة الالاف عنصر لكل مدينة و في أزياء مدنية بسيطة لاتلفت اليهم الأنظار وهم مسلحين بكامل عتادتهم ، يحسبون حتى خطوات القطط الجائعة عند المزابل وحركة ريش الطيور فوق الشجر ولا ينفضوا الا مع حلول الصباح ومن ثم يقوم مقامهم عسس النهار لرصد انفاس الشارع في غدو الناس ورواحهم !
نعم نحن لا زلنا ننادى باسقاط النظام عبر العصيان المدني الضاغط و الثورة السلمية وانتفاض حركة الشارع التي تجنبنا اهدار الدماء و بالتالي تمكننا من الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وبنية الوطن المنهارة أصلا ولا تحتمل المزيد من التهتك ، ولكن الكل يعلم أن المؤشرات كلها تنبيء بان نهاية هذا الحكم قد تختلف كثيرا عن خاتمة سابقاته من الديكتاتوريات ، فقد ارتبطت بها حياة الالاف من المنتفعين من المدنيين والعسكروالحرامية ، مما سيحتم عليهم الدفاع بشراسة وضراوة وهلع عن بقائهم الذي هو من بقائه !
لذا فان كتائب الحركات الثورية المسلحة في كل الأطراف الى جانب صفوف الذين نتوقع انشقاقهم من ابناء الوطن المخلصين الآخرين في القوات المسلحة و الشرطة لابد ان تكون جاهزة وقريبة لحماية المدنيين المنتفضين و لحسم المعركة لصالح الشعب والوطن متى ما تطلّب الأمر تلك النهاية التي لا نتمنى درءا للفتن والمجازر أن تصل اليها عاقبة الأمور في مواجهة قلة من الانتهازيين الذين نهبوا وافسدوا ولا زالوا يراهنون على الزمن لاستمرار التسيد والسيطرة و الركوب على ظهر الشعب و
( دلدلة الأرجل )
بالمزيد من فرض سياسة تجويعه بغرض اخضاعه خانعا واضغافه لتركيعه !
ولنا في سلوك النظام السوري درسا لابد من استيعابه حيث ترتكب كلاب الحكم وشبيحته ، ما لم تفعله اسرائيل على مدى احتلالها وغزواتها !
وهي جحافل مرعوبة في الواقع تقتل الثوار حفاظا على ذاتها من خلال مساندة النظام الأسدي الباطش للانسانية مما أدى الى انشقاقات في الجيش وبعض الشرفاء من رجال الشرطة وكانوا نواة للجيش الحر الذي أصبح ندا مؤرقا لعيون النظام وسدنته المتوحشين!
فهل نعي الدرس ونعد لهم ما استطعنا ، مثلما استعدونا بتجهيز جيوش
( جداد أمنهم )!
و ما النصر الا من عند الله ، ولكن أيضا بعزم وايمان جند كل قضية عادلة ودون خوف..