(( كشف تقرير المراجع العام عن فضحية داوية وذلك باختفاء منحتين ماليتين بقيمة تفوق الـ 500 مليون دولار ! تسلمتهما من دولتي قطر والجزائر في وقت بلغت فيه حجم الأموال المعتدى عليها مبلغ 3،8 مليار جنيه ” بالقديم” خلال الفترة الممتدة من سبتمبر 2011 وحتى أغسطس الجاري مما يعكس ثقافة الإنقاذيين في التعامل مع المال العام، واستشراء الفساد لعدم وجود المراجعة والمحاسبة والشفافية حيث ظل السودان يحافظ على مرتبته ضمن أكثر ثلاث دول فساداً في العالم وفقاً لتقارير منظمة الشفافية الدولية .
وقدم المراجع العام يوم أمس تقريره السنوي، و كشف ديوان المراجع العام أن حجم الاموال المعتدي عليها من قبل الاجهزة الحكومية خلال عام واحد بلغت 3.8 مليار جنيه بالقديم. وقال المراجع العام لجمهورية السودان الطاهر عبدالقيوم إبراهيم في خطابه أمام المجلس الوطني أمس أن هذه هي حجم الاموال المعتدي عليها خلال الفترة من سبتمبر من العام 2011 وحتي أغسطس من العام الحالي. وأكد عبدالقيوم ان حجم المتاخرات للبنك المركزي علي مؤسسات الدولة بلغ 150% كما بلغ الدين الداخلي لمختلف الشهادات المالية 11 مليار جنيه. وعزا عبدالقيوم بصورة واضحة اسباب الفساد المالي الي غياب الاشراف الحكومي والمؤسسية وضعف الرقابة الداخلية.
إلا أن الأخطر في تقرير المراجع العام هو الفضيحة المالية الكبيرة لوزارة المالية نفسها، وكشف التقرير عن اختفاء منحتين تسلمتهما الوزارة من دولتي قطر والجزائر. وقالت انها سلمتهما لوزارة التعاون الدولي عند مساءلة ديوان المراجعة للوزارة المالية : لكن المراجع أكد ان هذه الاموال لم تظهر في حساب وزارة التعاون. وفيما لم يحدد المراجع قيمة المنحتين الا ان مصادر أكدت لحريات انها تجاوزت ال 500 مليار دولار. .
وقال خبير اقتصادي تحدث إلى (حريات) ان حجم الاموال المعتدي عليها يتجاوز هذا الرقم بكثير نظرا لخروج الكثير من المؤسسات خارج اطار المراجعة العامة وعدم مقدرة المراجع لضعف صلاحياته في الوصول اليها أو التحدث عنها ، مثل وزارات الدفاع والمالية والاجهزة الامنية والتي تبلغ نسبة 70 % بالمائة من مجمل الميزانية العامة ، وتبعا لذلك يصف الخبير تقرير المراجع رغم أهميته بضعف التأثير في ضبط أوجه الصرف ومراقبة المال العام ومنع الفساد ، باعتبار ان الفساد يعني مؤسسات الدولة المؤثرة والتي تسير الحكومة نفسها في عهد الانقاذ. مقللا من أهمية التقرير الذي اصبح مجرد اجراءا سنويا تزين به الانقاذ نفسها لان وجه الفساد الانقاذي أكثر قبحا وأضل سبيلا علي حسب قول الخبير.
يذكر أن المراجع العام ظل يقدم تقريره لكن لا حياة لمن تنادي، بل العكس فإن السلطات تحمي المفسدين بضرب جدار من السرية حول معاملاتهم المالية، وتمثل القوات النظامية بأفرعها المختلفة معقلاً للفساد المدجج بالسلاح، حيث يرفض مسؤولو الأمن الوطني والشرطة والجيش تقديم حسابات مؤسساتهم المالية سنوياً، بل أن تلك المؤسسات تهدد أي مراجع يقترب من تلك الأقبية، والدهاليز التي تخبئ فساد المشروع الحضاري، مضافاً إلى طبيعة تلك الأجهزة العدوانية والعنصرية، بعد أن تحولت إلى مليشيات لحماية عمر البشير وأفراد أسرته وقيادات الفساد في الدولة الرسالية، والتي ترفع شعارات ” هي لله هي لله لا للسلطة لا للجاه!” )). حريات