المصنع الوحيد لإنتاج الخميرة بالسودان يتعرض للانهيار
لإنقاذ المصنع..المطلوب 3 مليون دولار فقط
الحقيقة الغائبة من أفواه العاملين
من هو المستفيد الحقيقي من قفل المصنع؟
هذا التحقيق كان قبل اغلاق المصنع وتم نشره في صحيفة الميدان
اللآن المصنع تم غفله نهائيا وتمت تسوية اوضاع العاملين
إعداد/ حسن وراق
الاعتصام الذي نفذه العاملون بمصنع الخميرة بالحصاحيصا كشف الكثير من المسكوت عنه فيما يتعلق بصناعة التخمير في السودان و مستقبل مصنع الخميرة وقضايا العاملين والظلم الواقع عليهم والتنكر الصريح لحقوقهم والتي بلغت حد عدم صرف الأجور والمرتبات وتصبح قضية العاملين تدور في محورين , الأول يتعلق بحقوقهم والآخر يتعلق بالمحافظة علي المصنع واستمرار يته كقطاع إنتاج وحيد بالبلاد يجب أن يصمد في وجه التردي والانهيار الذي تتعرض له الصناعة بالبلاد و حتى لايتعرضون بالتالي للتشريد ويصبحوا رافدا آخر من الروافد الكثيرة التي تصب في نهر العاطلين والمشردين عن العمل بالبلاد.
نبذة عن المصنعيعد مصنع الخميرة بالحصاحيصا والذي يتبع لشركة التخمير السودانية , المصنع الوحيد بالبلاد وبالقارة الأفريقية ( ما عدا مصر) . نبعت فكرة إنشاءه عام 1980 من قبل احد رجال أعمال القطاع الخاص وهو المرحوم المهندس حسن درويش, وتنطوي فكرته علي استخدام المولاس لتغطية الاستهلاك المحلي من الخميرة.في تنفيذ الفكرة ساهمت مؤسسات تمويل مالية من بريطانيا والد نمارك بالإضافة إلي مؤسسة التنمية السودانية في رأس مال المشروع بالمنح والاقتراض.
رأس المال المستغل في شراء وتركيب المعدات والماكينات بلغ 7.5 مليون دولار بتصميم لينتج 800 طن خميرة كطاقة فعلية في المرحلة الأولي مع إمكانية توسعه مستقبلا لينتج 2000 طن سنويا بإنتاج يفيض عن الاستهلاك المحلي ليساهم بالتالي في دفع عجلة الصادرات لكل دول الجوار التي تستورد الخميرة ما عدا مصر.
توقف المصنع في العام 1983 حتى عام 2001 لتتم إعادة تأهيله بواسطة خبراء هنود وبعدها أصبح المصنع شراكة بين مؤسسة التنمية السودانية بنصيب 60% من الأسهم مقابل 40% مناصفة بين المهندس حسن درويش والمساهم اللبناني نبيل الغندور. يعتبر العام 2003 البداية الحقيقية والفعلية للإنتاج لتبدأ بعد عامين فقط في 2005 ظهور المشاكل المختلفة المتعلقة بالإدارة والتسويق وشح الموارد التمويلية والتي ترتبت عليها العديد من المخالفات التي قادت لتوقف المصنع في مطلع يونيو من العام الحالي 2008 .
[b]الحقيقة من أفواه العاملين:من داخل مصنع الخميرة بالحصاحيصا التقت ( الميدان) بالعاملين المعتصمين بمكاتب الإدارة حيث تحدث رئيس نقابة العاملين السيد/ علي عبدالعاطي موضحًا جملة من الأسباب التي استدعت إلي الاعتصام وحقائق أخري حول تردي الأوضاع بالمصنع مبتدراً حديثه قائلاً:-
قررنا الاعتصام كخطوة أولي لها ما بعدها بسبب عدم صرف المرتبات والغموض المضروب حول مصير المستقطع من مرتبات العاملين لصالح مال التأمين والذي يبلغ حوالي 128 مليون جنيه بالإضافة إلي حوالي 850 مليون جنيه خاصة بحقوق ومكتسبات كانت تعطي للعاملين في السابق ولم يتم الفصل فيها حتى الآن . إننا في النقابة نقوم بالدفاع عن حقوق العاملين وصيانة مكتسباتهم الاخري بالذات في هذه الفترة التي تشهد محاولات جادة لتصفية المصنع مقرر لها قبل الثلاثين من يونيو من العام الحالي 2008 . اقترحت إدارة المصنع تسريح العاملين بعد صرف رواتبهم من غير الحقوق الاخري إلا أن مجلس الإدارة لم يستحب للعرض..تمضي الآن حوالي ثلاث أشهر ولم يصرف العاملون مرتباتهم حتى الآن ولهم من الالتزامات المالية الواجبة السداد ما يستدعي التحسب لأي ردود فعل منهم خاصة وإنهم فقدوا أي بارقة أمل لإنقاذ أوضاعهم المتردية والتي بلغت حدا لايمكن احتماله أو السكوت عليه.
لجأت مجموعة المخدمين إلي العديد من محاولات تخدير العاملين وتضييع الوقت لمصلحتهم وذلك بإشاعة أن المساهمين بصدد بيع المصنع لشركة ساف الفرنسية ( اكبر مصنع ومنتج للخميرة في العالم) والتي سوف تقوم بإعادة تأهيل المصنع وتوفيق أوضاع العاملين به إلا أن الأمر بات مجرد ادعاء تم تبريره بان الشركة الفرنسية أعادت النظر في قرارها بحجة إن طقس الاستثمار بالسودان غير مستقر بعد أحداث أم درمان الأخيرة.
وحول مراوغة المخدمين يواصل رئيس النقابة حديثه مضيفا انه اتصل تلفونيا بالمستثمر المساهم نبيل الغندور شارحا له أوضاع العاملين وضرورة الإيفاء بالالتزامات تجاههم إلا أن المستثمر عاد وحمل المسئولية لبنك التنمية الصناعية
( مؤسسة التنمية السودانية سابقاً) وكرر مؤكدا عدم علاقته بالعاملين
وبعد هذه المحادثة قابلنا المسئول عن ملف الخميرة ببنك التنمية والذي نفي علاقة البنك بحقوق العاملين والتي أرجعها إلي مسئولية المساهمين بوصفهم الممولون الذين يباشرون العمل بالمصنع..
لماذا توقف المصنعوحول الأسباب التي قادت إلي توقف المصنع تحدث السيد خالد علي العطا سكرتير نقابة العاملين بالمصنع موضحاً إن المساهمين قاموا بفصل التشغيل عن التسويق ليحدث نوع من الغموض حول تكامل حلقات الإنتاج ويلف الغموض موقف التسويق الحقيقي والذي يتكتم عليه المساهمون مرددين إن هنالك خسائر كبيرة في الإنتاج علما بأن الإنتاج يغطي مناطق كثيرة في الخرطوم , المناقل,مدني ,الفاو والحصاحيصا وكلما ترتفع أصوات العاملين تطالب بحقوقها يردد المساهمون اسطوانة إن المصنع خسران.. العاملون قاموا بدورهم الكامل وهم لم يتسببوا في الخسارة والتي نعتبرها أمر يهمهم وحدهم ومن جانبنا كنقابة علينا حماية حقوق العاملين في هذا الوقت العصيب.
من الناحية الفنية لاتوجد أي مشكلة فنية حول المكن وكفاءته ولا حتى الكادر الفني أو مايتعلق بالمدخل الرئيسي,كل المشاكل المتعلقة بهذا المصنع لاتخرج من حظيرة الإدارة.
بذلنا العديد من المساعي في إطار الطرح العادل لقضيتنا بغية إيجاد الحلول الناجعة, اتصلنا بالنقابة العامة والتي تستقطع منا اشتراكات بصورة راتبة إلا أنها لم تفعل شيئا حتى الآن وأبلغنا مكتب العمل والمسئولين بالمحلية والذين شكلوا لجنة مشتركة برئاسة المدير التنفيذي وقد قامت اللجنة بإعداد تقرير وافي تم رفعه إلي معتمد المحلية والجهات الأمنية وكل جهات الاختصاص بما فيها مؤسسة التنمية..لم يطرأ جديد علي ضوء هذا التقرير ليظل الحال كما هو بل يزداد تعقيدا يوما بعد يوم وربما ينفجر بصورة تبررها الضغوط المالية والنفسية والآثار الاجتماعية المترتبة علي ذلك.
ماذا تقول إدارة المصنع؟تناول السيد / نصر الدين خير السيد المدير التنفيذي لمصنع الخميرة بالحصاحيصا طرح القضية من منظور الإدارة حيث أكد أن قضايا العاملين أصبحت مصدر قلق للشركاء الذين قاموا بعرض المصنع لشركة ساف الفرنسية وذلك ببيعه إلا أن ذلك لم يتم وبعد ذلك قمنا بر فع مذكرة حول تراكم المديونية وحول حقوق العاملين ونسبة لعدم وجود تمويل ساءت الأوضاع وأبدي الشركاء موافقتهم علي تصفية الشراكة والدليل علي ذلك تم إعطاء الضؤ الأخضر لحصر الأصول الثابتة وتقدير حقوق العاملين والي هذه اللحظة لم يتأتي ما يفيد بتصفية العمالة.
في مساعينا الجادة لإنقاذ الموقف طرحنا أمر شراء أسهم المشاركين إلي مؤسسة السكر وكان ينوب عن الشركاء المفاوض عثمان حسن موسي وقد طرح كل الخيارات المتاحة من بيع كامل أو الدخول في شراكة ومن جانب مؤسسة السكر تم رفع مذكرة إلي شركة ساف لاستشارتها في الأمر وحول استخدام المولاس في تصنيع الخميرة إلا إن ساف أبدت بعض التحفظات حول سلالة الخميرة المستخدمة وحول التسويق وطالبت الشركة بضمانات محددة في هذين الأمرين وبعد أن فقد الأمل في ساف اتصلنا ببنك التنمية الصناعي وعرضنا كل الخيارات بما فيها البيع لأي مشتري.
اختتم المدير التنفيذي حديثه مؤكدا إن المصنع له مستقبل مضمون وخسارة كبيرة للصناعة بالبلاد أن تفقد تصنيع الخميرة احد المنتجات الحيوية والتي لا يمكن الاستغناء عن استخداماتها بالإضافة إلي أن إغلاق المصنع له مردداته السلبية علي العاملين وعلي المنطقة وهذا المصنع صمم لإنتاج الخميرة الجافة إلا إن إدخال الخميرة الطرية أدخلت باعتبارها أفيد وأصلح وارخص علما بان الخميرة الطرية مدة صلاحيتها لاتتجاوز الأسبوعين في الوقت الذي يبلغ متوسط صلاحية الجافة أكثر من عامين بالإضافة إلي إن الخميرة الطرية لها مشاكل تسويقية رفعت التكلفة وكبدت المصنع اعباء أخري ولإنقاذ صناعة الخميرة يجب أن يتم اتفاق تكاملي بين قطاع السكر والذي ينتج المدخل الرئيسي وبين قطاع الدقيق المستخدم الرئيسي للمنتج .
الخاتمة:[/b]كل مقومات نجاح صناعة الخميرة متوفرة بهذا المصنع من البنيات الأساسية المكتملة والتي تحتل مساحة 5 فدان وصالة إنتاج ومكاتب إدارة ومحطة كهرباء وآبار ارتوازية بالإضافة إلي كادر مؤهل من العاملين وتوفر المولاس المدخل الرئيسي والذي يصدر معظمه للخارج و إن إعادة تصنيعه يضاعف من قيمته المضافة وفوق كل ذلك يتمتع المصنع بامتيازات منحت له بموجب قانون الاستثمار والتي يمكن إعادة تجديدها وتتمثل في الإعفاء الضريبي والجمركي وتبقي مشكلة المصنع في التمويل والذي يراكم العديد من المشاكل التي رشحت بدورها في ضعف إمكانيات الإدارة. من واقع جدوى المشروع فان المصنع يحتاج في الوقت الحالي فقط إلي 3 مليون دولار كرأس مال إضافي لمواجهة التشغيل وهذا المبلغ يمثل ثلث رأس المال المستخدم والذي يعادل 30% من الأسهم ومن واقع المردود العائد بحساب الدولار فيقدر بنسبة 22% وفترة قدرها 3 سنوات فقط لاسترداد رأس المال المستثمر كاملا.
ان مشاكل المصنع الإدارية والتمويلية والاخري لايجب أن تكون علي حساب قضايا وحقوق العاملين والذين هم علي استعداد لتقديم المزيد من التضحيات من اجل أن يواصل المصنع إنتاجه ويحقق عائدات اكبر ويناشد العاملون كل المسئولين بالتدخل العاجل لمعالجة التمويل السريع للأجور والمرتبات وهي ابسط الحقوق التي تجعل للعملين قضية عادلة.
نصر الدين خير السيد مدير المصنع
علي عبد العاطي رئيس النقابة
خالد علي العطا امين النقابة
الثلاجات في العراء بعد اغلاق المصتع