خرجت الجماهير فى كل المناطق والمدن ومن كل الفئات والاعمار الى الشارع لتعبر عن رأيها وضيقها بسياسات الحكومة التى تسعى الى تحميل المواطن فشل وخطل وأخطاء سياساتها طوال ثلاثة وعشرين عاما ، ما زال المواطن يدفع فواتير أخطاء وجرائم الحكومة وما زالت الحكومة ترهق اكتاف وظهور المواطنين بأعباء تنوء بها الجبال ، ما زالت الحكومة تبدع فى ايجاد المبررات والاعذار الواهية ، لقد نفد صبر الجماهير ، لقد اصبح معاش الناس فى ضيق بين ، تزداد الاسعار بأرقام فلكية وتزداد تكلفة الحياة فى أكل العيش والصحة والسكن والعلاج والتعليم ، وما زال الحاكمين بأمرهم هم نفس العقليات ، نفس الذهنية ، فيهم من ظل يقبع فى كرسيه لمدة ثلاث وعشرين عاما وهو عاطل عن كل موهبة وعاطل عن كل مؤهل ، وفيهم من جاء بنفس النهج ونفس التفكير ونفس السلوك ، دمروا كل مؤسسات الوطن ومشاريعه ، تدمر مشروع الجزيرة ، تدمرت السكة حديد ، تدمرت سودانير ، بيعت اراضى السودان فى المزادات العالمية ، انتزعت اراضى الولاية الشمالية وسلمت لوحدة تنفيذ السدود والتى بدأت تعرضها لمن يدفع اكثر ، بيعت اراضى لحزب الوفد المصرى ، بيعت اراضى لمستثمرين سعوديين وقطريين ، تدهورت عملتنا ووصلت الى الحضيض وما زالت مرشحة الى النزول ، فقدنا الجنوب ثلث السودان ووعدت الحكومة الناس خيرا بانفصاله واتضح ان كلامها كان سرابا واعترفت اخيرا بخطأها بعد ان بان الخطأ فى ارزاق ومعاش الناس ، ما زالت حلايب فى يد الغير وكأن سيادتنا على اراضينا تتجزأ ، استنفرت الحكومة الناس لهجليج باسم السيادة والكرامة وحلايب تنظر الينا بأسى وحزن ، ما زالت اراضينا فى الفشقة فى ايادى الغير ، انتهت حرب الجنوب ولكن استعضنا عنها بحروب جديدة فى جنوب النيل الازرق وجنوب كردفان ودارفور ، وما زال الدم السودانى ينزف ، اما عن الصحة فحدث ولا حرج ، من لا يملك لا يستطيع ان يعالج نفسه واسرته ، اما عن التعليم فأيضا حدث ولا حرج وضح ذلك فى النتيجة الاخيرة من هم الاوائل ومن هم الذين يستطيعون ان يعلموا ابناءهم فى المدارس ذات التأهيل والبنيات والجامعات ذات التأهيل والبنيات ، اما عن العطالة فحدث ايضا ولا حرج ، خريجوا الجامعات والكليات من مهندسين واقتصاديين وغيرهم عاطلين عن العمل وبعضهم امتهن بيع الاسكراتش وقيادة الركشات ، ما زالت الاجهزة الامنية تمارس دورها فى قمع وكبح الحريات ، تقفل الصحف وتمنع من الصدور ، تمارس الرقابة القبلية على الصحف بمنع المقالات والصحفيين الشرفاء من الكتابة ، وترفض التصريحات بقيام الندوات والتجمعات كل هذا يتم فى مخالفة واضحة وصريحة لوثيقة الحريات المضمنة فى الدستور ، ممثلين الشعب الذين يفترض انهم حادبين على مصلحة المواطن اكثر من مصلحة الحكومة اجازوا التعديلات على الميزانية قبل عرضها بهتافهم ( مجازة مجازة ) وهم جالسون كلهم فى مؤسسات كرتونية همهم انفسهم فقط لا المواطن المسكين المغلوب على امره والعامل البسيط الذى يكدح يومه كله بأجر محدود ليوفر لقمة شريفة لأسرته والمزارع الذى يطمح فى زيادة انتاجه والدولة لا توفر له البنيات الاساسية من مياه وتمويل ومدخلات انتاج ، اما الفساد ، فساد من يجلسون على كراسى الحكم فقد ازكم الانوف وفاحت رائحته ولاول مرة فى التاريخ يأتى من اناس كان الظن فيهم انهم من اهل التقوى والورع مثل مدراء الاوقاف والشؤون الدينية الذين يأخذون مرتبات بعقود مليارية ومدراء البنوك ووزراء يستحلون المال العام بدون سبب ولا قانون ولا لائحة .
هذا غيض من فيض وجاءت الزيادات الاخيرة والسياسات الاخيرة وكانت القشة التى قصمت ظهر المواطن فخرج الناس اجمعين فى بحرى حلة حمد سدت النساء الشوارع ، فى ودنوباوى ، فى الديم ، فى الرياض والجريف غرب ، جامعة الخرطوم ، طلاب المصارف ، جبرة والصحافات ، فى الكاملين ، فى القضارف ، فى العيلفون ، فى ودمدنى ، فى كسلا ، فى بورتسودان وفى اماكن اخرى ، خرجوا يعبرون عن رأيهم فى انه ( كفى ) كفى افقارا وذلا ، بالطبع قابلت الحكومة كل هذه المظاهرات بعنف واعتقال واساءات من شاكلة شذاذ الافاق والمندسين والاجانب وغيرها ولكن كلنا شهود على ان نفس هذا السيناريو قد تم تطبيقه وقوله حرفيا فى تونس ومصر وليبيا وما زال فى سوريا واليمن ، الحكام فى تلك البلدان وصفوا شعوبهم الذين ثاروا عليهم بنفس الاوصاف ، مرتزقة وجرذان ومن انتم ومهلوسين وارهابيين وغيرها ولكن دارت الدائرة عليهم منهم من قبض عليه وتحاكم واصبح اسيرا فى قفص الاتهام ومن صفه بالاوصاف غير اللائقة جلس فى محله فى كرسى الحكم وآخر وجد طريدا شريدا فى ما سورة مجارى ولم يمهله شعبه حتى يحاكم بل قضى عليه فى محله وآخر هرب واحتمى بدولة اخرى وا زال شعبه يحاكمه .
كانت دائما الحيصاحيصا فى المقدمة ، وكان اهلها دائما أكثر احساسا بالظلم واكثر احساسا بمعاناة الناس ، خرجوا يعبرون عن رأيهم لم تثنهم ادوات القمع ولا التضليل الذى يمارس عليهم ان كان بأسم الدين او بأسم السياسة ، مالى اراها الآن متأخرة عن ركب المدن الاخرى ، لا نريد عندما تحين ساعة جرد الشهادات ان نجدها فى مؤخرة النتائج ، يجب على كل شرفاءها ان يساعدوا فى تضييق الحلقة على الظالمين ، عليهم ان يرفعوا صوتهم عاليا بالشجب والادانة والفعل لكل من اذل الناس ويفقرهم يوميا .
نرغب فى أن نسمع الحيصاحيصا تتصدر الاخبار بعواصف رفضها
مع تحياتى