العنوان بالعربية : آلام فيرتر
العنوان الأصلي (بالألمانية)
المؤلّف : يوهان جوته Johann Wolfgang von Goethe
شحذ جوته كل عبقريته ونصاعة بيانه، لتصوير بطل روايته الأول، فجمّع فيه مزيجاً من الخصال والطبائع والميول المؤتكفة والمختلفة، فإذا هو نسيج وحده، لا يكاد يشبهه واحد من أبطال الروايات المعاصرة. لكنه مع ذلك، نموذج عجيب للبطل الرومنطيقي الذي جسد أهم ملمح من ملامح المذهب الرومنطيقي، أو وحدة المتناقضات في إطار من النزعة المثالية، المقدسة للحرية في شتى ميادينها العاطفية والعقائدية والفكرية.
فمسار الأحداث وتتابعها في الرواية يصدعان القارئ ويسدان عليه منافذ الراحة والاسترخاء لشدة التأزم التصاعد باستمرار، وإحكام السدود أمام فرص الخلاص البهيج الذي يتوهمه القارئ لهذا البطل الذي خلق ليكون قربان كل المتيمين في الحبّ، المحترقين في أتونه أعظم احتراق.
لم يكن سلوك فرتر في الرواية التي تحمل اسمه، طفرة قصصية خطرت ببال مؤلفها، بل هو أصل في تفكير جوته ونزوعه الوجودي، وأصداء لما عاناه من تجارب الحبّ المتعاقب مع عدد كبير من النساء، في مراحل عمره المختلفة.
على ضوء ذلك يمكن القول بأن القراءة المتأنية التي أولادها الدارس لقصة آلام فرتر، واستحقاره للتجربة الشعورية والوجودية التي اعترت مؤلفها، وتأمله لآفاق الفكر والسلوك في حياة جوته، هي وحدها الكفيلة برسم دقائقها ولطائفها التي ترتعش بين السطور وخلف الظلال، متدفقة في أودية الرواية وهضابها وسفوحها بلا توقف، وكلما أعيدت القراءة، انكشف للدارس ملامح أخرى وخطوط جديدة لم تكن بائنة من قبل، واتسعت دائرة التأمل والاطلاع لتشمل سائر الشخصيات والمحطات.