من المعروف عن الشعب السوداني هو في الأساس مجتمع رعوي والمجتمع الرعوي غالبا ماتكون ثقافته شفهية أي غير مدونة , ولازال هذا الأثر سائدا حتى ألان فعلى الرغم من وجود القنوات الفضائية وجاذبيتها إلا أن الغالبية مازالت تفضل الونسة في المجالس أو الشوارع .
والشارع من المكونات المهمة في تكوين الفرد السوداني وهو المثلث الثالث
بعد الأسرة والمدرسة, واراهن أن معظم الشعب السوداني تكونت ثقافته الجنسية من خلال الشارع, لأنه من المواضيع الصعب تناولها في الأسرة أو المدرسة .
علي مااذكر كان لنا مجلس عامر للونسة والنكات وتبادل القفشات ,وكان ريحانة مجلسنا العم لمسة , وقد أسميناه لمسة لثرة استعمال هذه الكلمة عنده
فهو يستعملها في أي شيء , فيقول كنا نلعب كوره وكنا نلمس الكرة لمس شديد
أو عندما يصف طريقته في العزف علي الموسيقى فيقول انه كان يلمس الجيتار لمس ببراعة, ولهذا السبب أطلقنا العم لمسة , ولكنني أري أن الشيء الذي كان بارعا فيه وكان يلمس فيه هو النكات والمنولوجات بادئه كأنه فان يلمس بريشته وكان بارعا في عزف الهارمونيكا , وكانت له مقدرة فائقة غناء الأغاني الهندية وذو بديهة قوية جدا , وكان يلعب معنا الكرة على الرغم من انه تخطي الخمسين بمراحل, ولكنة كان كثير السفر
يظهر حينا في الحي ويختفي في معظم الأحيان وفي كل يقول انه أتي مدينة مختلفة , فهو حينا يأتي من الهلالية , وحينا من أم شانق وحينا من الكاملين.
وذات مره بينما كنا مجلسنا وكان العم لمسة كعادته عندما يحضر يصمت الجميع وهو من يتولى الحديث والقفشات ,كانت هناك حركة كثيرة جدا في الشارع وما إن يدا في النكتة إلا وتظهر أمراه في الشارع فيصمت حتى تعبر الشارع ويواصل بعدها وما إن يبدأ قصة حتى يظهر طفل فيصمت وبعد مروره يواصل حكاياته . وعند نهاية الجلسة قال لنا ( كنت سأقول كثير من النكات ولكن شارعكم هذا فيه فواصل إعلانية كثيرة جدا)
وذات مرة سألناه لماذا يطيل الفاصل الإعلاني عند قدوم أمراه فقال
( إن المراه لديها حاسة سمع اقوي تستطيع أن تلتقط من مسافات بعيدة جدا وإذا سمعت كلمة واحدة تقوم بتحليلها حتى تصل إلي الموضوع الأصلي بمهارة يحسدها عليها شرلوك هولمز).
وتعجبت كيف أن الأخ/ حسن وراق لم يذكره في ظرفاء الحصاحيصا مع إنني متأكد من أن العم لمسة إذا دخل معهم في مناظرة سيتفوق عليهم جميعا بالضربة القاضية, وربما يكون السبب إن الأخ / حسن لم يلتقي به نسبة لفواصله الإعلانية التي يجيدها العم لمسة إجادة تامة ولا يستطيع أن يخترقها إلا من كلمة سر لدخول منتداه أو يحمل عضوية.
ومن الشخصيات التي كانت تحضر إلي مجلسنا باستمرار شخص كنا نطلق عيه اسم السيكبانا وهو من الشخصيات المرحة جدا ولديه موسوعة من النكات ولكنه لايصل لمستوى العم لمسة وقد كنا نضعه كلاعب احتياطي في إثناء سفرات العم لمسة , وفي إحدى المرات عندما كان السيكبانا يحكي إلي في نكتة كانت خلفه أمراه لم يرها فقلت له غير الموجة فما كان منه إلا أن قال لي ( والله خايف ألف الموجة شديد لمن اقطع خيطها ) وقد كانت الدعة التي جدعها لي اظرف من النكتة,
والسيكبانا من الشخصيات البارعة في تغيير الموجات واذكر ذات كنت يتحدث لنا عن شخص ما بحديث لايحبه ذلك الشخص , وفجا كأنما انشقت الأرض وظهر ذلك الشخص أمامنا فجاه فما كان من السيكبانا إلا أن قام بتغيير الموجة في جزء من الثانية من امدرمان إلى هيئة الإذاعة البريطانية بمهارة فائقة
فقال ( الم اقل اللاعب وارغو هذا ماسورة والله جمال الوالي بيضيع في قروشو في الفاضي ). وأخيرا أقول:
إذا كنت في مجلس تحكي النكت وتقول القفشات
وفجاه رأيت أمامك صبية في الشارع ونساء عابرات
فخير حل لك هو أن تواصل حديثك وتقوم بتغيير الموجات
وإذا لم تستطع فاصمت واعمل فواصل إعلانات
عبدا للطيف عوض الله – الحصاحيصا - الامتداد